لا يساورني شك في أن الأجهزة الأمنية تبذل ما في وسعها من أجل فك "شيفرة ورد" الذي يمرّ اليوم النهار السادس عشر لاختفائه في ظروف غامضة ومثيرة لحزمة كبيرة من الشكوك والمخاوف والهواجس.
وإذا صدقت بعض التصريحات الأمنية التي تشير إلى أنه لا تتوفر معلومات جازمة بشأن هذا الملف، فإننا سنكون بإزاء معضلة من الصعب تقبلها، لأنها تتجاوز الشأن الأمني إلى الأمان الأهلي، والطمأنينة الأهلية، والسكينة المجتمعية المشتركة.
ولأنني حريص كل الحرص على أن تأخذ التحقيقات الأمنية مجراها، وأن تبقى محتفظة بسريتها، إلا أنني في المقابل مصاب بعقدة اللافهم حيال مجريات هذه القضية/ اللغز.
فهل يمكن لكل الإمكانات والتجهيزات والخبرات أن تخفق في التوصل إلى رواية مقنعة تسوّغ كيف يمكن لطفل عمره 5 سنوات، ذهب ليشتري حمصاً من مطعم يبعد مسافة 5 دقائق عن منزله ولم يعد منذ أكثر من أسبوعين!
فكيف يمكن تقبّل ذلك وكأنه أمر طبيعي لا يثير الحفيظة ولا يفجّر في القلب منابع القلق الذي يجاور اليأس والقنوط؟
ولماذا لا نتعاطى مع أحاديث الناس الهامسة على نحو عميق باعتبار تلك التهامسات شكلاً من أشكال الضيق بالمجرى الذي تتخذه قضية ورد؟ أليس من حق هؤلاء، على اختلاف مرجعياتهم ومستوياتهم الثقافية والعمرية، أن يتساءلوا عن هذا اللغز العصيّ على الحلّ حتى الآن؟
أليس من حق الأهالي أن يصابوا بالرعب كلما تذكروا ورداً، بينما أطفالهم يلهون خارج المنزل؟ فالوجدان الشعبي مأخوذ بالمشابهة، واللسان الشعبي معتاد على النقد اللاذع الذي لا يتساهل مع هكذا قضية، ويصبّ جام غضبه على الجهات المعنية بهذا الأمر على نحو أساسي.
وكما أنه ليس من حقنا أن نشجب تقولات الناس وإشاعاتهم، بوصفها ثمرة إحساس عميق بالخوف ونبوع من انعدام اليقين، فإنه ليس من حقنا أيضاً أن نتهم الأجهزة الأمنية بالإخفاق حتى الآن في فك الشيفرة المحيرة لسرّ اختفاء طفل ذهب ليشتري حمصاً وخرج من المولد بلا حمص؟!
m.barhouma@alghad.jo