السباق بين الحكومة والنواب على الشارع
عمر الرداد
03-07-2018 06:07 PM
اقل من أسبوع يفصلنا عن موعد افتتاح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب،التي من المقرر أن تبدأ بطرح حكومة الدكتور الرزاز بيانها الوزاري لنيل ثقة مجلس النواب على أساسه، ومن المرجح أن لا يكون البيان الوزاري العامل الحاسم في حجب الثقة او منحها،إذ أن الحكومة والبرلمان معنيان بالخروج بأقل المكاسب من أزمة الثقة،وعلى قاعدة أن عنوان المرحلة هو تقليل الخسائر،في ظل عدم وجود أفق لتحقيق المكاسب.
منذ توليها مسؤوليتها بعد إعلان القسم، تحاول الحكومة، بعد أن تجاوزت "نسبيا" أزمة التشكيل ،رغم استمرار إثارة هذه ألازمة من قبل أوساط عديدة في صالونات عمان،في إطار تساؤلات حول حدود حرية الرئيس في اختيار فريقه، تحاول الحكومة عبر الإعلان عن قرارات اقتصادية تحقيق حالة عامة من الرضا في الشارع ،تستجيب إلى حد ما للشعارات التي رفعت على الدوار الرابع وأطاحت بحكومة الملقي،بدءا من سحب مشروع قانون ضريبة الدخل مرورا بتخفيض الضريبة على سيارات "الهايبرد" وصولا لتبيت أسعار المشتقات النفطية والتوجه لوقف احتكار الحكومة لاستيراد النفط ومشتقاته،وتعديلات قانون التقاعد الخاص بالوزراء ومن بمرتبتهم،وتمثيل أعضاء الحكومة في مجالس الشركات،وتحويل قضايا فساد للقضاء.
الرأي العام الأردني في غالبيته ،وهذا التقييم لا يستند إلى دراسة أكاديمية بمسوحات واستطلاعات رأي عام، الا أن مخرجات ما يتم تداوله عبر الوسائط الإعلامية المتعددة،والصالونات والمجالس ،يدل على اتجاهات بعدم الرضا التام عن إجراءات وقرارات الحكومة ،لا تصل لدرجة شيوع قناعات بان هناك ضرورة للخروج مجددا الى الدوار الرابع ،على الأقل في هذه المرحلة،وشكوك بإمكانية أن يتخذ مجلس النواب مواقف تستجيب لمطالب الشارع ، وهو ما يجعل المجلس "غير المرضي عنه شعبيا" والحكومة الجديدة ، في ظل الآمال المعقودة عليها باتخاذ قرارات أكثر شعبية في وضع حرج بامتحان صعب أمام هذا الشارع .
السياقات التي سيجري خلالها طرح الثقة بالحكومة، تأتي في ظل أزمات مركبة ومعقدة تختلط فيها عوامل داخلية مع أخرى خارجية، في مقدمتها الأزمة السورية في الجنوب السوري ،حيث تمكنت الحكومة من اللحاق و قيادة جهود الإغاثة للاجئين السوريين على الحدود داخل سوريا،بعد مطالبات شعبية وشكوك قطاعات بالموقف الأردني من عدم السماح بدخول موجات لجوء جديدة على ضوء ما يجري بالجنوب السوري،وبالتزامن تطرح في أوساط مختلفة بالشارع ونخبه تساؤلات حول حقيقة صفقة القرن وموقف الأردن منها،في ظل مخاوف عميقة من أن تكون المساعدات التي قدمت للأردن مؤخرا بما فيها القروض الميسرة والمنح مقابل دور مأمول بهذه "الصفقة"
الحكومة والبرلمان كلاهما تحت ضغط الشارع،وشخص الدكتور الرزاز ،رغم الملاحظات على تشكيلة فريقه،الا انه يحظى باحترام هذا الشارع، وهو ما يوفر له أرضية مناسبة تحول سقوط الحكومة والبرلمان معا،من خلال التوقف عن مساومة النواب بتقديم خدمات لهم والاستجابة لمطالبهم مقابل الثقة،بطرح برنامج الحكومة بشفافية ومصداقية.
البرلمان ،ورغم كتله النيابية المتعددة ،الا إننا أمام برلمان بحالات فردية،فلا سلطة لأية كتلة بإلزام أعضائها بموقف موحد لمنح الثقة او حجبها ،باستثناء كتلة الإصلاح الإسلامية،هذه الوضعية مرتبطة بالتجربة الحزبية المشوهة تاريخيا في الأردن.
ورغم ان حجب الثقة عن الحكومة يبقى سيناريو قائما وان كان ضعيفا ،الا ان سيناريو منح ثقة بحدود النصف زائد واحد،سيكون السيناريو الأكثر ترجيحا ،اذ يستطيع النواب تبرير ذلك أمام قواعدهم، بان الظروف العامة والأزمات الداخلية والخارجية، تتطلب الوصول الى مثل هذا السيناريو، وليس من مصلحة الحكومة الحصول على ثقة (111) نائبا في هذه المرحلة.