المشقر ،، حكاية قرية وهوية مكان وقصّة غرام
د.هشام المكانين العجارمة
20-07-2018 12:53 AM
مشقر العز كما وصفها رجالات الوطن لها في القلب مكانة، وفي النفس وقار، وهي الجامعة للأهل والعشيرة والأحبة، مسقط رأسي والمكرمين أهلها، بها معنى الرجولة والنخوة والمروءة والشهامة ونُبل الخُلق وجميله، فيها ذكريات الطفولة وريعان الشباب، بساطة أرضها كبساطة أهلها، وخضرة أشجارها الدائمة كخضرة قلوب ساكنيها، فيها طيب المعشر وحُسن المنبت، وأصالة التربية، وجميل الخلق والأدب. يسكنها من العشائر أطيبها - ولا أزكيها على الله ولا أنحاز - حالها كحال لواء ناعور الأشم والوطن بعامة، أفرزت من الرجال من يحتار القلم بوصفهم، واللسان بمدحهم، ولا غرابة أن تطيب خصالهم وتعلو شهاداتهم وترفرف اعلامهم وتزهو مناصبهم.
مشقر الكبرياء حاضنة الآباء والأجداد الذين عملوا لها بإخلاص فصنعوا مجدها حتى بات أبناؤها رهن الوفاء لماضيها وحاضرها. مشقر العزّة في شيوخها معنى الحكمة والبلاغة والوقار، وفي شبابها معنى الإنطلاق والخير والعطاء، وفي أطفالها معنى الرجولة قبل أوانها، وفي عصائب نسائها معنى العفّة والطهارة.
مشقر الإخاء في مكانينها العلياء، وفي مطرها العطاء، وفي عقيلها الصفاء، وفي هلالاتها البهاء، وفي شوفيينها الإباء، وفي عموم مطيريينها الضياء، وفي دراعينها الوفاء، وفي أطرشها جميل الالتزام وحُسن الثّناء.
مشقر الشموخ وهي تتربع جاراتها اللواتي يفخرن بها وهي بهن تفخر، أخّرت نفسها مكاناً لتقدم غيرها فكان منها معنى الإثار لتلمس التقدير والوفاء والتقديم ممن أحبها، لم يرضى لها أبناؤها يوماً إلا المجد فقدموه لها لعلها ترضى منهم الوفاء والإخلاص والمحبة، لأجلها تميزوا ولعيونها أبدعوا وفي سمعتها تربّعوا، حتى بات لهم المقر طيباً والمكان حاضناً وإن ابتعدوا فالعودة والحنين حتماً على الرقاب عاكفا.
مشقر الطبيعة الداخل إليها يشعر برحابة أفقها وإتساعه لكل من زارها، في سهولها جمال يشرح الخاطر، وفي هضابها ما يجلي النفس، وفي جبالها شموخ الجباه، من تيمّم ترابها عرف معنى الطّهارة، ومن شرب من ماءها ارتوى فعاد لها كالفاقد حوائجه، ومن تنفس هواءها عرف معنى الحنين للأقصى، لا يرتادها إلا من يعرف حقيقتها وحقيقة أهلها.
مشقر المكان على أبوابها تتربع الألمانية الأردنية ريحانة الجامعات المعانقة لتل حُسبان حيث الآثار والأعمدة والمسرح والكهوف، مشقر المكان في سمائها يطيب للصقور أن تطير، وفي أعالي جبالها يطيب للخيول الصهيل، في سهولها تتراقص سنابل القمح، وفي هضابها يفوح أريج اللوز والتين والزيتون، وفي أوديتها يطيب لعين سوميا الخرير، منبع الماء الزلال وعطر المكان وياسمينه.
مشقر الوئام وهي الناظرة بعينيها إلى فلسطين صباح مساء لتسنشق هواء الصمود، فتقرأ السّلام على الأقصى والقيامة، أرض الشهداء والمجد والفخار والعزّة.
مشقر الحنين في طرقاتها للشوق عنوان، وفي نسائمها للخاطر إنشراح، وفي عاداتها للنفس إنكسار، وفي جميل وصفها تتلعثم الشفاة وتتوقف الكلمات.
دمت يا بلداً عشقنا سهلها والهضاب والجبلا.