الثورة البيضاء» .. بين طهر النوايا وسوء التقديرات!!
ماهر ابو طير
16-05-2009 06:05 PM
يطلب زملاء أعزاء ومحترمون ، وبطهر نوايا ، ثورة بيضاء ، في مناسبة عيد الاستقلال ، او ذكرى جلوس الملك على العرش ، وكأن هكذا مناسبات يجوز زجها وتوظيفها ، في المناكفات الداخلية ، لاعلان ثورات بيضاء وغير بيضاء ، او تكريس اشخاص جدد كمسؤولين ومنقذين في مناسبة للملك وحده ، ويحدثك اخرون ، عن تغييرات وشيكة ، وان الدورة الاستثنائية قد لا تتم ، ويفتي فريق ثالث ، بأن التغييرات قد تكون بعد الدورة الاستثنائية.
المؤكد هنا ان المرجعيات العليا ، لا تبحث خيار التغييرات هذه الايام ، لا سرا ولا علنا ، وليس ادل على ذلك من "الكلمة الناعمة" التي وضعها رئيس الديوان الملكي في آذان نواب كتبوا استدعاء كأي مواطن على باب رغدان ضد الحكومة ، بدلا من اللجوء الى صلاحياتهم كحجب الثقة او الاستجواب وغير ذلك ، والكلمة الناعمة ، جعلت نوابا يعقدون اجتماعا سريا ، في اليوم التالي للقاء مع رئيس الديوان ، استمر حتى الواحدة ليلا في بيت احدهم ، في جو مثير ، اقر من فيه ، بشعور النواب ، انهم تصرفوا بشكل خاطئ ، وان رئيس الديوان لم يشكل موقفا من استلام الرسالة النيابية ، فاللوزي يستلم الرسائل من اي مواطن عند باب رغدان او عند اشارة المرور ، او باب بيته في حالات اخرى ، وكان الرأي اللافت للانتباه ، ما قاله احدهم ان الملك اذا اراد ترحيل الحكومة ، فسوف يرحلها وقتما شاء ، لكن ليس بناء على "هيزعية" نواب الاخاء ، بل لعل "اعلان البراءة" من علاقتهم برئيس الوزراء ، ادى الى نتائج عكسية واطالت في عمر الحكومة ، وكشف ايضا ، مواقف الناس ، واذ يتساوى النائب مع المواطن في كتابة الاستدعاءات ، نعرف ان التغييرات التي يطلبها كثيرون ، لن تكون مجدية ما لم تأخذ في طريقها مجلس النواب ، ايضا ، على هكذا اداء ، اذا كنا جادين حول تغيير جذري وكامل.
القصة ، من اساسها ، ليس الدفاع عن حكومة نادر الذهبي ، اذ ان هذا واجب الرئيس بالدفاع عن حكومته ، وليس واجبنا ، وانما بمغزى التغييرات التي يروج لها البعض ومعناها ، والعوامل السرية التي تحرك الجو كله ، والمؤكد ايضا ، دون ادعاء ، ان الحكومة اذا كانت سترحل ، فسيكون توقيت رحيلها سرا لدى الملك وحده ، لسبب يتعلق بوجود قضايا اخرى على الحكومة ان تنفذها ، حتى لو لم تتكشف اليوم ، وبحاجة للشهور المقبلة ، اي ان توقيت التغييرات ، ما زال بعيدا بعض الشيء ، وحين تحدث هذه التغييرات سيخرج من يقول "ألم نقل لكم ان الحكومة راحلة".. وهي نبوءة تذكرني بنبوءة من يقول في بداية الشتاء ، ان المطر سيسقط ، قريبا ، وهي نبوءة تقترب من حدود التهريج في هذه الحالة ، فكل حكومة راحلة في نهاية المطاف.
اما لماذا رحيل الحكومة وحزمة التغييرات الاخرى ليس واردا في ظلال مناسبتي الاستقلال والجلوس على العرش ، فذلك عائد ببساطة الى كون المناسبتين ليستا جزءا من المناكفات الداخلية ، ولا يجوز تحميلهما كلفة التغيير او الاختيار ، كما ان هناك تصورا في ذهن صاحب القرار ، لم ينته بعد بشأن المرحلة الحالية ، وبشأن قضايا يريدها من هذه الحكومة ، خلال الفترة المقبلة ، واذا كانت هناك مآخذ على الحكومة ، فهي لا تؤدي الى رحيلها ، حاليا ، وعلينا ان نتذكر اننا امضينا عاما كاملا ، ونحن نتحدث تارة عن التعديل وتارة عن التغيير ، وسنمضي الشهور المقبلة ، في ذات اللعبة ، لعبة التوقيت والاسماء والدلالات ، فيما الثورة البيضاء المطلوبة تذكرني ايضا بشخص رئيس وزراء سابق ، احترمه واقدره ، جاء تحت هذا العنوان منتصف التسعينات ، ولست اعرف هل المطالبة بالثورة البيضاء ، تنحصر في المبدأ ، ام في المبدأ وصاحب الثورة ايضا؟.
الحكومة سترحل حين يريد الملك فقط رحيلها ، وثورة التغييرات في النهج والحياة ، بدأت منذ تولي الملك العرش ، وعلى هذا لا يصح مطالبتنا للملك بثورة بيضاء بعد عشر سنوات ، وكأننا نقول له اننا اضعنا عشر سنوات في التأمل ، والتردد وعدم حسم الخيارات ، واكتساب الخبرة على حساب البلد ، بل ونطالبه للاسف بتحويل مناسبتين حساستين لتكريس وتمجيد اشخاص وخيارات جديدة.
لندعو الله ان يمر الصيف المقبل دون حرب اقليمية ، وبعدها فلنستغرق في مناكفاتنا الداخلية.
m.tair@addustour.com.jo