عمون - اقام اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين في مقره أمسية قصصية للاديبة القاصة فداء الحديدي وبحضور رئيس الاتحاد الشاعر عليان العدوان مرحباً بالحضور من الكتاب والمثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي منوهاً لدور الاتحاد ورسالته الوطنية والاهداف التي يعمل من اجلها هذا الصرح الثقافي.
وقدم الاضاءة النقدية الناقد احمد الغماز وقد عرج الناقد احمد الغماز على تجربة القاصة فداء الحديدي من حيث عالم الحديدي القصصي وعن السرد القصصي بين الفني و المألوف .
تقترب القاصة فداء الحديدي هنا من معادلة الشراكة بينها وبين الشخصية الاخرى في القصة القصيرة , حين تبتكر فكرة ما وتود تشييدها بفن قصصي خارج عن المستهلك و المؤطر , فانها تبحث تحديدا بالبعد الثالث للشخصية وقد تترك الصفات العامة والمألوفة لتدخل رغماً عنها الى ذلك المشهد و تبدأ بصياغته محولة تلك العجينة من الاحداث و الزمن و المكان الى ما يشبه قطعة البلور النادرة و التي لم تات من فراغ او جمل فائضة . و انما من ذلك الوجع الانساني , الذي ربما لا تكفيه قصيدة او رواية , انما يأتي حارا متدفقا و لا تقوله الا القصة القصيرة .واضاف الغماز .
من هنا نستطيع ان نتعرف على عالم فداء الحديدي القصصي من حيث اللغة اولاً, و التي جاءت على ما يبدو لغة قصصية متقنة من حيث قدرتها على التواصل بينها و بين المتلق , و هناك على ما يبدو اشارات دقيقة للقارئ بصفته الشريك الثالث بالعمل الابداعي بعد المبدع و النص , هذه الاشارات بدت احيانا بلغة قاطعة . فهي تقدم للمشهد بدون ذلك الاسهاب الذي يفتك بالنص او الرمز و المجانية التي لا طائل منها و التي تجعل المتلق يشيح بوجهه عن القص , لعدم قدرته على متابعة الحدث القصصي.
وقد تطرقت القاصة فداء الحديدي الى مجموعة من القصص في موضوعات مختلفة في القصة القصيرة و من أهمها.
الجدار الصامت
موهبتي منذ طفولتي كانت السبب في انهاء فترة التدريب قبل تعييني الرسمي في الصحيفة , كنت مجدا مجتهدا , كل الشخصيات كانت تحت أمري و أمر قلمي , احركها كيفما أشاء الاعبها متى أريد .الجميع حولي ينتظر دوره , ظهوره العلني كان محكوما بقلمي , كنت مجبورا على انهاء العمل الموكول لي قبل أن يحل المساء , كلما انتهيت من رسمة علقوها حولي و أتوا بأخرى , أصبحت الجدران مليئة بكاريكاتيرات قلمي .في صبيحة ذلك اليوم جاء أمر نقلي من مكاني إلى قسم لا أعرف عنه شيئا و لا يعرفني , أحيك الملابس , وأصلحها يدويا , كان اللون هو ذات اللون في كل مرة , أحيكه ثم يأتوني بمقاس جديد وأصلح كياته .
لم استطيع الاستفسار او الرفض , كنت مكسورا , كنت بحاجة ماسة للبقاء على قيد الحياة , سحبت الأقلام مني , ابقوا لي قلما ابيضا فقط لرسم حدود القميص ذو اللون الأزرق ؟
أصبحت ماهرا في الحياكة , أخيط وأصلح , على المقاس المناسب , الجميع حولي ينتظر دوره كان التاريخ يعيد نفسه لكنه بلون ودور جديد , كلما انتهيت من قميص أوكلوا لي قميصا آخر, تفننت في دقة المقاسات و الحياكة , تفننت في إخفاء البطون الكبيرة , اصبحت ماهرا في اخفاء العقود التي علقت في اعناقهم داخل ياقة القميص بحذر , تعملت أن يكون المقاس مناسبا تعلمت وتمرست أن أخفي اي عيب موجود اواي خلل منتظر ؟
تغير لون القلم الابيض الى الأزرق
اعادوا لي اوراقي البيضاء , أقلامي , الجميع ينتظر دوره حولي , رسمت بدقة حافظت على المقاسات صحيحة , إمتلئت جدران زنزانتي برسوماتهم الجديدة.
في يومي الأخير قبل أن اغادر , من جديد كان افطارا شهيا , حلاوة شهية مليئة بالمكسرات , غلفت بأوراق الصحف القديمة , أكلتها على عجل , وقبل أن أقذفها بعيدا من يدي,, رأيت قلمي القديم بداخلها وصورة القميص الأزرق تكاد ان تتفق ازراره والحوت الأزرق يرتديه.