الحكومة وقانون التقاعد والمعلولية
د.مهند مبيضين
05-07-2018 01:46 AM
منذ أحداث أيلول 1970 وحتى اليوم، الدولة كانت غالبا تسعى للمجيء بنخبها السياسية من قلب مؤسساتها، كانت المؤسسة العسكرية بكل فروعها والجمعية العلمية الملكية وأجهزة الوزارات المركزية وأمانة عمان والجامعة الأردنية (ثم لحقها الجامعات الرسمية الأخرى) والبنك المركزي أكثر مصدري الوزراء للحكومات والوظائف العليا والسفراء، والنقابات شاركت بدرجة أقل.
اليوم ما زال اغلب الوزراء يأتون من تلك المنجم التي صنعت رجال الوطن، وبعضهم من القطاع الخاص، وقليل ما جاء وزير لم يكن عاملا بمؤسسة عامة كما جاء بالتعديل الجديد للقانون الذي أقره مجلس الوزراء.
وأبناء المؤسسات العامة هؤلاء كانوا عدّة الدولة في الحكومات، وفي الملمات، ولم يكن التقاعد ذا قيمة كبيرة، مثلاً محمد سعيد النابلسي رحمه الله كان آخر منصب له محافظ البنك المركزي حتى أواسط التسعينات وكان برتبة وزير منذ منتصف السبعينات، كان راتبه التقاعدي كوزير لا يتجاوز 400 دينار. وربما هناك أمثلة أخرى، عن جيل حكمت الساكت وذوقان الهنداوي وآخرين، آنذاك كان لدينا رجال يحبون وطنهم ووظيفتهم ويعتبرون تقديم المعلولية لرفع التقاعد فعل رذيلة وعارا والاسم «معلولية يكفي» فصاحبة معتل، فكيف سيكون عمله.
في الفقه: لو سألنا ما قولك برجل عامل بلغ كامل الأهلية، وقبيل بلوغ سن التقاعد دبّر حيلة أو لجنة للحصول على وصف انه معتل، ولا يقوى على العمل، وحصل على مراده، ثم بعد مدة عين بوظيفة تنفيذية عليا، وفيها أعباء أكبر مما كان يعمل به قبيل الاعتلال. ما قولكم أفتونا مأجورين؟ سيجيب يلزمه دفع ما تقاضاه عن الاعتلال كونه مالا دخل في الرزق غير المباح والتدليس.
هذا الأمر ليست نكتة، فقهية بل هو الصواب، ونقول أن الوزراء يجب أن يأخذوا تقاعدا يليق بجهدهم، لكن التقاعد ليس هو الغاية والأرقام التي تنشر عن المبالغ التي تصرف كفاتورة تقاعد ليست كما يقال، وقال احد الوزارء إنها قد تبلغ 16 مليونا، وهي أقل بكثير، ولا تأتي كظفر طفل صغير من ميزانية المؤسسات والهيئات المستقلة سنويا.
المهم اليوم ليس الإكثار من كلمة العدالة الاجتماعية واعتذارات الوزراء وبأثر رجعي، والمحسنات المكياجية التي تستخدم عند المسؤولين، المهم أن الخدمات العامة سيئة وعلى بعضها ضغط كبير جداً، ومع ذلك هناك من ينجز ويحدث فرقا في مؤسسته وقطاعه ويجب أن يكرم.
هناك مراكز صحية رثة، هناك مدارس عبء، هناك طرق سيئة جداً كالصحراوي بوصفه مبيد البشر.
المرافق العامة في المستشفيات لا تليق بالحيوانات بعضها، وهذا ليس مسؤولية الوزارة بل جزء كبير منه على المواطن الذي يسيء الاستخدام.
هناك ثقافة تنمو بعنوان الأكل من الدولة كله حلال، سواء حرام أو حلال، وهناك مسؤول أو مسؤولة لا يتابع التفاصيل ولا يتواصل مع مجتمعه المحلي وكوادره بإنسانية ولا رقي.
في المقابل هناك من يجتهد ويجد، وله لكل الشكر.
الدستور