الشهادة الأمثل في الزيارة البابوية ؟!
15-05-2009 01:42 AM
الدروس المستفادة من الزيارة البابوية لبلدنا الحبيب ، والتي يجب أن يلتقط دُرَّها الثمين المعنيون من أصحاب القرار في الدولة الأردنية ، الذين نرجو بين أيديهم أن يتبنوا هذه الدروس ويقوموا تبعاً فورياً لذلك ، برسم خارطة طريق تكون بالضرورة فلترةً لمقترحات تتوسل الممكن نحو التطبيق ، وهي فيما نحسب مقترحات من شأنها أن تستدعي جلوس هؤلاء المعنيين حول مائدة مستديرة ، بغية الانتفاض نحو إحداث حالة من الاستفزاز لما تحت فروات رؤوس المعنيين ، من عصف ذهني يفضي بدوره إلى توصيات من شأنها أن تنهض بالخارطة / الخطة آنفاً ..
التوصيات هذه يجب أن تكون على جميع المستويات بدءاً بالاقتصادي .. من بابه السياحي ، فالبريق في عينيّ الوزيرة الخطيب هو ذاته في عينيّ العين بلتاجي ، في صحبتهما مع باقي المعنيين لقداسة البابا والوفد الفاتيكاني المرافق ، ولعلي هنا لا أذيع سراً ولو من باب أن الفضل يجب أن يُنسب لأهله ، إذا ما أضفت بأن معالي الصديق (مديري الأسبق) العين بلتاجي ، قد باح لي ، وزيراً وعيناً ، غير مرة ، بشغف ما أطلق عليه مصطلح تنمية ( المنجز السياحي ) ..
غير أن ما راكم عليه السيد البلتاجي حين كان مستشاراً لجلالة الملك ، إذ كانت وبالمناسبة حصة الأسد في مهمته قرب جلالته هي وفيما أعلم للشؤون السياحية ، ما لمسنا نتائجه على الأرض في إهاب الزيارة البابوية الثانية عام 2000 ، وهو باختصار ثمرة جهوده كرئيس للجنة السياحة في مجلس الأعيان مع الوزيرة الحالية مها الخطيب ، والذي جاء حصاده الثاني على الأرض في الزيارة البابوية الحالية هذه ، وما نقفز في هذا المقام .. ومن باب الإنصاف ، عن بصمات الجنود المجهولين في عمان والفاتيكان سواء بسواء ، والتي جاء أُكلُها ثمراً طيباً تمثل في الزيارة المباركة هذه ..
أما عن غير تصريح لقداسته بأن الأردن بقيادة جلالة الملك ، يستوي النموذج الأمثل في العيش الأخوي بين المسلمين والمسيحيين الأردنيين ، وهي منزلة سامقة الشأن بامتياز تتقدم كثيراً على المصطلح المتداول وأعني التعايش الديني ، فحسبي الإشارة فقط إلى قصص ومواقف ونماذج إنسانية أيضاً ، من شأنها أن تكون دليلاً قاطعاً على هذه الوشيجة المقدسة .. بأي حال وفي كل حين ، ما في مكنتها منفردة ومجتمعة التوكيد على النمذجة الاجتماعية في أردننا الأشم ..
جارتنا العريقة في مشاريق عمان منذ أربعين عاماً ، مسيحية من بلدة (الحصن) في محافظة إربد والمرحوم زوجها من بلدة (صمد) في محافظة عجلون ، هي خالتي أي شقيقة المرحومة أمي وأنا أعني تماماً ما سطرت ، إذ كانت و في أكثر من بوح لست الحبايب أقرب لها من شقيقاتها الأخريات ، كانت إذا زارت أمي في رمضان تقسم أغلظ الأيمان قبل أن تدخل البيت .. وشرطاً للدخول ، أن لا تحتسي شيئاً لا قهوة ولا شاياً وطبعاً لا حلواً أو طعاماً بالتالي ، وحين يرفع الآذان من مسجد الحي القريب من المكان ، تراها كنت تسمعها وبمنتهى الشفافية والعفوية تشهد وتوّحد كما تفعل المرحومة أمي ، حتى لا أقول وكم سمعتها وبشكل واضح أنها كانت تنطق الشهادتين ، شأن كل الختيارات الطيبات من أمهاتنا المسيحيات في طول المعمورة وعرضها ..
انطلق ذات مساء صيفي من بيتها صوت (مهاهاة) مدججة بالزغاريد ، وكانت كلمات المهاهاة تلك تردد الصلاة على النبي الحبيب عليه الصلاة والسلام ، وهي تحديداً ذات المهاهاة المشهورة لدى فلاحاتنا الطيبات و أزيد من مسلمات ومسيحيات : (آوها يا ناس صلوا على محمد .. آوها صلاة صلاتين : صلاة على محمد .. و صلاة ترد عن عرسانا العين) ، أما الثانية : (آوها يا رب بارك عل (العريس) سبع بركات .. كما بارك محمد على جبل عرفات) ، وحين عادت المرحومة أمي بعد أن استجلت أمر المهاهاة ، وجدت أن جارتها العزيزة هي صاحبة الصوت ، إذ كانت تحتفي بالعريسين الشابين الذين كانا مستأجرين لشقة في بيتها ، وكانا مسلمين من العراق الشقيق ، وعلى لسان أمي نقلاً عنها : (يا ميمتي ما لهومش ناس ولازم حدا يفرحهم ويفرح بيهم) .. (الخ) ..
وبعد .. فأهلاً بقداسة الضيف الذي يعرف قدر الأردن ملكاً وشعباً وأرض قداسات ، والذي حسم قراراً مسيحياً مفاده بأن الحج إلى الأردن هو حج كامل وصحيح ، ما يعني وفضلاً عن التوكيد على مكانتنا الرفيعة في العالمين ، أن لبنة قوية قد دُكّت في معمار الاقتصاد الوطني .. من بابه السياحي ، فأهلاً بقداسته مرة أخرى و بكل ضيوف جلالة سيد الركب المفدى ، في أردننا الغالي الذي إلى سماحته ووسطيتّه وشمائل أهله الطيبين تُشدُّ الرحال ... ]
Abudalhoum_m@yahoo.com