وبعد أن باتت الحدود الشمالية، جبهة "شبه هادئة" بعد أن شهدت على مدار السنوات السبع الماضية حالة من الاستقطاب والفوضى وتنامي الفصائل ذات الألوان المتعددة.، والجهد الكبير جندنا، خلال سني الأزمة التي راكمت خبرة وفيرة وأظهرت الجانب العقائدي الحقيقي للجيوش بالمنطقة، بنموذج مغاير عما طرح في تجارب جوارنا العربي.. حق لنا أن نوثق تجربة جيشنا العربي.
إذ أثبتت هذه التجربة، أن الجيوش الوطنية، وعلى رأسها الجيش الأردني، لها دور يتجاوز حماية الوطن إلى الغوث، إذ ستعيش طويلاً في الذاكرة الأدوار التي لعبها الجندي الأردني في يد تحرس ويد تغيث.
فالقوات المسلحة نجحت في أن تلعب دوراً يحتاج إليه العرب في استلهامهم للتجارب، والتجربة الأردنية في سياق الأزمة السورية، وخاصة دور قواتنا المسلحة فيها، خلق الصورة النمطية والتجربة المطلوبة.
فالجندي الأردني لم يطلق رصاصة ولا صوب بندقية صوب أي لاجئ أو نازح، بل على العكس مد ساعداً واشتد بأخرى ليصون الانسان العربي السوري وهو يهم تاركاً الحرب وراء ظهره وصيحاته تتنادى.
الحديث عن هذا الدور للقوات المسلحة الأردنية، وتوثيقه، والأزمة تطوي أولى صفحاتها بحاجة إلى سجل لتوثيقه، وبحاجة إلى باحثٍ حصيف لتسجيل روايته.. نعم حتى لا يضيع جهد هذا الجيل.
جندنا شمالاً، حملوا هم الإنسان السوري باكراً، ومضت عليم ليالٍ وأيام ببردها وحرها وهمهم صون الوطن وتقديم النموذج فاستحقت هذه التجربة أن ندعو اليوم لتدوينها.
ومئات الالاف من الصور، والحكايا، وبأفواه الأخوة السوريين وبشهادتهم بحاجة إلى أن توثق وننقلها للأجيال القادمة بأمانة.
واليوم، والمنطقة تكتب تاريخها وتعيد كثيراً من شرعياتها إعادة انتاج ذاتها، فنحن أولى من الجميع بمدنية التجربة، وحضاريتها وإنسانيتها، واحساسها بذاتها العربية الصادقة.
الأردن بذل جهوداً كبيرة تجاوزت حدود إمكاناته، والأردن أيضاً، قدم تجربة نتطلع إلى أن توثق بأمانة لأجيال قادمة، لييقوا ينظروا باعتزاز ومهابة لهذه المؤسسة، التي دوماً ما حملت همنا، وهم الشقيق أيضاً.. فلجباه بنيها السلام ولشهداء وطننا سلامٌ أيضاً.