"بصمة" البرنامج الوطني الصيفي في دورته الثانية
فيصل تايه
18-07-2018 09:25 PM
تبدأ وزارة التربية والتعليم يوم السبت القادم الحادي والعشرين من الشهر الحالي بتنفيذ فعاليات الدورة الثانية للبرنامج الوطني الصيفي «بصمة» والذي سيتم إطلاقه برعاية سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد ، بدعم من مؤسسة ولي العهد والعديد من المؤسسات والهيئات العامة والخاصة ، حيث من المتوقع ان يشارك فيه ما يزيد عن 50 ألف طالب وطالبة من الصفين التاسع والعاشر، حيث من المتوقع ان تستمر فعالياته حتى التاسع عشر من شهر آب المقبل ، وسينفذ في 140 مركزا موزعا على 42 مديرية للتربية والتعليم من مختلف مناطق المملكة ، وبواقع 200 طالب ولمدة 13 يوما لكل مركز وحسب البرنامج التنظيمي المعد لذلك .
وتأتي الفكرة من البرنامج الى تعزيز الهوية الوطنية والانتماء والولاء لدى ابنائنا الطلبة من خلال تنفيذ مجموعة الفعاليات والانشطة اللامنهجية لاستثمار طاقاتهم واظهار ابداعاتهم ، وكذلك فان هذا البرنامج الوطني الريادي يهدف إلى استثمار أوقات فراغ الطلبة خلال العطلة الصيفية تحديداً ، وإكسابهم مجموعة من المهارات والتجارب في التفكير الناقد والحوار والقبول بالآخر وتطوير قدراتهم وتحفيز طاقاتهم الإبداعية ، إضافة إلى تعزيز قيم العمل التطوعي والخدمة المجتمعية التطوعيه اضافة الى تعميق معرفة الطلبة بالحقوق والواجبات ، وتنمية ثقافة المشاركة والعطاء المجتمعي لديهم ، حيث يأتي هذا البرنامج بكل مكوناته انطلاقا من إيمان وزارة التربية والتعليم بضرورة إكساب الطلبة مجموعة من المهارات التي تساعدهم في بناء ذاتهم و قدراتهم وتعزز ثقافة الحوار لديهم ، وكذلك الاسهام في رفدهم بالمهارات الحياتية والأنشطة الرياضية والكشفية المتنوعة ، الى ذلك فان البرنامج يتضمن عددا من الأنشطة ، تشمل التدريب العسكري والأنشطة التوعوية والنشاط الثقافي الحواري والنشاط الفني والمهارات الكشفية والإرشادية والنشاط الرياضي والخدمة المجتمعية والعمل التطوعي.
ان السياسات التربوية التي تنتهجها وزارة التربية والتعليم من خلال هذه البرامج اللامنهجي والمتعلقة بأبنائنا الطلبة هي سياسات صائبة كنا على الدوام بحاجتها حتى لا نخسر المستقبل ، فكانت التجربة الاولى خلال العطلة الصيفية للسنه الدراسية الماضية والتي حققت نجاحا ملموساً ، حيث ادرك القائمون على العملية التربوية اهمية هذه البرامج وتأثيره الإيجابي في مواجهة التحديات التي تواجه ابنائنا في هذه الألفية ، فبدأ العمل على دعوة كافة القطاعات العامة والأهلية من أجل الدعم والمساندة لزيادة عدد البرامج الهادفة وتنويعها وتوسيع قاعدة المشاركة واستقطاب اكبر عدد ممكن من الفتية والفتيات من أبنائنا الطلبة الذين يشكلون الفئات الواسعة من أطياف مجتمعاتنا الفتية من حيث العدد والزخم ، فيما يشعر الكثيرين منهم وعلى مسمعي كقائد تربوي ميداني وعلى تماس مباشر مع قضاياهم أنهم الفئة الأكثر إحباطا وتهميشاً ، لما يواجهونه من تحديات جسيمة تتعلق ببرامج تعلمهم ، فهم يفتقدون إلى الاستراتيجيات القادرة على تلبية رغباتهم وتقصي حاجاتهم بشكل يعزز ثقتهم بأنفسهم ، والتي يمكن ان تدفع بهم باتجاه النجاح والإبداع ، فهم في أمس الحاجة إلى من يلتفت إليهم ويهتم بأفكارهم ويحقيق تطلعاتهم لوقف هدر طاقاتهم وتمكينهم من امتلاك الأدوات الفاعلة للتواصل تمكنهم على ضوئها من الإفصاح عن هويتهم وتعزيز ثقافة الحوار لديهم وتقبلهم للرأي والرأي الآخر كي يتمكنوا من أداء دورهم الطليعي ، بعيدا من التهميش والإقصاء والحرمان وإشباع الحاجات .
