البابا يزور مسجد الملك حسين بن طلال .. ويحج على خطى موسى في جبل نبو ويدعو للمصالحة مع اليهود
09-05-2009 04:16 PM
عمان - وكالات - زار قداسة البابا بندكت السادس عشر اليوم السبت مسجد الملك الحسين بن طلال ، وكان في استقبال قداسته سمو الأمير غازي بن محمد الممثل الشخصي والمستشار الخاص لجلالة الملك.
ويلتقي قداسته في حرم المسجد شخصيات دينية إسلامية وأعضاء السلك الدبلوماسي ورؤساء الجامعات الأردنية وعددا من الإعلاميين والمدعوين.
*************
والقى سمو الامير غازي بن محمد الممثل الشخصي والمستشار الخاص لجلالة الملك كلمة امام قداسة البابا والحضور فيما يلي نصها :
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على النبي العربي الهاشمي الأمين خاتم الأنبياء والمرسلين، السلام عليكم، باكس فوبس، بمناسبة هذه الزيارة التاريخية إلى مسجد الملك الحسين بن طلال هنا في عمّان، أرحب بقداستكم، البابا بندكت السادس عشر بأربع طرق.
اولاً، أرحب بكم كمسلم، لأننا ندرك بأن القصد من هذه الزيارة أن تكون بادرة حسن نية واحترام متبادل من الزعيم الروحي الأعلى والحَبر الأعظم لأكبر طائفة من أتباع أكبر دين عددا في العالم إلى ثاني أكبر دين عددا في العالم.
وفي الواقع، فإن المسيحيين والمسلمين معاً يشكلون ما يزيد على 55 بالمئة من سكان العالم، وتكمن أهمية هذه الزيارة في أنّها المرة الثالثة فقط في التاريخ التي يقوم بها بابا جالس على السدّة البابوية بزيارة مسجدٍ؛ فقد كانت الزيارة الأولى التي قام بها سلف قداستكم البابا المحبوب يوحنا بولس الثاني إلى المسجد الأموي التاريخي في دمشق (الذي يضم الرأس الشريف لسيدنا يحيى،عليه السلام)، عام 2001، وكانت الثانية الزيارة التي قمتم قداستكم بها عام 2006 الى المسجد الأزرق الرائع الذي بناه السلطان أحمد في اسطنبول.
إن هذا المسجد الجميل الذي يحمل اسم الملك الحسين هنا في عمّان، هو مسجد الدولة الرسمي، وقد بُني بإشراف شخصي مباشر من صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني، ليكون عنوان محبة لذكرى المغفور له بإذن الله، والده الملك الحسين المعظم، رحمه الله وطيّب ثراه.
ولذلك، فهذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يزور فيها البابا مسجداً جديداً.
ومن هنا، فإننا نرى في هذه الزيارة رسالةً واضحةً عن ضرورة الوئام والانسجام ما بين الأديان والاحترام المتبادل في العالم المعاصر، وبرهاناً ملموساً على استعداد قداستكم للقيام بدور قيادي في هذا.
وتبدو هذه البادرة أكثر روعةً حين نأخذ بعين الاعتبار أن زيارة قداستكم هذه إلى الأردن هي في المكان الأول حج روحي إلى الأراضي المسيحية المقدسة (وبصورة خاصة لموقع عماد السيد المسيح، عليه السلام، في بيت عنيا شرق الأردن) (سِفر يوحنا 1:28 وسِفر يوحنا 3:26)، ومع ذلك خصصتم الوقت في برنامج زيارتكم المكثّف المُضني - وهو مضنٍ لأي فرد مهما كان عمره - لزيارة مسجد الملك الحسين تكريماً للمسلمين.
وعليّ أيضاً أن أعرب عن الشكر لقداستكم على "الندم" الذي عبّرتم عنه بعد المحاضرة التي ألقيتموها في ريجنسبيرغ في 13 أيلول 2006 م، على الإيذاء الذي سببته هذه المحاضرة لمشاعر المسلمين.
