رغم ايماني امطلقبأهمية الاستطلاعات والدراسات الحثية في المنهج العلمي وتأهيل القرارات السيادية لاي بلد . فلا شك ان الاستطلاعات كأحد ادوات البحث العلمي القائم على المنهج الوصفي هي ادوات تطرح لقياس الافكار لبيان رأي افراد العينة في مجتمع الدراسة , ومستوى هذا الرأي ونوعه , وبشكل احصائي . بهدف الوقوف على حقيقة الرأي العام وتوجهاته وتطلعاته ومستوى تطبيقات هذه الفرضيات على ارض الواقع , فالاستطلاعات لا يمكن ان تكون مجرد طرح اراء بمقدار ترجمة هذه الاراء على ارض الواقع ,وبيان مستوى هذه الترجمة , فعندما نقول الثقة بالحكومة لتطوير الواقع الاقتصادي , فان مثل هذه الفرضية لا يمكن ان تكون علمية الا اذا قسنا مستوى تحقق او عدم تحقق هذه الفرضية ونسبها , فكيف نتوقع مستويات تفاؤليه او تشاؤمية , دون ان يكون معايير قياس موجودة تترجم نسبة الاراء المنسجمه او غير المنسجمة مع الفرضيات التي تطرحها الاستطلاعات سواء بالاستبيان او المقابلة او اي أداة من ادوات القياس الاخرى .
ولكن ما شدني لاستطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية ايضا , العديد من الايحاءات التي لم تعكسها حقيقة أراء المواطنين فبينما تعنون صحيفة الدستور خبر الدراسة بثقة قادة الراي والعينة الوطنية بقدرة الحكومة على تحمل المسؤولية , وبنسب اكبر بالنسبة للرئيس نجد بان 45% من قادة الرأي و48 % من مستجيبي العينة فقط من يعتقدون بان الفريق الوزاري سيكون قادرا على تحمل مسؤوليات المرحلة القادمة ,أي أن 55% من قادة الرأي و52% من افراد العينة مقتنعون أن الفريق الوزاري غير قادر على تحمل مسؤولياته التي اشارت اليها نسب الاستطلاع وبالتالي تراجع الفرضية الايجابية , حيث برر الاستطلاع سبب هذا التراجع لمشاركة وزراء من الحكومة السابقة . فبالنسب المذكورة اشارت 67% من قادة الرأي و63% من من افراد العينة ، أن عدم الرضا عن هذه الحكومة يعود لعودة وزراء من الحكومة السابقة , فكيف اذا ترتفع الثقة بهذه الحكومة ونحن نشهد ارتفاع نسب عدم الرضا عن التشكيلة وبنفس الوقت عدم الثقة بقدرة الحكومة على تحمل المسؤولية ,إضافة لتوقعهم تردي اوضاع اسرهم وتردي الوضع الاقتصادي , وبنسب عينة وطنية تجاوزت 59%؟؟!! وهنا لا اريد أن اغوص بقضية الرئيس والفريق, لان مثل هذه الجدلية سوف توقع الحكومة بشرك كبير وتجاذبات اكبر قد تفتت وتمزق نسيجها وتفشلها في اقرب وقت , بل على العكس فالاساس ان يكون الرئيس وفريقه كتلة واحدة براي واحد وبمسيرة واتجاه واحدوبكفاءة متداخلة متكاملة وان يكون آداءها كفريق واحد حيث لا يستطيع الرئيس تحمل مسؤولياته بعيدا عن تفاهم كبير ومشاركة موحدة من الجميع وفق برنامج مدروس وسياسات واضحة واستراتيجية معلومة الهدف النهائي .
فاذا اشارت ما نسبته 39%من عينة قادة الرأي و50% من مستجيبي العينة الوطنية إلى رضاهم عن تشكيلة الحكومة , فهذا يني ان 61% من العينة الوطنية غير راضين عن تشكيلة الحكومة رغم ان هذه الثقة جاءت لشخص الرئيس اكثر من فريقه الوزاري .
ومن الطبيعي ان تكون الثقة بالحكومة الجديدة , او لنقل بالرئيس الجديد افضل من الحكومة السابقة والرئيس السابق وبنسبة 83% من العينة الوطنية, وهي نسبة كبيرة تتوقع من الرئيس آداءا مغايرا ومعالجة كبيرة لما رفضه الناس وتظاهروا من أجله. فكيف اذا حسب الاستطلاع سيتحقق ذلك والنتائج تشير ان مستجيبوا العينة والقادة يرون بالوزراء المنتقلون من الحكومة السابقة عبئا على هذه الحكومة وضعف لآدائها المستقبلي.
فهل الثقة الموجودة بشخص الرئيس هي التي اضفت نسبة الثقة المتواضعة والامل البسيط المستقبلي , وهل على رأي الاستطلاع النجاح الذي سيتحقق سيكون بشخص الرئيس والوزراء الجدد . ؟؟!! فهذا استنتاج لا اتوقع أنه صحيح , خاصة وان طبيعة التحليل الواقعي والمعلوماتي والمهني للاشخاص لا يمكن أن تغطية مجرد الاجاة على اسئلة تسبقها حالة وجدانية مفعمة بالانفعال والعاطفة الرفضية. , فالاساس بهذا الاستطلاع ان لا يتم اليوم ولا غدا بل بعدة فترة من الزمن حتى تكون الحكومة قد اخذت من الوقت الفترة الماسبة لنرى خيطها الابيض من الاسود . ويكون المواطن قد ملك الوقت الكافي ليحكم على آداء الحكومة وليس التوقعات . فالايحاء بتوقعات عالية للحكومة قد لا تحصل , وهو بذلك تكسير لمجاديف هذه الحكومة . فلماذا نزرع في نفوس الناس تفاؤلا مبالغ فيه رغم أهمية اعادة الامل واحياء الثقة بالمؤسسات الوطنية ليست الامنية ومجلس الزراء فقط بل والمؤسسات الخدمية والسيادية لضمان حسن التفاعل والتعاون بين هذه المؤسسات والشعب . لا نريد توقعات قد تصتدم بواقع الظروف الطارئة السياسية او الاقتصادية , ولا تسعف الرئيس وفريقه من تحقيق الأمل المرسوم.
اجوبة متناقضة وتوقيت غير مناسب لحكومة لم تحصل على ثقة الشعب حتى الان رغم كل الايحاءات , ولم تجرب بتجارب المحك. فانا اشفق على الرئيس وفريقه كيف سيعملون بحجم التوقعات الكبيرة , وأمال تفوق القدرات والضغوطات التي قد لا يسعفها الوقت والزمن والامكانات للتعامل معها , وغدا سيتحرك الطابور الخامس والصالونات المفبركة لاشغال الرئيس وفريقه بالدفاع عن النفس وبالتالي ترك الاستراتيجية الوطنية في مهب الريح . . فما على الحكومة الا ان تكون صريحة وشفافة وان تسعى ولوبشق تمرة فاي تقدم واي تمرة محققة ومنجزة , افضل من الف بعير موعود , وغزال غير مصيود .