عقل سليم وآخر مصابنا فيه أليم ..
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
11-07-2018 01:02 AM
الخميس الماضي كتبت مقالة بعنوان إدارة البلاهة، وكان ممكنا أن أستبدل البلاهة بالرداءة، فالنتيجة سيّان، أي أن البلاهة رداءة والرداءة بلاهة، والعقل السليم..سليم، والمصاب رديء فهمه بطيء..و..ورددوا وقولوا ..وعيدوا الكوبليه.
المهم؛ التقيت وزير الشباب مكرم القيسي؛ لاحظوا اسم العشيرة الكبيرة، الذي يجمعني بالوزير الشاب، سأكتب بطريقة عشائرية لكن في غير المقالة.. سألت الوزير عن انطباعه حول ما تم تسريبه من فيديو عن أول لقاء جمعه بكبار موظفي الوزارة، فأخذ يضحك قائلا:
هل هي صحافة؟ وإن كانت كذلك: فهل الموضوع على هذه الأهمية؟!، أقدر أننا في الأردن نتمتع بمخزون هائل من خفة الدم، وهي ظاهرة جميلة، وكنت أتمنى لو كان في الفيديو شيئا خطأ علما أنه تم تصويره في جلسة كهذه، أي جلسة ودية بعد أن انتهينا من جلسة رسمية فأصبحت تطغى عليها العفوية والتلقائية، وكان من الطبيعي أن نتحدث حديثا بلا تكلف ولا تحفظات، فجرى اجتزاء كلام قلته شرحا لمثل نعرفه جميعا، ولا بدّ قرأه كل مواطن مرسوما بطريقة فنية ما على جدار مدرسة أو ميدان رياضي أو أي مكان معد للنشاطات البدنية والشبابية، وهو موقف عفوي ولم يتم تصوير الفيديو لغايات اعلامية ولا توثيقية، فكلنا نستخدم هواتفنا في التصوير ونحتفظ بصور عن مواقف نعتبرها مهمة، وهذا فيديو قام أحد الموظفين بتصويره لكنه أعجب بعض الذواقين فأرادوا تسويقه بعد ان اعتبروه طرفة ..الله يبسط الناس جميعا يا سيدي، وكان وما زال العقل السليم في الجسم السليم، هو مثل مشهور أتمنى لو أنني قائله بلا شك ضحك الوزير ثانية قبل أن يقول (بعض الظرفاء استخدموا القول يريدون إثبات بطلانه وكأنني أنا من قاله وتناسوا بأنني رددته كملايين الناس الذين قالوه وسوف يقولونه)، ثم تابع: لكنني اليوم أسعى أن يصبح حقا قاعدة عملنا في هذه الوزارة التي ترعى الشباب وتوجه طاقاتهم، وسوف نسعى مع الشركاء الآخرين (مكافحة الارهاب والتطرف ومكافحة المخدرات وسائر المؤسسات التعليمية ..الخ) كي نحقق نتائج مميزة على كافة صعد النشاط والابداع الشبابي، فالجسد الشبابي السليم هو جسد الوطن وهو عنوانه ورصيده المستقبلي المأمول، فالشباب هم محور أي عملية تنموية وهم غايتها... أجاب الوزير بجدية رغم ضحكته المدوية.
كتبت عن الشباب، بعد أن تواصلت سابقا مع أحد بيوت الخبرة في المجال الشبابي وهو د. سامي المجالي، الذي ترأس آخر مجلس أعلى للشباب، وكان يحدثني عن أرقام ونشاطات ومرافق كثيرة، يصعب الحديث عنها توضيحا في مقالة ولا في 10 مقالات، وحدثني عن الجهود التي كانوا يبذلونها في المجلس، والتي ذهبت أدراج الرياح بعد أن تم إلغاء المجلس الأعلى، ولعله - تقريبا – هو الحديث ذاته الذي حدثني به الوزير، وتزاحمت الأرقام الكثيرة عن النشاطات وعن المديريات والأندية والمراكز الشبابية في المحافظات والأرياف والبوادي والمخيمات، لكن الوزير يتحدث من منطلق مسؤوليته وحرصه على تقديم شيء نوعي لخدمة الشباب، وتوجيه جهودهم الكبيرة لخدمة الوطن والارتقاء به على مختلف الصعد، ولأنه مسؤول علمي ومنطقي لم يتحدث بتفاصيل فهو يسعى لمعرفة كل شيء متعلق بجهود وواجبات الوزارة أولا، ثم يضع خطته الوزارية التي سيلتزم بتطبيقها بالشراكة مع الجهات الكثيرة الأخرى، فرعاية الشباب مسؤولية دولة ومؤسسات أخرى وليست مسؤولية جهة بعينها..
الآن وبعد أن قامت الحكومة بتقديم بيانها الوزاري سنتابع ما تفعله وزارة الشباب عند تطبيق الجزء المتعلق بها من هذا البرنامج الحكومي، وهو جزء كبير بلا شك، نظرا لأن الشباب وفي مختلف مواقعهم من المجتمع ومؤسساته، هم المجتمع فهم الطاقة وهم السواد الأعظم سيما وأننا دولة تعتبر فتية، قياسا مع بعض البلدان الكبيرة القديمة التي نعرفها في الغرب والشرق، وعلى الرغم من الاسم الذي يجمعني بالوزير والذي أتمنى له النجاح من أجله ربما، لكنني أتعامل هنا من منطلق مهنتي وواجبي الأخلاقي مع مكرم القيسي حتى لو كان شقيقي، وسوف نكتب عن الجميل الذي تحققه الوزارة وعن التقصير ولا نحتكم الا لواجبنا الوطني الأخلاقي في كتابتنا ومتابعاتنا..
خلينا نعيد الكوبليه: و... العقل الرديء، المريض أو الطفولي، أو «المحشش»، بلا تهليس، أو إعادة تأهيل أو ادخاله في ورشة تجليس.. لا بد أنه سيكون في جسم رديء، سوى الكائنات الأخرى «غير الإنسان أعني»، فقد تجد جسوما قوية وسليمة لكنها بلا عقول، رغم كبر حجم الدماغ، أما «الردي» تراه يبقى «ردي» ونسأل الله له السلامة..ويكفينا شره.
أتمنى على الوزير مكرم أن يتخذ من مقولة العقل السليم في الجسم السليم مقدمة لكل كلامه، حتى قبل التعريف بنفسه لمن لا أو لن يعرفه..أما عن رداءة العقول والذائقة فإن مصابنا بهما أليم جسيم.
الدستور