اعفاءات الديوان الملكي * ماهر ابو طير
ماهر ابو طير
11-05-2009 06:40 AM
ما زالت مشكلة الاعفاءات الطبية الصادرة من الديوان الملكي الهاشمي بالتنسيق مع وزارة الصحة تثير ردود فعل ناقدة ، وقد اثرت الموضوع ذات مرة ، فغضب من غضب ، غير ان الذي غضب ، لا يعرف انني لا احسب حسابا ، لا.. لمن يغضب ، ولا.. لمن يرضى،،.
الاردنيون يعانون اليوم ، جراء عدة قضايا ، ابرزها ان التقدم بطلب اعفاء كان يتم عند باب رغدان ، ويعود المواطن بعد ثلاثة ايام ، ليأخذ الاعفاء لستة شهور او لعام ، بكل سلاسة ، وقد روجعت هذه التعليمات ، بحيث يتم الذهاب الى الوحدة الصحية قرب دوار الداخلية ، وتسمع اليوم ، شكاوى ، لا تعد ولا تحصى ، من جانب الناس ، ولو ذهب اي مسؤول متخفيا ، لسمع من الناس حكايات غير متوقعة ، واخطاء سيتم سرد بعضها ، ولو ذهب اي مسؤول علنا وبشكل مفاجئ ، واستمع الى الناس لسمع شكواهم المرة ، من قضايا تفصيلية ، يتوجب التوقف عندها ، وعدم اعتبارها امرا عاديا ، مهما تذاكى البعض في تسويقها وتبريرها.
فلسفة العلاج على حساب الديوان الملكي تقوم على اساس ان الملك اعزه الله ، يخفف عن الناس ، بالدرجة الاولى ، فكتاب العلاج ، مضمونا ، هو كمن يصافح الملك ويأمر بعلاجه ، مباشره ، غير ان الحاصل مختلف ، فالمواطنون يشكون من الفظاظة في معاملة بعض الموظفين ، ومن تكدس اعداد كبيرة من الناس ، وبطء الاجراءات ، ويأتي مواطنون من محافظات بعيدة ، وبعضهم قد لا يحصل على دور فيعود مرة ثانية ، وثالثة للحصول على الموافقة ، كما ان هناك شكوى مرة وقاسية من مدد كتب العلاج التي اصبحت ثلاثة اشهر ، لا تكفي المواطن للحصول على موعد واحد مع طبيب ، في مستشفى حكومي ، وقد يقرر له صور اشعة ، ويتم منحه موعدا بعد شهرين او ثلاثة اشهر ، للصور ، فيصبح مضطرا للدخول في دوامة المراجعات للحصول على اعفاء جديد ، وغالبية المواطنين يشكون بكل ألم الدنيا من مدة الكتاب لثلاثة اشهر ، ويسألون عن الجدوى من ذلك ، خصوصا ، ان لا احد يحب ان يذهب الى طبيب او مستشفى ، وحصوله على اعفاء لسنة ، لن يسبب هدرا في استخدام الكتاب ، اذ ان المريض لن يحتاجه الا لموعد او عملية ، ولن يقوم بطبيعة الحال بتحويل كتاب الاعفاء طويل الامد الى تذكرة سفر ، او اقامة في فندق خمس نجوم للرفاه والاستمتاع ، وعلى هذا فان الحديث عن ضبط النفقات ، امر مبالغ فيه تماما ، ويتم على حساب المحتاجين والمرضى.
من المشاكل الاخرى الاخطاء التي تجري في اصدار كتب العلاج فيأتي المواطن وهو بحاجة للعلاج في مستشفى محدد ، لاسباب تتعلق باقامته او لوجود طبيب محدد او اجهزة محددة ، او لكون ملفه في مستشفى محدد ، فيتم ارساله الى مستشفى اخر ، دون الاستماع الى تبريرات المواطن حول المكان الذي يحتاجه ، كما ان استثناء بعض المستشفيات من كتب العلاج امر مؤسف ، وقد كتبت عن طفل من الرمثا كان يعالج في مستشفى الملك المؤسس في اربد ، فاذا بوالده يفشل في الحصول على علاج الا في مستشفيات اخرى ، برغم كل تبريرات الاب ، والحجة انه مؤمن كونه مصنفا من ذوي الاحتياجات الخاصة ، الذين نفترض فتح كل المستشفيات لهم ، لا.. حصرهم في مستشفيات محددة يعتذر بعضها عن المساعدة لعدم قدرته ولعدم وجود اخصائيين.
كان لي الشرف ان ارافق جلالة الملك في عشر سنوات ، في كل جولاته المحلية ، وكنت اشاهد حرصه الشديد على مساعدة الناس ، وحين تسمع هذه الحكايات وغيرها تأسف على هكذا وضع ، وتدعو اليوم ، الى مراجعة هذا الملف ، مراجعة دقيقة تفصيلية ، اذ ليس كل الروايات ، دقيقة ، حول بطولات من يتحدثون عن انفسهم ، من انصاف الموظفين وارباعهم ، ولا بد ان تجري مراجعة لكل هذا الوضع ، على مستوى عال ، فالمواطن اولا ، واخيرا.
"سيدنا" يريد شيئا ، والموظفون ينفذونه بطريقة مختلفة ، باعتبار ان "البلاد" لن تدوم الا تحت ظلال اجتهاداتهم العجائبية.
m.tair@addustour.com.jo