صفقة القرن ومصباح د.يوجين!
د. عزت جرادات
02-07-2018 07:27 PM
ابحث عن مصباح ديوجين، ذلك الفيلسوف الإغريقي الذي كان يحمل مصباحه ليل نهار للبحث عن الحقيقة!
اظنّ إن كثيراً من الكتاب والقراء العرب قد أصابهم ( صداع الرأس) في ملاحقتهم للصفقة التي أطلق عليها ( صفقة القرن) ، فمفهوم الصفقة إن ثمة طرفين على الأقل مشتركان فيها : فكرة وإعداداً وتسويقا، وتكون هناك شفافية في الصفقة،وتعرفها الإطراف المعنية دونما حاجة لمصباح ديوجين.
إما هذه الصفقة فلا يعرف عنها بوضوح وشفافية أكثر من تسريبات الصحافة وبخاصة الغربية والأمريكية تحديداً فتتصدى لها الأقلام والتحليلات السياسية والتي تكون كما يقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــال( أخماساً في أسداس).
ولعل اخطر ما يقال إن الصفقة ( تتمتع) بقبول بعض الجهات العربية.. وممارسة الضغوط لقبولها . وفي الوقت نفسه تؤكد الاجتماعات العربية تمسكها (بحل الدولتْين) وبالخيار الاستراتيجي الوحيد وهو السلام الشامل الذي تعبر عنه المبادرة العربية.
أين هي الحقيقة إذن؟ هل يمكن لأي جهة عربية أو غربية أو شرقية اطلعت على تفاصيل هذه الصفقة إن تتحدث عنها بوضوح! إن من حق الشعوب العربية إن تكون ملمة على الأقل ببعض عناصر هذه الصفقة والتي تعتبر من اخطر الأمور وتهدد المصير العربي: فالقدس وحق العودة مؤجلة لمفاوضات لاحقة، وحدود الرابع من حزيران (1967) تخضع لتعديلات لخدمة المصالح الإسرائيلية وامن الحدود يخضع لسلطات إسرائيلية من جميع الجهات، وتكون الإدارة الفلسطينية مسؤولة عن غرّة ومناطق (أ و ب، وأجزاء من مناطق ج) في الضفة الغربية.ثم تأتي المحادثات الإقليمية العربية الإسرائيلية للتوصل إلى معادلة السلام النهائي..
وحتى تدرك الشعوب العربية جوهر الحقيقة، فإنها بحاجة ملحة (لمصباح ديوجين ) ليؤكد لها هذه التسريبات أو يدحضها، إلا إذا كشفت عنها إي جهة أتيح لها الاطلاع عليها . فالموقف يتطلب عدم انتظار إعلان أو إطلاق هذه الصفقة من قبل صاحبها، كما يتطلب التحرك العربي، على هشاشته إقليميا ودوليا، لتفعيل الحل الذي اعتمدته الشرعية الدولية، وأوكلته إلى اللجنة الرباعية: الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة، والقائم على ما يسمى ( حل الدولتينْ) باعتباره يمثل ادني طموحات الشعب العربي الفلسطيني خلال ماية عام من الصراع العربي- الصهيوني.
وإذا لم يتم هذا التحرك العربي، فأن ذلك يعني ببساطة انتظار (صفقة القرن) على نمط مسرحية (بانتظار المخلص غودو) للكاتب المسرحي الايرلندي (ببكيت) ، والذي لم يعد، وتظل الشعوب العربية تبحث عن (مصباح ديوجين) ليكشف لها الحقائق.