التعليم العالي في تقرير المجلس الاجتماعي والاقتصادي
أ.د. أمل نصير
16-07-2018 01:22 PM
عقد المجلس الاقتصادي والاجتماعي لقاء تشاوريا بمشاركة نخبة من الخبراء والمختصين لمراجعة أحوال التعليم العالي في الأردن ضمن تقرير "حالة البلاد"؛ وذلك لإيجاد توافقات عن طريق الحوار بين الأطراف المعنية، وتقديم التوصيات التي تساهم في صنع القرار، إذ إن المجلس بصدد إصدار مراجعة للسياسات في المجالات الاقتصادية والاجتماعية كافة، ومنها قطاع التعليم العالي.
استند التقرير إلى قراءة الاستراتيجيات الحكومية وتقييمها، ورصد مدى تطبيق هذه الاستراتيجيات، وتحقيقها للأهداف المعلنة بصورة موضوعية، وقد قدم التقرير الذي لقي استحسان عدد من الحاضرين عرضا لأهم ملامح التعليم العالي، وأبرز التوصيات لتطويره، وبعد ذلك فُتح باب الحوار الذي أفضى الى طرح أسئلة كثيرة مهمة منها: عدم تنفيذ الاستراتيجيات المختلفة الذي أرجعه وزير التعليم العالي لغياب الجدية والمتابعة، وأكد ان الوزارة قامت بخطوات لا بأس بها في تنفيذ الاستراتيجيات الخاصة بالتعليم العالي، لاسيما الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية إذ يوجد في الوزارة وحدة خاصة مكلفة بمتابعتها وتنفيذها.
وتهدف هذه الاستراتيجية التي وصفها التقرير إلى ضمان توفير تعليم عال منصف وعالي الجودة وبتكاليف مقبولة بحلول العام 2025؛ مما يتطلب مشاريع أنظمة إصلاحية في قطاع التعليم العالي أرسل بعضها إلى ديوان التشريع، تتعلق بمختلف المجالات مثل: الحوكمة، والمساءلة، ومزاولة مهنة التدريس، وتنظيم العلاقة بين مالك الجامعة الخاصة وإداراتها وغيرها.
تميّزت جلسة النقاش بمستوى الصراحة فيها، فقد أعلن عدد من الحاضرين أن ما لحق التعليم العالي من تراجع يعود إلى غياب المؤسسية، واللجوء إلى الواسطة والمحسوبية والمناطقية...فأما غياب المؤسسية، فهو سائد في مؤسساتنا الوطنية، فقلما تجد مسؤولا يتابع ما بدأه السابق له، فكل واحد يريد أن يثبت ذاته بإلغاء ما جاء به غيره، بل أكثر من ذلك يريد محو السابق حتى لو أدى إلى إضعاف المؤسسة، بإلغاء قرارات تصب في مصلحتها، ولما كانت التغييرات كثيرة، وكل إدارة تعمل على إقصاء ما له علاقة بسابقتها؛ فإن العاملين فيها يصابون بالإحباط، ويتركون للخوف من التغيير القادم.
أكدت التوصيات ضرورة إعادة برمجة التخصصات؛ لتتماشى مع السوق كالحال في كليات الأعمال، وإلى ضرورة التشبيك مع القطاع الخاص؛ لتحسين نوعية التعليم .
أثار المجتمعون أيضا برنامج الموازي بين الإلغاء والإبقاء، إذ لا خلاف على أن الموازي رفد عددا من الجامعات بالمال الوفير، لكنه أثر على مستوى الخريجين، وأغرق المجتمع بأفواج من العاطلين عن العمل رغم كلفة تعليمهم العالية، إضافة إلى أنه غير دستوري، وأدى إلى احتقان اجتماعي، وأي قرار لا يأخذ البعد الاجتماعي يعتوره القصور، وفي مجال التمويل أشار عدد من المتحدثين إلى ضرورة إعادة ضريبة الجامعة للجامعات لسداد مديونتها، وإعانتها على الاستمرار.
وفي إطار الحاكمية تساءل المجتمعون: أيهما أفضل الطريقة الجديدة في اختيار رئيس الجامعة أم طريقة الاختيار المباشر التي اعتمدت لسنوات طويلة في الزمن الذهبي للتعليم في الأردن، وأفرزت رؤساء جامعات على قدر عال من الكفاءة لاسيما أن التشكيك هو سيد الموقف اليوم قبل وأثناء وبعد اختيار رئيس الجامعة، خاصة مع تغوّل وسائل التواصل الاجتماعي، وفوضى المواقع الإلكترونية.
رأى المتحدثون أيضا أن لا بد من تأهيل القيادات الأكاديمية والإدارية في الجامعات، فلا يعقل أن نائب رئيس جامعة –مثلا-لا يعرف كثيرا مما يتعلق بالجامعة من قوانين وتعليمات، وعليه طالب الحضور بضرورة اعتماد الكفاءة والمهارات والقدرة على القيادة في اختيار القيادات الجامعية لا العلاقات الشخصية.
ويبقى السؤال: إلى أي مدى تستطيع الحكومة تلبية طموحات التعليم العالي في الأردن، وتطلعات العاملين فيه، وهل سيوضع تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي وما تبعه من مناقشات في الأدراج أم سيصار إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ لاسيما ما يتعلق بمعالجة موضوعي الفقر والبطالة اللذين باتا يهددان السلم المجتمعي في الأردن.