الامر اللافت الجديد في الموقف الامريكي من الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي ، هو الدعوة الى فك عزلة اسرائيل وتطبيع العلاقات معها تمهيدا لاستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي!

هذا الجديد في الموقف الامريكي الداعي الى حل الدولتين ، يمكن ربطه الى درجة معقولة ومنطقية بدعوة بنيامين نتنياهو من على منبر منظمة " ايباك" الصهيونية في امريكا للدول العربية للوقوف مع اسرائيل في خندق واحد او في جبهة واحدة ضد ايران..مؤكدا ان الخطر الايراني يتهدد الدول العربية بالدرجة نفسها التي يتهدد اسرائيل.

وذلك باعتبار ان البرنامج النووي والصاروخي الايراني يتهدد كل المنطقة بدون استثناء..
لذلك لا يفاجئنا تصريح روبرت غيبس المتحدث باسم البيت الابيض عندما يقول :" ان الرئيس اوباما يرى ان حل الدولتين ليس جاهزا وليس في وضع متقدم ويحتاج الى جهد مستمر من جانب ادارته بالتعاون مع الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي من اجل احراز التقدم المطلوب..
ولا يفاجئنا كذلك تصريح نائب الرئيس الامريكي جوبايدن وهو يحث الدول العربية على تقديم بادرات ملموسة منذ الان تجاه عزلة اسرائيل!

كما لم يفاجئنا السناتور جون كيري وهو يطالب الدول العربية ان تعزز آمال السلام من خلال البدء منذ الان في تطبيع علاقاتها مع اسرائيل ورفع الحظر والسماح للطائرات الاسرائيلية بالتحليق فوق اراضيها!

اما كيريان فقد قال ان على الدول العربية البدء في معاملة اسرائيل مثل اي بلد عادي آخر وانهاء المقاطعة والسماح لطائرات العال بالتحليق فوق اراضيها ولقاء زعماء اسرائيل!!
وكان نتنياهو قد عرض من على منبر منظمة " ايباك " الصهيونية مقاربة جديدة للسلام ليس فيها اشارة من قريب او بعيد لحل الدولتين، وتشمل استئنافا فوريا للمفاوضات بدون شروط مسبقة ، ومتحدثا عن توجه ثلاثي المسارات : سياسي وامني واقتصادي!

ومركزا على امكانية تحسين الظروف المعيشية للسكان الفلسطينيين تحت الرعاية الاسرائيلية!!
وهذا كله يعني ان ادراة اوباما تسعى الى ضمان سياسة التطبيع العربية مع اسرائيل قبل ممارسة اي ضغط على اسرائيل لكي تقبل بحل الدولتين..ولا ندري بعد ذلك ما هو مصير العملية السلمية.. وهنا يجب التذكير بأن الرئيس بوش قد تعهد بتحقيق السلام على اساس اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلةللحياة لكي يضمن صمتا عربيا ازاء غزوه ثم احتلاله للعراق الشقيق.

وأكد المرة تلو الاخرى على تعهده بحل الدولتين..وفي بيان انابوليس الذي شاركت فيه دول عربية معنية بالسلام اعلن ان اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة هي الكفيلة بانهاء الصراع في المنطقة..ومع ذلك تنصل من تعهداته وانتهت ولايته ولم يفعل شيئا..وزار اسرائيل مع قادة اوروبا مهنئا بانتصار اسرائيل على اطفال ونساء غزة!!

مبادرة السلام العربية تقول بأن السلام مع اسرائيل يأتي اولا ثم التطبيع..في حين ان ادارة الرئيس اوباما تطالب بان يأتي التطبيع اولا ثم مفاوضات السلام وليس السلام بعينه الذي يقوم اساس حل الدولتين.

كنا نتمنى ان تطالب ادارة اوباما يوقف سياسة الاستيطان الاسرائيلية ووقف هدم البيوت وجرف المزارع الفلسطينية لبناء المزيد من المستوطنات ، قبل ان تطالب بتطبيع العلاقات العربية مع اسرائيل..

نخشى ما نحشاه ان تعمل ادارة اوباما على اعتبار ايران العدو الاول للدول العربية بدلا من اسرائيل..وعندئذ سيكون الانقسام العربي- العربي مدمرا..