ياااااا الهي حياتي مليئة بالمشاكل ومش " زابط" معي أشي.. بدي أموت، بدي انتحر عشان ارتاح.. بدي وسيلة سهلة واضمن بها الموت المحتوم... انا الان في الطابق العلوي للمبنى، ماذا افعل.. هل اقفز من هنا.. بل يجب ان اقفز من النافذة فتحت النافذة... اقفز ام لا ؟! .. اقفز ام لا ؟! سوف اقفز.....
ألان سأقفز...
قفزت.....
انه صديقي مازن الضحوك المعروف بابتسامته الجميلة في المبنى00
انه يبكي ويبكي، يا ترى ما هو الذي يحزنه لهذا القدر؟ لأول مره في حياتي أراه بهذا الحزن...
انها جارتنا الوسيمة الجميلة اللطيفة 00 !
إنها تنظر إلى صورة زوجها الذي توفي منذ ثلاث سنوات.... وتبكيه .. أنها تتمنى أن يكون معها ألان.
أليست هذه المرأة الأكثر نشاطاً في المبنى، ماذا تفعل؟!
ما هذا الوجه الشاحب وما كل هذه الأدوية ، أنها تأخذ جميع الأدوية هذه؟! تبدو مريضة جداً.
أليس هذا جارنا الجامعي المتعلم ، لقد تخرج منذ أربعة سنوات، انه قارئ صحف من الطراز الأول، نعم تذكرت، يشتري جميع الصحف يومياً على أمل إيجاد فرصة عمل.
يا الهي انه جارنا المسن العاجز عن الحراك، ينظر من النافذة، انه ينظر إلي من النافذة... بل لا انه ينظر الى ابعد نقطة في الشارع، يأمل ان يزوره أحداً ويسأل عن أحواله ويتفقده في كل حين والأخر، انه ينتظر أبنائه بفارغ الصبر ومشتاقاً لأحفاده جداً، لكن لم أرى أحداً يزوره، ان دموع الحزن تملئ عينيه.
أنهم الزوج والزوجة حديثا الزواج السعيدان المعروفان في المبنى... (انهما يتشاجران) إذاً لم يكونا سعيدين أبداً كما اعلم...!
قبل ارتطامي بالأرض شاهدت بيت عزاء وأصوات تتعالى، يا ترى لمن؟....
قبل ان اقفز من المبنى اعتقدت بأنني الشخص الأكثر حزناً وبؤساً.. ألان أدركت ان لكل شخص مشاكله وأحزانه الخاصة، لكن ما الجدوى ألان، إني في طريقي للنهاية... وبعد ما شاهدت كل هذا وجدت ان حزني وبؤسي في الحقيقة لم يكن سيئاً على الإطلاق...
إنني ألان مستلقي على الأرض ومغمض العينين، اني في عالم أخر ألان، واشعر أنهم ينظرون إلي من النوافذ بنظره استغراب وذهول، منهم من وصفني بالجنون، ومنهم من وصفني بالغباء، ومنهم من قال عني مريضاً نفسياً ومنهم.. ومنهم.. ومنهم..، وأنا كنت غير ذلك وامتلك العديد من المواهب.
في الحقيقة لو أعطيت نفسي فرصة بالتفكير قليلاً ، قبل ان اقفز، لما قفزت...لان لغيري مصائب أعظم بكثير من مُصيبتي، والكثير من الناس يقدرونني ويكنون لي الحب، ولو فكرت قليلاً أيضاً لوجدت ان الوطن بحاجة إلي كحاجتي له، انه الحضن الدافئ الذي لطالما أنعشني بمياهه العذبة، وترعرعت بين أكنافه، انه الحنون، وأنا كُنت قاساً عليه وعلى نفسي بما أقدمت على فعله....
zaidmarafi@hotmail.com