"الحرية سقفها السماء، من أقوال جلالة الملك، وفولتير يقول: رغم أنني أخالفك الرأي لكنني سأدافع حتى الموت عن حقك في أن تقول رأيك، وآخر يقول: إن الألفاظ هي الثياب الجميلة التي بها نزين أفكارنا، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: لا خير فيه إن لم يقلها ولا خير فينا إن لم نسمعها".
في الأسبوع الماضي وعلى هامش إحدى المناسبات الاجتماعية جمعتني بالعديد من مثقفي البلد وبعض المسئولين السابقين، الذين بدورهم أشادوا بالعديد من المواقع الالكترونية وفي مقدمتها عمون العزيزة، على اعتبار أن الصحافة الالكترونية أصبحت أكثر انتشارا وسرعة في نقل الحدث وأخذت تحتل مكانا مرموقا بين مختلف وسائل الإعلام إن لم تكن تتربع على قمتها، لكنهم ابدوا استياءً شديداً من بعض التعليقات التي ترد على بعض المواقع الالكترونية والتي أصبحت خارجه عن النص الوطني الملتزم بقضايا الوطن والأمة، لدرجة إنهم تصوروا وجود حروب طاحنة تدور رحاها على صفحات مواقع الالكترونية، مشيرين إلى التعليقات التي لم يسلم منها أي كاتب، ولم تقتصر تلك التعليقات على شخص الكاتب وحده حيث تعدت إلى أهله وعشيرته لا بل ومدينته قاطبة، ووصلت المعارك الكلامية بين المعلقين أنفسهم بين مؤيد لهذا ومدافع عن ذاك.
أسوق هذه المقدمة بعد أن تكاثرت في الآونة الأخيرة المواقع الصحفية بمنابرها ومنابتها المختلفة، الورقية منها والإلكترونية، وتكاثر معها الكتاب والمعلقون بعضها مفيد وكثير منها ضار، وبعضها يقع بين النفع والضرر، ومن خلال رصدي لتلك المواقع، لاحظت أن بعضها يتمتع بمصداقية عالية ويعمل على نقل الخبر أو الحدث كما هو توضيحاً للحقائق والمعلومات لمتلقيها بدأً من القارئ المغمور إلى الحصيف مرورا بصانع القرار الذي يعتمد في قراره على مدى الصحة التي تحملها المعلومة، وكثيرا ما رأينا أو سمعنا عن قرارات صدرت لتصويب أوضاع ومخالفات تم إثارتها من على تلك المنابر، مثلما رأينا العديد من القضايا المنظورة أمام المحاكم جراء التشهير الحاصل من قبل تلك المواقع.
وبموازاة ذلك نجد ايضاً الكثير من المعلقين الذين يبدون آرائهم وتعليقاتهم على ما يثار في تلك المواقع، وتقع تعليقاتهم أيضا بين نقد لصانع الخبر أو الحدث أو ناقله، وبين تشهير في أحيان كثيرة لكليهما يتجاوز حدود النقد المألوفة، بحيث أصبح من غير الممكن الإدعاء بالمطلق بعدم وجود تلك الفئة التي أساءت استخدام تلك المنابر في التعبير عن آراء لا ترقى إلى مستوى الخبر أو الحدث، وانصب جل تعليقاتها على شخوص الخبر وعائلاتهم بقصد الإساءة والتجريح، مختبئين خلف أسماء مستعارة رغم عدم معرفتهم بشخوص الخبر في أحيان كثيرة.
وللأمانة والمصداقية لا بد من الاشارة الى الكم الأكبر من المعلقين الذي يتحلون بالمسؤلية الملتزمة تجاه القضايا الكثيرة المثارة عبر تلك المواقع والتي تهم الوطن والمواطن.
ومن هنا فنحن مطالبين جميعا- كتاباً ومعلقين- بان نكون على مستوى العبء الملقى على عاتقنا أنّا كانت مواقعنا، ناقلين للخبر أو صانعين له، وبموازاة ذلك ايضا فان تلك المواقع مطالبة بالالتزام بالميثاق والشرف الصحفيين أكثر من غيرهم، حيث أنهم المنظار الذي يرى عبرهم الآخرين، ويعتمدون على مصداقيتهم في كثير من قراراتهم.
إن الذي دعاني لكتابة هذه العجالة، هو ما أثاره بعض الكتاب في مختلف المواقع الإلكترونية لبعض المواضيع المهمة والحساسة ومن النظرة الفاحصة للتعليقات، تجد أن العديد من المعلقين يوزعون صكوك الغفران تارة ومشككين بانتماءاتهم تارة أخرى، ولم تتورع تلك المنابر عن نشر تلك التعليقات بحجة حرية الرأي والتعبير.
ومن هنا لا بد من معرفة الحد الفاصل في العلاقة القائمة بين حقك في أن تقول رأيك وبين الرأي بحد ذاته، نحن مع حقك في أن تبدي رأيك بكل صراحة ووضوح في أي قضية تهم الوطن والمواطن وان تقوم بنقد بناء لأداء أي مسئول لا يقوم بواجبه بالشكل المطلوب، أما التجريح والتشهير الشخصي فليس من حق أحد أبداً، وإظهار الحقائق لا يعني أبداً النيل من سمعة وكرامة وكبرياء خلق الله، فلنتق الله في أنفسنا ولنقل كلمة حق أو لنصمت.
kalilabosaleem@yahoo.com