منذ ان وعينا على هذه الدنيا ونحن نعيش على ثقافة ربما كانت تصلح في وقت ولكنها لا تصلح في كل وقت. عشنا أدبيات ( يعيش . يسقط . لعيناك . ابشر . فدوى لك . كله في حبك يهون. المهم تكون راضي . انتم الاهل والعشيرة . معان لينا حقك علينا ... ) ونحو ذلك من الألفاظ التي ظاهرها الخير والتسامح والكرم ولكنها تخفي التجاوز على الحق وبوس اللحى وغياب القانون والمداهنة والتطبيل والتزمير والنفخ وأحيانا" النفاق .
لفت نظري هذا وانا استمع لترحيب بعض الكرام بتفقد رئيس الوزراء للعمارة التي انهارت في الغويرية وكأن الرزاز فتح عمورية وأغرقنا بكرمه ومنن علينا الى يوم الدين رغم ان الزيارة لم تسفر الا عن " لجنة تحقيق ". آن لنا ان نقوم بثورة ثقافية في مجتمعاتنا العربية لنتحدث بلغة الحقوق والواجبات والقانون وواجبات المسؤول وقلة الكلام وكثرة العمل .
وان نتوقف عن التطبيل للمسؤول فلا شكر على واجب ولا داعي ان يحملنا وأجدادنا والذين خلفونا بكرم زيارته التي تكلف الدولة مبالغ مالية دون أن نرى طحنا" على أرض الواقع !!!! يا عباد الله : لقد كفى ما كان من تحولنا الى دمى بيد هؤلاء يضحكون علينا ويقسمون أغلظ الأيمان أنهم منا ويشعرون بشعورنا لكنهم (اذا خلوا الى شياطينهم قالوا إنما معكم إنما نحن مستهزؤون ) .
لا نريد استمرار لعبة المزمار الهندي مع الحية التي تطرب على مزماره ، ولا نريد استمرار الرقص على جراحنا لمسؤول ربما في قرارة نفسه يبتسم من حركاتنا البهلوانية له ويقول : هذا ما عرفته عنكم من هبل ، فأنتم جماعة طيبون الى درجة الغباء نأكل بعقلكم حلاوة " إنْ كان لكم عقل "!! .ولسان حاله يقول " ماذا تريد أحسن من هؤلاء نسرقهم ثم هم يمدحوننا بقصائد الشعر العمودي والشعر الشعبي الذي ينبهوننا فيه الى فضائل وخصال فينا نحن لا نعلمها !! ان الطلاق مكروه في الاسلام ، ولكن طلاق هذه الثقافة واجب شرعا" وعقلا" إذ لا يجوز استمرار المهزلة ولا السذاجة بينما الغرف المغلقة تخطط للجموع مستقبلها هل هو الخنق او الذبح او اللجم ؟ يقررون لنا ونحن نفرح لمجرد مصافحة مسؤول ونضع صورتنا معه في صدر البيوت وعلى صفحات الفيسبوك وبهذا نروج لهم ونمنحهم شهادات حسن سلوك ربما كانوا بعيدين عنه . ان الابتسامة الصفراء لايجوز ان تخدعنا فالعبرة بقراراتهم التي تأكل جيوبنا ومستقبل اولادنا ، قراراتهم في زيادة المديونية ، قراراتهم في بيع المقدرات ، قراراتهم في الخضوع للأجنبي بينما يقولون لنا انتم الأهل والعشيرة !! لننتفض على هذه الثقافة التي عشنا عليها زمنا" طويلا" وآن لنا ان ندخل عالم الدول التي يكون فيها المسؤول عابر سبيل لا يصفق له أحد ، ولا يلتفت له احد سواء كان في المسؤولية أو بعدها اللهم الا الاحترام الإنساني وليس احترام الكرسي الذي به أذلوا الناس واستعبدوهم .
لن يتغير حال الناس اذا استمرت هذه الثقافة المتخلفة والتي لم تعد صالحة للاستهلاك البشري وبخاصة عندنا نحن الشعب الذي تجاوزت فيه نسبة التعليم تسعين في المائة .