ظاهرة افشاء أسرار الدولة وتسريب وثائقها
النائب الاسبق م.سليم البطاينة
14-07-2018 01:46 PM
غالبية الأردنيين يلاحظون التنامي المفرط لظاهرة أفشاء اسرار الدولة وتسريب وثائقها من قبل بعضاً من كان في مواقع متقدمة بالدولة !!!!!! فعندما يتحول التهديد بأفشاء الأسرار أو نشر الوثائق إلى طريقة للمشاغبة نتيجة الشعور بالإقصاء أو التهميش نتيجة التعامل الفوقي بين من يملك السلطة ومن لا يملكها، الأمر الذي يحتم على الدولة أعادة تأهيل مسؤوليها من جديد !!!!!!! فالمشكلة باتت معقدة ومركبة ، فنحن أمام مشهد سيّء للغاية !!!! فأن كنت خارج السلطة فطبقة الحكم برأيك فاسدة وتتسم بالغباء والدولة في خطر محدق؟؟؟؟ وأن كنت داخلها فالجميع بنظرك سوداويين وأنت فقط عنوان الذكاء وضامن الأمن والاستقرار ؟؟؟
فالحالة الأردنية تختلف عن غيرها ، فأن ترى كل شيء لا يعني بالضرورة أنك تعرف كل شي ، ولا يعني أنك قادر على فعل شيء، فعوالم اليوم مختلفة عن عوالم الأمس !!!!!!! فحالة التحول الظاهري للذين اتكؤو على موروث اجتماعي تجاوزه الزمن، فانتهى بهم المطاف خارج أية تركيبة رسمية أو تنفيعية !!!!!!!فكلما تطورت رسالة الدولة وتزايدت واجباتها وجد كتمان أسرارها ، فلكل عمل خصوصيته التي تتحدد حسب طبيعته ولكنها بالمحصلة تكون أسراراً يطلب من المطلعين عليها حفظها وكتمانها وضمان سريتها!!!!! فحفظ أسرار الدولة واجب في كل الوظائف بصفة عامة ، ويعظم أمره وتزداد أهميته في بعض الوظائف ذات الصبغة الخاصة مثل المناصب العليا والقيادية والوظائف العسكرية والأقتصادية والقضاء والشرطة!!!!!
وتلك الوظائف بها من الأسرار ما يحتاج فيها المطلع إلى درجة عالية من الأمانة ، فمهما كانت درجته ومكان عمله فهو مؤتمن على ما يطلع عليه من معلومات بحكم عمله ووظيفته، والتي ترقى أحياناً إلى أسرار يجب كتمانها وعدم إطلاع الأخرين عليها ، وأن يدرك أهمية عدم البوح بها نظراً للاخطار المترتبة على ذلك !!!!!!! فأفشاء الأسرار أو تسريب المعلومات يعد جريمة اخلاقية وخيانة وطنية ، فالكثير من من هذه الأسرار المهمة أطلع عليها البعض بحكم عملهم اليومي والوظيفي !!!!! فيمكن تعريف أفشاء أسرار الدولة وتسريب وثائقها بأنه الأفضاء بوقائع لها صفة السرية من شخص مؤتمن عليها بحكم وظيفته !!!!! فتداولها بين الناس لا يقل خطورة عن بيع المعلومات لجهات معادية !!!!! فواجب المحافظة عليها لا يقتصر على فترة شغل الوظيفة بل أنه يتجاوز ذلك إلى ما بعد ترك الموظف عمله!!!!!! فهنالك دولاً بالعالم وضعت تشريعات صارمة على تجريم وأتلاف أو أفشاء أسرار الدولة ، فالاتجاهات الحديثة العالمية في الادارة جعلت من السرية في أعمال الدولة أحياناً هي الأستثناء والشفافية هي القاعدة !!!!!!!! فيجب علينا أن نطور تشريعاتنا بالتوفيق بين التزام الموظف بعدم أفشاء أسرار الوظيفة العامة وحقه في التعبير عن الرأي أو توجيه النقد بأي من الوسائل المشروعة !!!!!!!!!!!!!!!!! فقديماً قالوا إن أمناء الأسرار أقل وجوداً من أمناء الأموال !!! فحفظ الأموال أيسر من كتمان الأسرار ، لأن إحراز الأموال منيعة بالأبواب والأقفال ؟؟ وإحراز الأسرار بارزة يذيعها لسان ناطق ويشيعها كلام سابق !!!!!!!!! فمن عجائب الأمور أن الأموال كلما كثرت خزائنها كان أوثق لها ، أما الأسرار فكلما كثرت خزائنها كان أضيع لها ؟؟؟؟؟