لماذا يجب اعطاء حكومة الرزاز فرصة ؟!
د.طلال طلب الشرفات
14-07-2018 08:37 PM
هناك فرق شاسع بين حقنا في نقد الحكومة والأعتراض عليها أو تأييدها، وبين واجبنا في احترامها كسلطة دستورية شأنها في ذلك شأن السلطتين التشريعية والقضائية، وبدون ذلك تتآكل مهابة الدولة، وشوكة سلطتها، وينتقل التعبير السلمي عن الرأي الى العشوائية والإنفعالية وردود الفعل، وإذا كُنَّا نُقر بأن ثمَّة خلل في صورة كافة المؤسسات العامة لدى الرأي العام إلاَّ انَّ ذلك لا يعني ألاَّ نحافظ على الهيكل البنيوي لهيبة الدولة ومهابة القائمين عليها، فالدولة التي لا تركن الى سيادة القانون والهوية الوطنية الجامعة لكل أفراد الشعب لا يمكن ان تحقق اهداف الأستقرار والتقدم .
إنَّ اختيار الرزاز لرئاسة الحكومة فرصة لإعادة صياغة العلاقة بين الحكومة والقوى الشعبية والبرلمانية؛ فهو شخص مرغوب وغير محسوب على القوى الليبرالية الغارقة في احلام التبعية لرأس المال، ويقترب كثيراً من الاقتصاد الحر؛ الذي يراعي الأبعاد الاجتماعية مع تغيير بنيوي في الأنماط الاستهلاكية، والريعية لصالح عجلة الأنتاج. وبفلسفة تقترب من المدرسة الألمانية في الاقتصاد السياسي الكلي. والميزة الثانية للرجل انه لم يأتِ من رحم السلطة الإستعلائية على المواطن التي صبغت وشكلت عقلية المسؤول الأردني منذ تأسيس الدولة، مهما خففتها تصريحات الناطقين، أو الصامتين بإسم الحكومة هنا أو هناك. والميزة الثالثة أنَّ لدى الرجل ثقافة وإيماناً عميقين بحرمة المال العام ومبادئ العدالة الاجتماعية، وله قنوات للتشخيص، وقرارات مستقلة عن أيِّ تأثير داخلي أو خارجي مهما بدا ليناً في الطرح والتعبير.
ولكي نكون صادقين فإنَّ كل الحكومات الأردنية كانت تفعل سلباً أو ايجاباً، وبعدها تاتي ردود الأفعال في الرضى، والغضب من الشعب، والبرلمان، والقوى السياسية، والاجتماعية، ولكننا اليوم أمام فرصة تاريخية في بناء خطة عمل وطنية مشتركة على قاعدة الشراكة الحقيقية بين المواطن والحكومة، اسماها دولة الرئيس جزافاً عقداً اجتماعياً جديداً؛ دون أن يقصد التغيير البنيوي في أركان، وثوابت الدولة الأردنية، والذي أثار ذعر الكثيرين من مستويات مختلفة إلى أنْ عاد الرئيس واوضح ما كان يقصده بالضبط في ذلك.
دعوه يعمل وامنحوه فرصة ليمر، فحتّماً سيقوم بإعادة هندسة فريقه الوزاري، وخطط حكومته في ضوء ملاحظات مجلس النواب الواقعية والتغذية الراجعة للمطالب الشعبية، ولكن علينا التنبه إلى أن َّ حالة الإجماع النسبي على شخص رئيس الحكومة، ونائبه، وبعض الوزراء؛ يجب ان لا تأخذنا بعيداً في حسابات الثقة الى الدرجة التي تفقد فيها مضامين الرسائل التي توجه للحكومات، ونعطي ثقة متضخمة سرعان ما ينكشف عوارها في اول اختبار وطني على قضية ملِّحة، فالثقة التي تتخطى الـ (82) صوتاً؛ هي ثقة مقلقة، وتوجه رسائل عكسية عن نبض الشارع، وتعطي انطباعاً خاطئاً عن الدروس والعبر في قراءة المشهد العام للفترة الماضية وأستحقاقاتها.
هناك أربعة محاور سيجري اختبارها، والتحقق منها بعد مرور مارثون الثقة بالحكومة. الأول: الفريق الوزاري، وشخوصه في ضوء ملاحظات النواب، والقوى السياسية والاجتماعية. والمحور الثاني: السياسات العامة، والخطط، والبرامج، وبناء أدوار حقيقية للقادة في المؤسسات الرقابية، والهيئات، والمجالس، والوزارات. والمحور الثالث: ويتمثل في التشريعات المتباينة بعد دراستها بشكل شمولي وربط مقتضيات التعديل والإضافة والإلغاء. والرابع: في القرارات التي تعهدت الحكومة باتخاذها خلال الـ (100) يوم الأولى من تشكيل
الحكومة.
هناك مصلحة وطنية كبيرة في اعطاء الحكومة فرصة للتعاطي مع القضايا الوطنية، فلغة الخطاب تبدلت والفقراء والشهداء لهم اولوية في برامج الحكومة وخطابها المعلن بوضوح،وحمى الله وطننا من كل سوء ....!!!