عبد الله النسور، الأعلى جبينا ..
د. نضال القطامين
03-07-2018 09:30 PM
"سُررت للإيضاحات الجليّة التي قدمها معالي وزير المالية الحالي، وسبق أن قدمها سلفه معالي وزير المالية السابق، حول ما تم تداوله عن إنفاق مبلغ مليار و٣٠٠ مليون دينار خارج الموازنة".
لم يكن دولة الرئيس الجليل عبد الله النسور بحاجة لهذا الإدراج لكي يبقى في عيوننا القامة الوطنية الباسقة، ومعلومٌ أن المواقف وحدها من تلد الرجال، وليست مشكلة دولته على الإطلاق، أن بعض الساسة الذين يجدون صعوبةً في تركيب جملة، يلقون الكلام على عواهنه، ولا يجدون في صدورهم حرجاً من ذلك، ابتغاء "شعبوية" زائفة، وقد كان الأحرى بهم مضغ الكلمات قبل لفظها، قبل أن يتذكروا جيداً بأن العرف الدستوري يقضي بالمسؤولية التضامنية لمجلس الوزراء.
عملت بمعية دولته في ثلاث حكومات متتالية، وزاملته في مجلس النواب يوم كان سيف الحق على الحكومات، وقد رأيته الأحرص على المال العام والاكثر إخلاصا لوطنه ومليكه، وقد عرفه الأردنيون الأكثر صراحة والأقرب لمعرفة أحوالهم، وقد سار بهذا البلد بتوجيهات جلالة الملك، للخروج من فيضانات الربيع العربي الجارف، أكثر قوّة وصراحة وشفافية.
وقد جاء في ما كتبه دولة ابو زهير تصريحاً مهما لمعالي عمر ملحس وزير المالية السابق المختص، بأن وزارة المالية قد أصدرت الحسابات الختامية للسنوات السابقة والتي تظهر النفقات الفعلية التي تمت خلال تلك السنوات مقارنة بالمخصصات المرصودة في الموازنة ولم تظهر هذه الحسابات أي عملية تجاوز للإنفاق الفعلي عن المخصصات المرصودة في الموازنة، وأن التشريعات المعمول بها لا تجيز الإنفاق خارج المخصصات المرصودة في الموازنة.
هذا كلام مهم، ومن شأنه توضيح الحقائق التي غيّبها الإستعراض ورمي الحجارة في الآبار، ويعلم الجميع الظروف التي رافقت تشكيل حكومات دولة الرئيس من ربيع عربي وهتافات عالية وعيون مفتوحة على المال العام، ليعرف المبتدئون في الرقابة والسياسة، أنه لم يكن هناك مجال لصرف خارج الموازنة لا بالتشريع ولا بالرقابة، التي كان يمارسها الناس على اختلاف مستوياتهم.
وأعود إلى ما قاله الكاتب الكبير طارق مصاروة عشية مغادرة دولته للدوار الرابع : " يغادر د. عبداالله النسور الدوار الرابع، ويعود إلى داره في السلط، وهو أعلى جبيناً، وأكثر اعتزازاً فقد كان رئيساً حقيقياً أعاد إلى الدولة هيبتها. وعلّم السياسيين الهدوء والصبر.
فالنسور لم يكن شاباً إلا في روحه. فقد كان «ابن الدولة».. نائباً، ومديراً ووزيراً فلم يكن هبط للرئاسة بالباراشوت.
حين يسجل تاريخ بلدنا للرئيس النسور، فهو يسجل له انه غالب الفوضى التي حمل إلينا الربيع العربي ريحها السموم ممن حولنا، فكاد بغاث الطير أن يستولي على الشارع.. وهو الباب إلى الاستيلاء على السلطة.
ومع أن الأمن الوطني كان في مستوى النظام السياسي، إلاّ أن مغالبة النسور كانت القانون، والاصلاح السياسي، واجتراح تعديل الدستور، والمحكمة
الدستورية، وقانون الانتخاب، والحكم المحلي.. وعشرات القوانين في الاصلاح المالي، والقوانين الناظمة للحياة السياسية. واستطاع بالكثير من الصبر إعطاء مجلس النواب فرصة ترصين أدائه.. حتى اليوم الأخير."
لقد حفّزني تعليق دولة أبي زهير أعلاه على ما قيل أنه صرفٌ خارج الموازنة، فأثبت شهادتي في ذلك، وأدعو كل أصحاب المعالي الزملاء الذين خدموا بمعية دولته، أن تكون لهم كلمة بهذا الشأن، نصرةً، لا لدولة أبي زهير فهو لا يحتاج ذلك، ولكن للوطن؛ للمنصفين واؤلئك الذين سيعلمون، إذا ما اشتبكت دموع في خدود...،تبين من بكى ممن تباكى.
وستبقى دولة الرئيس الجليل الوطني الصادق والرائد الذي ما كذب أهله، وفي مثلك قال المتنبي :
وَتَنْسُبُ أفعالُ السّيُوفِ نُفُوسَهَا إلَيْهِ وَيَنْسُبنَ السّيُوفَ إلى الهِنْدِ.
إذا الشّرَفَاءُ البِيضُ مَتُّوا بقَتْوِهِ
أتَى نَسَبٌ أعْلى من الأبِ وَالجَدِّ.
فَتًى فاتَتِ العَدْوَى من النّاسِ عَينُه فَما أرْمدتْ أجفانَهُ كثرَةُ الرُّمْدِ.
وَخالَفَهُمْ خَلْقاً وَخُلْقاً وَمَوْضِعاً
فقد جَلّ أنْ يُعدَى بشَيْءٍ وَأن يُعدي.
وعليك السلام...