وبالطبع، فإن المسلمين يعرفون أنه ليس هناك من قول أو فعل في هذا العالم يمكن أن يسبب أيّ أذى لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو مع،ــ كما تشير كلماته الأخيرة لنا، الرفيق الأعلى - الله سبحانه وتعالى - في الجنة.
ولكن مشاعر المسلمين تأذّت بسبب حبّهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو، كما قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، "النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِم"ْ .
(سورة الأحزاب، 33:6) ومن هنا، فإن المسلمين قدّروا بصورة خاصة التوضيح الذي صدر عن الفاتيكان بأن ما قيل في المحاضرة التي ألقيت في ريجنسبيرغ لا يعكس رأي قداستكم الشخصي، وأنّه كان مجرّد اقتباس من محاضرة أكاديمية.
إضافة إلى ذلك من الواضح تماماً بأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي يحبّه المسلمون ويقتدون بسنّته، ويعرفونه كحقيقة حيّة ووجود روحي، مختلف تماماً وكاملاً عن الصورة التي تُرسَم له تاريخياً في الغرب منذ أيام القدّيس يوحنا الدمشقي.
فهذه التصويرات المشوَهة من قِبَل أولئك الذين يجهلون اللغة العربية أو القرآن الكريم والحديث الشريف، أو لا يفقهون السياق التاريخي والثقافي لحياة الرسول صلى الله عليه وسلم - ومن ثمّ يسيئون فهم النية والمقاصد الروحية وراء أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفعاله الشريفة - وهي المسؤولة، لسوء الحظ، عن الكثير من التوتر التاريخي والثقافي بين المسيحيين والمسلمين.
ولذلك إنّه من واجب المسلمين أن يتصدّوا لتوضيح قدوة الرسول صلى الله عليه وسلم قبل كلّ شيء من خلال أفعال فاضلة ومُحسِنة وتقية وخيّرة مستذكرين بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان " لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ" (سورة القلم، 68:4).
وقول الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا" (سورة الأحزاب، 33:21) وأخيراً، يتوجب عليّ أيضاً أن أشكر قداستكم على العديد من البوادر الودية والأعمال الكريمة الأخرى تجاه المسلمين منذ اعتلائكم سدّة البابوية عام 2005 - بما في ذلك استقبالكم بكل الإجلال صاحبَي الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية في عام 2005، والملك عبد الله بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية، خادم الحرمين الشريفين، في عام 2008.
وبصورة خاصة أشكر قداستكم على استقبالكم الحار للرسالة التاريخية المفتوحة "كلمة سَواء بيننا وبينكم"، والتي وجهها 138 من العلماء المسلمين المرموقين عالمياً (والذين تستمر أعدادهم في الازدياد حتى يومنا هذا) إلى قادة المسيحيين في العالم في 13 تشرين الأول 2007 م.
وانطلاقاً من هذه المبادرة - والتي أقرّت، بناء على القرآن الكريم والتوراة والإنجيل، أنّ من أعظم قيمتين في الدين الإسلامي والدين المسيحي حبّ الله وحبّ الجار - قام الفاتيكان وبتوجيهكم الشخصي، بعقد أول ندوة للمنتدى الإسلامي - الكاثوليكي العالمي بين 4-6 تشرين الثاني 2008 م.
وسنعمل قريباً، بمشيئة الله، مع نيافة الكاردينال توران القدير على متابعة العمل الذي انطلق في هذا الاجتماع، ولكن سأكتفي الآن بأن أقتبس وأردد كلماتك التي وردت في الخطاب الذي ألقيتموه قداستكم بمناسبة انتهاء الندوة، فقد قلتم: "إن الموضوع الذي اخترتموه لاجتماعكم - وهو حبّ الله وحبّ الجار: كرامة الإنسان والاحترام المتبادل - مهم بصورة خاصة.
وقد أخِذ من الرسالة المفتوحة، التي تعتبر حبّ الله وحبّ الجار قلب كلّ من الإسلام والمسيحية.
وهذا الموضوع يسلّط الضوء بدرجة أكبر من الوضوح على الأسس اللاهوتية والروحية للتعاليم الأساسية لدينَينا .
