منذ سقوط الدولة الفارسية على يد الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص في عهد الخليفة عمر رضي الله عنه ، ومقتل آخر ملوك إمبراطوريتهم "يزدجرد" في عام 652 م ، والحقد الفارسي على الأمة العربية يفيض بالكره والبغضاء ،ولم يهدأ له بال ، ولم تنطفىء نيرانه الملتهبه ،وظل يشتعل في أرواحهم الانتقام من الإسلام والمسلمين منذ تلك الفترة إلى هذا الوقت .
وعادت آمال احياء الامبراطورية الفارسية التوسعية مرة أخرى على يد إسماعيل الصفوي لنشر المذهب الصفوي الدموي وتأسيس الدولة الصفوية ، إلا أن الدولة العثمانية السنية قد تنبهت لذلك وكشفت مخططاتهم كما هو حال مواجهة السعودية اليوم للتمدد الإيراني في الوطن العربي ، وقضت على أحلامهم وأمانيهم بالهيمنة على المنطقة ، فقد انتصر القائد العثماني سليم الأول على قائدهم إسماعيل الصفوي في معركة "جالديران" عام 1514 ميلادي .
ثم عادت مجريات الأحداث للتغيير ، وكذلك الأوضاع السياسية بسقوط الدولة العثمانية ، وتقسيم العالم العربي من قبل الدول الغربية ،حيث تجددت آمال وأطماع ايران التوسعية مرة اخرى ، لتسعى جاهدة أن تحل محل الدولة العثمانية ، لتحقيق أمانيها عبر خلق صراعات وحروب في المنطقة العربية .
وهذه المرة وكل مرة تسعى الأيادي الإيرانية السوداء التمدد في أعماق العالم العربي ، لبناء الدولة الإيرانية الفارسية تحت ستار الإسلام المنبثق من المذهب الشيعي الأثنى عشري, الذي في عقيدته الانتقام كل من يمثل السنة).
لكن الاستراتيجية الإيرانية للهيمنة والسيطرة هذه المرة جاءت بثوب جديد وتكتيك مختلف ، حيث تقوم بتنفيذ أجنداتها من خلال وكلائها في المنطقة سواء كانوا في اليمن "الحوثيين " والبحرين "الشيعة " وسوريا "العلويين " ، وحزب الله " ، وفي العراق" الحشد الشعبي"، حتى طابورها الخامس في كل مكان.
وما اشبه اليوم بالبارحة حيث فها هي السعودية تقوم بنفس الدور الذي قامت به سلفا الامبراطورية العثمانية في التصدي للتمدد الصفوي في العالم العربي ، حيث انها تمتلك درجة عالية من اليقظة والفطنة للمخططات الايرانية ووعي ومعرفة باستراتيجياتها الجديدة ، و كلما مدّت إيران أياديها البغيضة إلى عمق العالم العربي لتنتزع منه الروح ، تجد المخرز السعودي لها في المرصاد يقاوم ويسعى لافشالها ،ولا يسمح لها أن تفرّغ سمومها وحقدها ، وعندما امتدت إلى عمق وروح دولة البحرين لإشعال فتيل العنف، والطائفية كانت الرياض وحلفاؤها بالمرصاد لها ، واستطاعت إفشال المخطط الإيراني التوسعي ، وقطعت أيادي وكلائها في البحرين والخليج العربي .
إن لعبة الدومنيو الجديدة التي استخدمتها طهران من خلال وكآلائها في لبنان وسوريا والعراق واليمن والبحرين ، كانت لعبة مكشوفة بالنسبة للرياض ،حيث اسقطت عنها القناع ، والحد من هيمنتها سياسيا وعسكريا في كل المنازلات التي حاولت فيها أن تهيمن وتحتل وتسيطر، وعملت بكل يقظة على إفشال مخططاتها وأطماعها في الوطن العربي .
نعم أتقنت القيادة في طهران السيطرة على وكلائها، لتنفيذ أطماعها فى العالم العربي
.
وفي المرحلة الثانية من الحرب الخفية التي تشنها طهران على خصومها بالمنطقة استمرت في تغذية دوامة متصاعدة للحروب بالوكالة التي تدمر المنطقة ، مثل توجيهها لحزب الله الذي يستخدم الآن كل قواته البرية في سوريا، بفضل المساعدة التي يتلقاها من إيران.
ومن جهة أخرى قامت قوات الحرس الثوري الإيراني بدفع الآلاف من جنوده للداخل السوري، لحماية النظام الدكتاتوري الموالي لها وتحويل سوريا إلى ساحة للقتال وتصفية الحسابات خارج الأراضي الإيرانية .
لم تخف طهران أطماعها في احتلال الدول العربية والاستيلاء على ثرواتها النفطية وعلى خيراتها, لبناء الدولة الفارسية الصفوية , لتشمل العالم العربي والإسلامي .
نعم إن إيران نفسها التي قامت بإنشاء الجماعة الحوثيية الشيعية الإثنى عشرية والتي تعتبر جزءا لا يتجزأ من السلطة الإيرانية الفارسية, التي قامت بدعمها مالياً وسياسياً وعسكرياً.
كما تتمثل الإستراتيجية الإيرانية للعمل على أن يشكك المواطن العربي بقياداته ورموزه وسحب ثقته منهم ، خلال ما تضخه آلتها الإعلامية من الإشاعات والدعايات وبث الأخبار المؤدلجة، ومحاولة تضليلية بوجود علاقات بين الأنظمة العربية والكيان الصهيوني ، بالرغم من أن علاقات طهران مع تل أبيب منذ اعترافها باسرائيل عام 1950، وتتميز العلاقة ان ظاهرها العداء وفي باطنها علاقات إستراتيجية وعسكرية متينة .
وتكتنف علاقات طهران مع تل أبيب سرية كبيرة ، إلا أن إيران عندما تتاح لها الفرصة للهجوم على إسرائيل ، فإنها تستغل الوقائع والأحداث والجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين ، وتبدأ آلتها الإعلامية فورا بمهاجمة إسرائيل ، وتصدر بيانات شديدة اللهجة للانتقام لتنال محبة وتأييد الشعوب العربية من ناحية ، و لتجعلها ،من ناحية ثانية،تفقد ثقتها بحكامها الذين- حسب ما تصورهم إيران- على علاقات وطيدة مع إسرائيل. وان ايران وحدها التي ستزيل إسرائيل عن خارطة العالم؛
ومع كل هذا فإن أرواح أطفال وشيوخ سوريا عامة ودرعا الآن خاصة أسقطت ذلك القناع الإيراني الكاذب ، فها هي قوات الحرس الثوري الإيرانية تدك الآن بنيران غضبها المدنيين في درعا ، وها هي آلات الموت تلاحق الأطفال والشيوخ والنساء فيها، لذا آن الأوان للشعوب العربية أن تستيقظ من سباتها ، وأن تكون على أعلى درجات الوعي بالخطر الإيراني المدمر وما تحيكه طهران من مؤامرات للأمة العربية ، ,وكلنا أمل أن يشتد المخرز السعودي قوة في مواجهة المؤامرة الإيرانية على الأمة ونهيب بقياداتنا العربية والإسلامية أن تكون بصف الرياض في مواجهة الخطر الإيراني الذي ينفذ مخططاته وأطماعه في العراق وسوريا ولبنان واستهداف الوطن العربي بصورة متغطرسة .