من الطبيعي ان تشهد قبة البرلمان هجوما كبيرا على حكومة الرزاز , ليس بشخص الرئيس الذي بدى واضحا أنه الاقرب في هذه الحكومة للناس , وأكثر تفاؤلا عند الناس من الفريق الوزاري , خاصة وأن الفريق ضم اشخاص ابدى الناس منهم خيبة أمل لمعرفة الناس الواضحة بمسيرة وقدرة وأمكانية هؤلاء الوزراء وعدم قدرتهم على في صياغة وتنفيذ برامج اصلاحية خلاقة وابداعية ,خاصة وان المطلوب من هذه الحكومة منهج جديد قائم على الابداع والحلول المبتكرة؟.
ولا ننكر هنا حق النواب الدستوري في تشريح خطة الحكومة وبرامجها وبيان مدى معقوليتها وواقعيتها ومدى التزام الحكومة بها وفق تشكيلة الحكومة الحالية , فالخيط الذي سوف يتعامل معه النواب هو مدى قدرة الحكومة على التعامل مع البرامج الجديدة (هذا اذا كانت جديدة) والمنهج الذي لا بد وان يكون مختلفا تماما عن ما سبقه , وبنفس الوقت شعور الناس بواقعية التطبيق وامكانيته على تحسين واقع الناس المعيشي على الاقل .
بكل صدق فاني اتفاؤل بوجود المعشر نائبا للرئيس, لخبرته ومعرفته باوضاع واولويات الوطن ومحبته للإنتقال الى بوابة النمو والتقدم إضافة الى بعض الوزراء المخضرمين الذين يعرفون وربما اكثر من الرئيس كيف تدار المؤسسات الحكومية وكيف تستطيع الادارة الحكومية ان تنهض بالاقتصاد الوطني وتفعيل دور المواطن وذلك باحترام القوانين والتشريعات والتعامل الحكيم معها وتنفيذ استراتيجياتها . لكن ما نشاهده اليوم هناك شطحات مضحكة لعدد من الوزراء الذين يتسابقون للتصريحات ولكن بأساليب لم ولن ترتقى لتطلعات الناس لحكومة استمرت فترة تشكيلها ثمانية ايام بالتمام والكمال .
نحن جميعا نريد الخروج من عنق الزجاجة , ونريد وطنا يحس المواطن فيه ان المسؤولين يعملون بكل جد وتعب وحسب الامكانات وهم يقدرون الواقع ويعلمون ان لكل شخص قدرة وطاقة ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها . غير ان التصريحات التي تخرج جزافا من بعض اعضاء الحكومة وبصفة الاستعجال لا تنسجم مع جنس العمل وستكون وبالا وستنعكس سلبا على الحكومة التي يتوقع منها الناس الكثير.
انا مدرك بان النواب يمهدون للإنقضاض على عدد من الوزراء الذين يعتقد النواب انهم لم ولن يفلحوا, ولم يوفق الرزاز بإشراكهم بحكومته , وهذا مدعاة لإن يفكر الرئيس ومنذ اللحظة التي يسمع فيها آراء النواب بأعضاء حكومته أن يفكر بإزالة كل المعوقات التي قد تعرقل مسيرة التعاون بين الحكومة والنواب . ولا أكون مبالغا اذا قلت أن الرئيس اصبح على مقربة من هذه الحقيقة وان العديد من الوزراء كان يجب أن لا يكونوا في حكومته التي يتأمل الناس منها كثيرا .
جلسات النواب وخاصة اسبوع المناقشة , سيسمع الرئيس ما لم يتوقعه وسيتفاجأ بحجم الاتهامات الموجهة للخطط والبرامج وبالحد الأعلى الموجهة لعدد من الوزراء, . والنهج الجديد يقتضي أن يمحص الرئيس بهذه الكلمات وأن لا تمر مرور الكرام كما كان يفعل الرؤساء السابقين وكأن كلمات النواب مجرد (تهويش واستعراض ) وغثاء سيل ؟ . على الرئيس الرزاز ان لا يفكر بهذه الطريقة بل ان يكون كالفلتر الذي ياخذ المفيد وينسى الهراء والكلام غير الموزون , وغير اللائق في دولة القانون .
اما النواب الذي يعيشون الآن اسوء مراحل الثقة مع الشعب فإن الاساس عندهم والأولوية هي اعادة هذه الثقة وهم قادرون وبسرعة , فالناس لا تكرههم ولكنها غاضبة من غياب دورهم , فكم هي المرة التي هاجموا فيها النواب , الا ان الناس يعيدوهم للبرلمان مرة ومرات . فعلى النواب ان يكون بالفعل لصالح المواطن وأن يساندوا الحكومة بالصواب والمشورة والتشاركية التي هي اساس التنسيق , بحيث يسيرون الحكومة وفق منهج خدمة الوطن ومصلحة الوطن وعدم انجرار النواب ليكونوا اداة مصتصاغة بيد الحكومة, تتلاعب بها وتمر ما لا يحمده الناس ولا يقبلوه , بحيث تسلخ الحكومة منهم هيبتهم ودورهم , وهذه هي الخطيئة الكبرى بحق الوطن والتي ارتكبتها الحكومات السابقة وتماشى معها النوب فاصبح المجلس (بلا معنى ولا هوية ولا مصداقية ) .
اليوم وقبل الغد لا بد للحكومة من أن تحافظ على قوة مجلس النواب , وعلى النواب ايضا أن يحافظوا على هيبة الوزراء ليتمكنوا من تنفيذ البرامج والخطط بعيدا عن المناكفة , وان يكون الخبراء والمجتهدون , واصحاب الخبرة والدراية ذات الصفحات البيضاء والسمعة الحسنة هم الذين يتم الاستعانة بهم والتشاور والعمل معهم . فقد جاء الوقت الذي نتصارح به مع انفسنا وواقعنا ونبتعد عن الزخارف التي تأتي ثم تذهب ريحها فتكون كالجثة الهامدة . يدفع ثمنها الوطن , فالمسؤولية ليست مرضوة وليست شللية وليسة خوطر انها العناء والتكليف والجهد والتعب وشرف الانتماء للوطن .