دائما تكون عواقب حسن الاختيار إيجابية، حتى لايضطر الانسان لمراجعة سريعة لاختياره، وربما تكون عملية الاختيار برمتها في مهب الريح.
عندما تريد أن تزرع أشجاراً مثمرة، وقد يقع فيها الكثيرون وأنا واحد منهم، نقع في عملية غش من البائعين، يزينون لنا نوع الأشجار والثمار، ونكتشف بعد تربية تدوم سنوات أنها إما لاتثمر أو أن ثمرها غير جيد، فنضطر الى عملية تركيب قد تنجح أو لاتنجح ويذهب تعبنا سدى ناهيك عن الخسارة المادية.
قد نختار مكان بيت نظن ان المنطقة هادئة، وذات طراز معماري جيد، ونوعية من السكان والجوار مريحة، بعد سنوات تكتشف سرعة الاكتظاظ وبناء الطوابق، فنضطر لبيع البيت أو تأجيره والانتقال لمكان آخر.
قد نختار أصدقاء بناء على سمعة ما، أو توقعات، أو مظهر في السلوك ظننا انه خيراً، فنكتشف المصلحية، والغدر والنفاق، والطعن، فنضطر لوقف تلك الصداقة بعدما تورطنا فيها بمشروع اقتصادي أو سياسي، كلفنا جهدا ومالاً وذلك لأننا لم نحسن الاختيار.
قد يختار الفرد زوجة بناء على مواصفات معينة، والزواج من أخطر المشاريع، لإن البيت والصديق والشجرة، يمكن بسهولة ان تتخلى عنهم رغم الالم المعنوي أو المادي، ولكن الزواج والأولاد ومسؤوليتهم في المستقبل مسؤولية من بعد قضاء هذه السنوات، السبب لأننا لم نحسن الاختيار، ولذلك فإن القرآن لم يشر لموضوع الحب في الزواج، لانه قضية عاطفية تقوى وتضعف وإنما أشار الى المودة والرحمة وهما الباقيتان لاستمرارالعلاقة بين الطرفين كما هو الحال مع الزوج أيضا مع الزوجة التى تكون مشكلتها اكبر من الرجل لتقدم العمر، أوانعدام الدخل، أوعدم التخلى عن الأبناء وحضانتهم، هي والحيط مستقبلا إما ان تكون تجارتها رابحة أو خاسرة لا سمح االله فالبنات بناتنا واخواتنا.
كان اختيار الرسول صلى االله عليه وسلم كما ورد في الحديث بين الأشياء للأيسر (ما خير رسول االله صلى االله عليه وسلم بين أمرين قط إلاّ اختار أيسرهما) هذا فيما يتعلق بالعبادات والمعاملات مالم يكن في الأمر إثم كما هو الحال في الشأن الشخصي، هي الحال في الشأن السياسي، وهي مسؤولية الناس حيث تلعب العلاقات العامة والشخصية والترشيحات من الأشخاص ومراكز القوى والتى لا تخلو من الرغبة الشخصية دورها في التمكين، والرسول صلى االله عليه وسلم يقول (من أمرعلى ثلاثة من المسلمين شخصا وفيهم من هو احق منه فقد برئت منه ذمة االله ورسوله) فالإمارة مسؤولية، لاتولى إلاّ لمن يؤتيها حقها، ويكون كفؤا لها، لان المسؤولية السياسية بدون قواعد وأسس ومرجعيات واضحة ولإنها احيانا فردية، تعتمد على الانطباعات واللقاءات والصدفة، فإن من يقوم بها يكتشف بعد فوات الآوان ان اختياره لم يكن في مكانه وانه مضطر لاجراء التغييرات التى تهدر الوقت والمال وتدخل في باب التجربة، وقد مرت هذه التجربة مع كل المسؤولين الذين أعطوا هذه الفرصة، كل ذلك لإننا رغم ثقافتنا وتعليمنا، لم نقدم لغاية الآن نموذجا مستقرا للقوانين السياسية والعمل السياسي تسمح بالمؤسسية، والمرجعية الشعبية الواعية ولو اصطدم هذا الامر مع رغباتنا الشخصية التى بالقطع لن تتحقق إلاّ بالاختيار الشخصي والعلاقات الشخصية وعلى قاعدة (اللي يجي بوجهك شيله) حتى ولو اصطدم مع قواعد المجتمع وعمق ثقافته وتقاليده.
الرأي