من هم الضحايا ..
العميد المتقاعد هاشم المجالي
18-07-2018 09:09 PM
ما بين البيانات الوزارية التي تقدمت بها هذه الحكومة والحكومات السابقة والنقاشات البرلمانية التي جرت بالماضي وتجري حاليا تذكرت هذه القصه.
كنت ذات مرة اجلس عند المقدم شفيق الحلحولي (عميد متقاعد حاليا) والذي كان وقتها رئيسا لمركز امن الغويرية بمدينة الزرقاء وكان منزعجا جدا من نقاش احد الموقوفين لديه بالنظارة اثناء التحقيق معه بتهمة الزنا والذي تم مشاهدته بمنزل جاره (تحديدا بغرفة النوم مع زوجة الجار التي فررت الموقوف من إحدى الشبابيك )، وكان فحوى النقاش يدور حول ان الموقوف يطالب شفيق بيك بأن يجمعه مع الجار الزوج المشتكي لعله يتنازل عن الشكوى (الزنا) ،ولكن شفيق بيك كان يرفض ان يجمعهم مع بعضهم البعض متخوفا من ما لا يحمد عقباه ، ولكن اصرار المشتكى عليه كان عجيبا وغريبا وبدى متفائلا جدا بإنهاء القضية بالصلح مما جعل فضولي يكبر ويزداد من ما سيجري من حوار بين المشتكي والمشتكى عليه ،وبالفعل تدخلت و رجوت شفيق بيك ان يجمعهم بمكتبه وان يتخذ الأحتياطات الأمنية اللازمة من قوة تمنع اي اعتداء قد يحصل .
اقتنع شفيق بيك وأحضر المشتكي زوج الزانية اولا الى مكتبه والقى عليه خطبة عصماء هو غير مقتنعا بها (مثل خطابات بعض السادة النواب )تحثه بالألتزام بالقانون وأن لا يقوم بأي عمل من شأنه ان يؤدي الى حرمانه من اولاده وضياعهم وتشتتهم ، ثم جعل هناك مسافة كافية بينهما ووضع بعض رجال الأمن تحرزا واحتياطا قبل أن يدخل المشتكى عليه الزاني الى المكتب حيث دار الحوار التالي بينهم :
المشتكى عليه (الزاني) يقول للزوج المشتكي يارجل يا زلمه إحنا جيران واصحاب من زمان وبينا عيش وملح وخلص انا بتأسف لك والي بدك إياه بصير وبرضيك بس خلصنا .
رد عليه المشتكي (الزوج) : كم مرة كنت تتأسف وتعتذر وتقول لي انك لن تعيدها ، وكم مرة يتدخل بعض الناس (وذكر بعض الأسماء) وتتوسط عندي و كنت تتأسف وتعتذر وتقول لي انك لن تعيدها وكانوا الوسطاء يتعهدوا لي بأنك لن تكرر فعلتك هذه أبدا ،إلا انك ما بتستحي ولا تحترم حرمة جارك .
فرد عليه المشتكي : بتحكي صح… .لكن هاي اول مرة نصل فيها إلى الشرطه ورح تكون هاي آخر مرة ولن اعيدها مرة اخرى ، واحكيلك (يقول المشتكى عليه ) خلص اذا بدك رح ارحل من الحاره كلها وما تشوف شكلي نهائيا .
عندها توجه المشتكي( الزوج) الى شفيق بيك بالكلام قائلا له: هل تضمنه يا سيدي انه ما رح يعيدها زي المرات السابقة .
عندها تدخلت أنا عند شفيق بيك قائلا بالله عليك ان تضمنه مادام أنه سيرحل ولن يكرر فعلته مرة اخرى ،
ونظر المشتكى عليه الى المشتكي مستعطفا إياه و مخاطبا له قائلا :خلص أنا آسف عنجد آسف والله أنا آسف ولن اعيدها .
عندها نظر المشتكي (الزوج) الى شفيق بيك وقال له خلص يا سيدي انا بتنازل عن الشكوى بشرط ان تاخذ عليه تعهد خطي عندك يضمن عدم تكرارها مستقبلا وهذا التعهد يبقى موجودا حتى لو انت انتقلت يا سيدي وأتى رئيس مركز غيرك سيعرف أن هذا الشخص نقض تعهداته .وبالفعل تنازل المشتكي عن شكواه و حقه الخاص ولكن شفيق بيك حول القضية الى المحافظ وربطه بكفالة عدلية وهكذا انتهت القضية.
ما يجري الآن بمجلس النواب من خطابات ومناقشات لبيان الحكومة يجعلنا نحتار بين الشاكي والمشتكي عليه و من لديه الغيرة على شرف الوطن وكرامتة كما هو حال المشتكي والمشتكى عليه ، ولكنني بت متأكدا ومتيقنا ان هناك ضحايا بالمجتمع لا ذنب لهم لإنعدام الغيرة على الشرف والكرامة مثل زوجة المشتكى عليه وأطفال المشتكي فيما لو اتفقوا وهذا هو حال الشعب اذا ما اتفقا مجلس النواب وهيئة الحكومة فإن عامة الشعب قطعا سيكونوا هم الضحايا لهذا الإتفاق.