«عملية» مصنع الدخان، تشكّل اساءة لسمعة بلادنا وأيضا إساءة الى اجهزة الرقابة ومكافحة الفساد والجمارك والمواصفات والمقاييس والمناطق الحرة وغيرها!!
سوف تجعلنا هذه «العملية» في درك متدنٍّ على مؤشر مكافحة الفساد الذي نحن الآن، وقبل هذه «العملية»، في المرتبة 59 من 176 عليه.
في صيف 1982 اغلق بلدنا ديوان المظالم!! فكتبت موضوعا في مجلة الأفق كان عنوانه: «عم العدل فأغلقوا ديوان المظالم».
ماذا سنكتب عن هذا الإثم الجديد الفاجع؟ اي مؤسسة سنطالب بإغلاقها؟ فهذا الإجرام صعقنا واذهلنا ولطمنا و»تشبحنا» وصب الأسيد على وجوهنا.
يمعن هذا النهب والسلب في إفقارنا وتجويعنا ويمعن في بهدلتنا والحط من قيمتنا. والمفجع انه يتم «عينك عينك» ويحكى انه شغال فعال منذ سنة 2006!
هذا ليس فسادا. أكبر أكبر أكبر. هذا نهب وسلب. وهذه عصابات سلابة، لا نعرف متى تصعقنا عملية جديدة لها، في قطاع آخر، مجددا ومجددا.
دعونا نلغي شعار مكافحة الفساد ونعتمد شعار مكافحة السلب والنهب بدلا منه، لأنه أدق. وآخر الأمر كلها شعارات في الهوا وللاستهلاك!
نريد تعريفا جديدا للفساد. فالفساد يكون خلسة وفي أضيق نطاق وبعلم عدد محدود من الشركاء. أما الذي أمامنا فهو مصنع، مصنع «يا رجال»، مصنع ضخم تم ادخاله قطعا، وعلى عدة دفعات، وتحت عناوين مزورة متعددة. مصنع يحتاج إلى مواد اولية ومواد طباعة وقطع غيار وخبراء وفنيي تركيب وتشغيل وصيانة وموظفي تحميل وتنزيل وتوزيع وتحصيل ومحاسبة.
ويحتاج ايضا إلى «خرمنجية»!!
من هم المتورطون والمرتشون الذين ادخلوا المصنع؟ من هم الذين قبضوا من اجل الإعفاءات من الغرامات؟ من هم الذين بلغوا ونبهوا فسهلوا الفرار وتهريب المطلوب؟
هل تكون «المرجلة» على الأبناء والأشقاء وعلى الذيل؟ وبعد الفرار؟ أم على الرأس؟
«لا تقطعن ذنب الافعى وترسلها،
إن كنت شهما أتبع رأسها الذنبا».
ان المطالبة التي لن نمل من تردادها وتكرارها هي منع وقوع الجريمة، وليس ملاحقة مرتكبيها بعد فرارهم بالغنيمة والإبل!
يقول الناس في بلدنا فساد، فيقولون لهم هاتوا الدليل والمستمسكات وبلاش اشاعات!! وكأن الأجهزة والهيئات، التي تبرطع في المكاتب الفخمة والامتيازات الضخمة، هي اجهزة استقبال وتلقٍّ، وليست اجهزة تقصٍّ وتحرٍّ !!
عملية كبيرة مثل هذه، فيها حيتان كبار كبار، ويجب ان نشهد اطاحة رؤوس كبيرة كبيرة.
والحكومة على حد السيف!!
الدستور