إن تداعيات التحديات التي تعصف بطلبتنا من كافة الفئات العمرية كان له التأثير القوي على فكرهم تحديداُ ، وأصبحت في الفترة الاخيرة صورة التمرد هي الصورة التي يرونها ، ذلك بتشبعهم بثقافة جديدة بفعل غزو ثقافي وفكري استهدفهم بصور قوية مستغلا أبوّة مجتمعنا واحتكاره لمراكز القيادة المجتمعية وتهميشه لدور الفتية باستغلال أسلحتهم العصرية وشغفهم بها عبر وسائل الاتصال الالكترونية الحديثة والفعالة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي عبر الشبكة العنكبوتية والقنوات الفضائية وغيرها وتحويلها لوسائل تثقيف وتوعية لتحاكي الشباب وتشبع رغباتهم الثائرة ونيرانهم الخامدة ومستغلة عدم وجود البرامج التي تحاكيهم بلغتهم .
ان مبادرة " بصمة " الوطنية هي احدى المبادرات الفاعله والزاخرة ببرامجها لاحتوائها على أدوات فاعلة وأفكار إستراتيجية وبرامج نهضوية موجهه لفئات الطلبة من الصفين التاسع والعاشر بصورة خاصة ، لما لها من اهمية من خلال برامجها المتضمنة ثقافة موجهه تضرب بعمق ضمير هذه الفئة العمرية اليانعة ، تخاطبهم بلغتهم وتفكيرهم وترشدهم للابتعاد عن الاستهلاك والمدنية الزاهية ليتمكنوا من مجابهة شعاعها الأخاذ ، بل وتوجههم نحو الايجابية والابتعاد عن الطرق المضللة بحيث لن يكونوا فريسة سهلة للأفكار الخبيثة واللئيمة التي تعبث بعقولهم وتوجههم نحو العنف أو نحو تبني رؤى ومعتقدات هدامة غريبة عن عاداتنا وقيمنا، والمساعدة في التصدي لأي شكل من أشكال البؤس والحقد .. وتوعيتهم بالمشهد الاجتماعي والثقافي والعلمي والفكري ، فقد بات من واجبنا الان وقبل اي وقت مضى كمؤسسات تربويه ان نزرع في نفوس ابائنا الطلبة الفهم الصريح لمنطق الحياة المعاصرة كخيار حتمي وترسيخ مفاهيم الوسطية والاعتدال ، وبالضرورة إلى التأكيد على تبني منظومة القيم التي يحل فيها الإيثار بدل الاستئثار ، وروح التسامح بدل العصبية ، والحوار والتفاهم والقبول بالآخر بدل الاختلاف والتزمت والإقصاء ، وضرورة الوقوف على القضايا التي تمس طلبتنا بعيداً عن الشعارات والهتافات ، فمن المؤكد أن طلبتنا أكثر وعيا وإدراكا لواقعهم وتقديراً لمستقبلهم ، وهذا ما ينبئ بمستقبل زاهر للأجيال القادمة للنهوض والرفعة ، بعيدا عن الصمت والخوف والانكسار .
وأخيراُ فان الدعوات المتكررة لجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين في هذا السياق ما زالت جلية واضحة وجادة بالعمل على أهمية تأهيل طلبتنا ليكونوا قادرين على تحقيق النقلة النوعية ضمن برامج وخطط مدروسة تساهم في اكتشاف طاقاتهم وإبداعاتهم وقدراتهم لإعداد جيل مدرب وواعي قادر على حمل المسؤولية تجاه انفسهم واهلهم ووطنهم ، وخلق شبكة تعاون بين الجميع للمساهمة في تطوير مشاريع مستقبلية تخصهم بدفع كافة الهيئات والمؤسسات والتعاون فيما بينها للارتقاء ببرامج هادفه تعمق منظومه القيم الاصيلة .
شكرآ سيدي صاحب السمو الملكي الامير الحسين ولي العهد المعظم على رعايتك لبصمة الوطن هذه .. شكرا وزارة التربية والتعليم .. وشكرا معالي وزير التربية والتعليم .. وشكرا ادارة النشاطات التربوية والعاملين وشكراً لكل الهيئات والمؤسسات الداعمة على هذه البصمة التي ستخلد في ذاكرة ابنائنا الطلبة لتلامس بصمتهم لتأخذ مكانها في نفوسهم لتبعث على الأمل والتفاؤل في خضم منظومة جديدة ، وهذا لن يجلب النتيجة المرجوة إلا بتكريس وتعميق مفاهيم "بصمة" الحقيقية والتي سرعان ما ستاتي اكلها في المستقبل القريب ..
والله ولي التوفيق