أشفق على الرئيس الرزاز من هذا الحمل الكبير الذي وضع على عاتقه وعلى عاتق فريقه الوزاري , فالطموح كبير والافكار مزدحمة والامكانات والظروف لا تسعف , رغم أملنا بتغيير الظروف وتحسنها وانفراج الكرب عما قريب . ما يزيد عن ستة عشر بند طرحها الرزاز في بيان الثقة وكل بند يحتاج الى خطة عشرية وامكانات وجهود كبير حتى يتم تحقيق نسب التطور والانجاز فيه ، فكيف بنا ونحن نتحدث عن نهضة شاملة لكل نواحي الحياة . نهضة اشبه بخطة (مارشل ).
تبدأ بتراب الارض ولا تنتهي بافق السماء . فنيل ثقة المواطن درب صعب في ادواته , لكنه سهل امام النوايا والادارة والعمل الدؤوب . وهنا فأن القاعدة الاساسية التي لا بد للرئيس الرزاز من الإيمان بها تتعلق بموضوع الثقة فهو الأولوية وهو الاهم , فهو مقرون ومرهون بالانجاز والاداء المقنع . فالشعب الاردني ليس بالشعب النمام , أو المعترض على الدوام ؟وليس بالشعب الجاحد او غير الشكور ؟! بل هو شعب يريد أي انجاز ليرفع صوته مفتخرا متباهيا بما أنجز فوطنه عليه غالي، ومؤسساته هي من نتاجه وصنيعىة جهد الاباء والاجداد , فمتى وجد الناس أن هناك ارادة وجدية وعمل دؤوب فإن المصداقية بالحكومة ستكون كبيرة , وتكبر كلما تعمقنا في عالم التحديات وبدأنا نعالجها واحدة واحدا ورويدا رويدا . فالثقة مرهونة بالاداء وقناعة الناس بعدم تقصير الحكومة .وإلا سيطفح الكيل مرة آخرى عند المواطن , وعندها سوف لا ينفع الندم .
النهضة الشاملة عنوان كبير وكبير جدا لايقتصر على على الجانب الاقتصادي فقط , بل هو صرخة اصلاح في كل جوانب الحياة , وهذا مؤداه وجود تقصير بمسؤوليات الحكومات السابقة ، ولا بد من الارتقاء بها وتحسينها , و على رئيس الحكومة أن يبدأ بالأولويات ويتعامل معها ضمن خطة زمنية ولوكانت طويله ، عله يحقق ما يمكن تحقيقه من نمو وتطوير وخاصة تفعيل مؤسسة النزاهة وقوانين محاربة الفساد الإداري والمالي بكل اشكاله . شعور المواطن بتوفر إرادة الاصلاح تعزز لديه النزوع نحو المساهمة الفعالة لكي يتحقق الطموح الوطني الشامل .
تحدث الرئيس الرزاز عن الواقع الاقليمي وتحديات المخاض العسير الذي واجهه الاردن بكل اقتدار ، وهذه مشاهد تاريخية رسمت مواقف عظيمة لحالة السلم والحوار والعقد الاجتماعي العربي الفريد الذي يقتنع به الاردن, وارتضاه الشعب نهجا له مما يهيء المناخ الاقليمي الذي سيكون المحرك الاساسي لمزيد من الافتاح على الجيران الاشقاء والسير معهم لخير صالح الشعوب العربية . فالمواطن لا يريد من الرئيس الرزاز صنع المستحيل بل (طقة على الحفة وطقة على المسمار ) بحيث تتحقق العدالة والمساوة ويتجذر العقد الاجتماعي في الحقوق والواجبات التي تدفع بالمسيرة وبدور اكبر للمواطن المقتنع بمدنية بلادة وقوننتها, فلا اشكالية بقانون ضريبة عادل ولا اشكالية بخدمات معقولة ومقدمة للجميع دون استثناءات او تقصير , فالماء والصحة والتعليم عناصر حياة لا يجوز التراجع عن تطويرها , وهي بكل تحدياتها تحتاج الى الفرسان الذين لا يعرفون غير خدمة الناس مواصلة الليل بالنهار , والاستجابة الطيبة المحترمة لكل ابناء الشعب . بعيدا عن سياسة (محمد يرث ومحمد لا يرث) , فقانون التأمين الشامل اصبح ملحا , ما دمنا مشتتين ما بين تأمينات المدنيين والعسكريين والاطفال وكبار السن , والسرطان ...الخ وعلاجات النواب من الرئاسة والديوان , فالمواطن الاردني بالواقع مؤمن , وهناك شمول بالتأمين لجميع ابناء الوطن لكن المشكلة بهذا التشتت وهذه المزاحمة التي لا نعرف سببها رغم ان النتيجة واحدة بالنسبة لصندوق التأمين الصحي . وهنا فإن الرئيس مطالب وبسرعة التعامل مع ملفات الفساد كأولوية , العمل على ضم المؤسسات والهيئات والدوائر الى الوزرات المعنية وكفانا هذا الهدر وهذا التشوة في الادارة الحكومية وهذه المبالغة بالانفاق غير المجدي .
اما حاضنة هذا وذاك فهو الاعلام , واكون صادقا مع دولته ومن خلال خبرة ما يزيد عن ثلاثين عاما ونيف وبدراسات عالية متعمقة فاني أجد أن الاعلام واصلاحه في الاردن هو اولوية نظرا لانه لا يجوز ان يبقى مصدرا مشوشا لا عامل دفع وتحريك واصلاح وتنمية ,ولا استراتيجية واضحة المعالم والاهداف وبروز ظاهرة التزاحم بين محطات جديدة قيد العمل ومؤسسات عريقة تحتاج الى فك وتركيب . , فالرؤية الملكية للإعلام مبادىء اعلامية متطورة لا تقتصر على الداخل ، بل تجاوزت ذلك لتتعامل مع الاقليم والمحيط . وقد تماثلت مبادؤها مع ارقى نظريات الاعلام المبتكرة حديثا والمتعلقة بنظرية المسؤولية الانسانية ذات الرؤى الاردنية . اعلام الدولة عنوان كبير , ولغايات التحقيق نحتاج لمن يؤمن بهذا المبدأ ويسعى لتحقيقه , فالاعلام للوطن والمواطن وليس حكرا لاحد , وحرية التعبير المسؤولة واحترام اراء الجميع وحقهم في التعبير مسائل تشاركية تضمن تعدد الاراء وتنوعها واغناء للافكار , اعلام الدولة هو استقلالية قرار المؤسسات الإعلامية وعدم تشتتها او تبعيتها الذي هو اساس الرعب والتردد , وهنا تبرز مفاهيم التشاركية مع القطاع الخاص , وتعظيم دوره بحيث يشكل صورة من صور الصناعة الاعلامية التي تعزز التعددية الفكرية والفنية والتنافس فيها بحيث تكون الدراسات والابحاث اساسا في سياسات الاعلام بمعرفة توجة وتطلعات وأولويات الجمهور.
جنبا الى جنب مع التواصل مع العالم وتبادل التجارب والخبرات واعتماد القرارات الدولية كمرجعية عند الحديث عن الاحداث العالمية .
عناوين الرئيس الرزازكبيرة فهل يستطيع ان يمضي بها , وهل يملك القدرة على تهيئة المناخات السياسية المحلية والاقليمية التي تمكنه من تحقيق ولو 10% كل عام ؟ وهل لطاقمه القدرة والامكانية والعزيمة التي يمكن أن تسعف الفريق الحكومي . اشفق على الرئيس الرزاز واتمنى له التوفيق والنجاح .