هل ستحظى الحكومة بثقة مجلس النواب؟
عمر الرداد
10-07-2018 11:19 AM
دخلت حكومة الدكتور الرزاز في العقدة الثانية،بخوضها معركة الحصول على ثقة مجلس النواب من خلال بيانها الوزاري ، بما يمثله من كونه يمثل خطة الإصلاح الحكومية الاقتصادية والسياسية ، بعد أن تجاوزت"نسبيا" العقدة الأولى المتمثلة بالتشكيلة الوزارية، وما أثير حولها من تساؤلات على بعض الوزراء، والاحتفاظ بالنسبة الأكبر من وزراء الحكومة المقالة، بحيث ظهر التجديد والتغيير في الحكومة مقتصرا على شخص رئيس الحكومة ،وبعض وزرائه الجدد.
ورغم أن منح الثقة أو حجبها عن الحكومة"أية حكومة" لا يشكل البيان الوزاري معيارا رئيسيا من معايير منح او حجب الثقة لدى أعضاء مجلس النواب، الا آن هذا لا يمنعنا من القول أن بيان الدكتور الرزاز الذي ألقاه بالأمس كان شاملا ،تمكن فيه الرئيس من طرح برنامجه ورؤيته،فيما يتعلق بالعقد الاجتماعي الجديد بين الدولة والمواطن ، ومفاهيم الشفافية والمسائلة والشراكة،من خلال التعهد بعدم اتخاذ اية قرارات ،إلا بالتشاور مع النواب والأحزاب والفعاليات المعنية ،وهو ما سيشرع بتنفيذه نائبه الوزير المخضرم" رجائي المعشر" بإطلاق حوارات مع الأحزاب وقوى المجتمع المدني.
ربما لم يضف البيان الوزاري الكثير مما كان يمكن أن يشكل مفاجأة للشارع، بالإعلان عن تخفيض الضرائب وأسعار الخبز والكهرباء او الإعلان عن أرقام ونسب جديدة تتضمن تخفيض نسب الفقر او البطالة ،او حتى الإعلان عن زيادة مجزية في الرواتب والأجور، او الإعلان عن خفض الدين العام للأردن،وهو ما يطمح الرأي العام لسماعه، الا أن مقولة الرئيس التي أطلقها في بيانه" طفح الكيل لدى المواطن وبات يضيق بكافة السياسات والقرارات التي نتخذها ،فلم يتحسن دخله ،بل تراجع مع تراجع القوة الشرائية " شكلت إقرارا صريحا من الرئيس لحجم الثقة المتآكلة بين المواطن والحكومات،واداركا للنبض الحقيقي للرأي العام، وسحبت البساط من تحت أقدام النواب،في ماراثون السباق بين الحكومة والنواب على الشارع، لدرجة أصبح معها أن ما يمكن أن يقوله النواب لن يتعدى اجترار وتكرار ما قاله الرئيس.
بحكم غياب الكتل الحقيقية عن المجلس، باستثناء كتلة الإصلاح التي تمثل الإخوان المسلمين في المجلس، والتي لا تمثل ثقلا حقيقيا مؤثرا داخل المجلس، بما يغير موازين القوى في منح أو حجب الثقة عن الحكومة، فالمؤكد أن تعامل المجلس مع مسالة حجب او منح الثقة سيبقى محكوما لمقاربة "الفزعة" وتصورات لدى أعضاء المجلس ،جوهرها مساومة الحكومة على تحقيق مكاسب ضيقة ،وانتظار التعليمات، وخطابات" نارية " تطرح قضايا لا تشكل أولويات ذات أهمية قصوى لدى الرأي العام ، وهو ما ظهر خلال الأسبوعين الماضيين، بطروحات تطالب بإلغاء مهرجان جرش، او انتقاد الحكومة لعدم شمول التشكيلة الوزارية لنساء محجبات، او ربط الثقة بالحكومة باستعادة أراضي الباقورة،او المطالبة بموقف واضح مما يتم تدوله من تسريبات حول "صفقة القرن"،والمطالبة بمنع وزراء جدد من دخول المجلس،فيما غابت الطروحات التي تتضمن اقتراحات بحلول للازمات الاقتصادية.
ربما يبرر للنواب الذهاب باتجاه خطابات شعبية تطرح قضايا كبرى يعتقد أنها تحقق الشعبية في أوساط الكتلة الناخبة،في ظل أداء المجلس النيابي ،خلال "هبة الدوار الرابع "في أواخر أيار الماضي ،والقناعات الراسخة ب "تواطؤ" المجلس مع الحكومة السابقة في تمرير قرارات اقتصادية غير شعبية، في إطار محاولة لبناء شعبية جديدة، وهو ما يتوقع أن تشهده جلسات مناقشة البيان الوزاري، والتي سيكون "الصراخ" احد ابرز عناوينها،مقابل "هدوء" الرئيس الرزاز وفريقه ، واحتواء "فورة" النواب.
بصرف النظر عن حجم الثقة التي ستحصل عليها الحكومة"بعد خطابات بعضها ناري"،والمرجح أنها ستكون ضئيلة تزيد عن النصف قليلا ،في ظل أصوات نيابية ناضجة ،تدرك حجم الأزمة داخليا وخارجيا، وان الثقة محطة من محطات كثيرة لاحقة ،مطلوب فيها أدوات ومفاهيم جديدة ، إلا أن ما يتطلب أن تدركه الحكومة والنواب معا،أن الخطابات النارية والوعود بتحسين الأوضاع،لم تعد تشد الرأي العام ،الذي أصبح يتابع وينظر بعين مجهريه ،يتطلع لانجازات وقرارات حقيقة تخفف من تداعيات أزماته الاقتصادية،ولسان حاله يقول الكل "حكومة ونوابا ومؤسسات" هم من أوصلونا إلى ما نحن فيه اليوم.