وأنا واعٍ تماماً بأنّ لكلّ من المسلمين والمسيحيين نهجاً مختلفاً في الأمور المتعلقة بالله تعالى.
ومع ذلك فيمكننا أن نعبد، وعلينا أن نعبد، الله الواحد الذي خلقنا والذي يعبأ بكل واحد منّا في جميع أركان العالم .
إنّ هناك ميداناً عظيماً واسعاً يمكننا أن نعمل فيه معاً في الدفاع عن القيم الأخلاقية التي تشكّل جزءاً من تراثنا المشترك، وفي الترويج لهذه القيم .
والآن تَرِد على قلبي آيات الله سبحانه و تعالى: "لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ" (سورة آل عمران، 3: 113 - 115).
وكذلك قوله تعالى: .
" وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ" .
(سورة المائدة، 5: 82) ثانياً، كهاشميّ، من ذرية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أرحب بقداستكم في هذا المسجد في الأردن مستذكراً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رحّب بجيرانه مسيحيي نجران في المدينة ودعاهم للصلاة في مسجده، الأمر الذي فعلوه في وئام من دون أن يساوم أحد الطرفين على عقائده.
وهذه أيضاً عبرة ثمينة يحتاج العالم إلى أن يتذكرها.
ثالثاً، كعربي - ومن أحفاد إسماعيل عليه السلام والذي تقول التوراة عنه إن الله سوف يجعل منه أمّة عظيمة (سِفر التكوين، 21:18) وكان الله معــه (سِفر التكوين 21:20) - أرحب بقداستكم.
فمن أبرز فضائل العرب - والذين تعايشوا مع مناخ يعتبر من أقسى ما في العالم وأشدّها حرارة - يعرفون بانهم مِضيافون.
حسن الضيافة وليدة الكرم وتدرك حاجات الجار وتعتبر البعيدين أو الذين أتوا من بعيد جيراناً أيضاً، وأكّد الله سبحانه وتعالى هذه الفضيلة في القرآن الكريم: "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا " (سورة النساء، 4: 36).
إنّ حسن الضيافة العربية لا تعني حبّ المساعدة والعطاء فحسب بل وكرَم النفس أيضاً بأن يتحلى المرء بالكرم في روحه وبالتالي يتسم بروح التقدير.
خلال زيارة قداسة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني إلى الأردن في عام 2000، كنت أعمل مع العشائر الأردنية وكان قد قال بعضهم إنهم يعزّون البابا الراحل وحين سُئلوا لِمَ يعزّونه وهو مسيحي وهم مسلمون، أجابوا: "لأنه زارنا".
وكما هو الحال مع قداستكم كان من السهل على البابا الراحل يوحنا بولس الثاني أن يذهب إلى إسرائيل وفلسطين فقط ولكنه اختار أن يبدأ حجه بزيارة إلى الأردن، وهو أمر نقدّره.
رابعاً وآخراً، أقدم لقداستكم الترحيب كأردني.
في الأردن الجميع متساوون أمام القانون بصرف النظر عن الديانة أو العِرق أو الأصل أو الجنس، والذين يعملون في الحكومة عليهم خدمة كل مَن في البلاد بشكل عادل ورؤوف.
كان هذا الحذو الشخصي والرسالة الخاصة للملك الراحل الحسين مدى حكمه الذي دام سبعة وأربعين عاماً حيث أحبّ كل مَن في البلاد كحبه لأبنائه.
كما أنها رسالة نجله، جلالة الملك عبد الله الثاني.
فهدف حياة جلالة الملك عبد الله الثاني وهدف حكمه هو أن يجعل حياة كل أردني - حياة كل إنسان - حياة كريمة وطيّبة وسعيدة قدر المستطاع مع شحّ موارد الأردن.
اليوم، خُصص للمسيحيين بموجب القانون، 8% من مقاعد البرلمان كما خصصت لهم حصص مشابهة في كل مستويات الحكومة والمجتمع - مع أنّ أعدادهم أقلّ من ذلك في الواقع - هذا بالإضافة إلى قوانين الأحوال الشخصية الخاصة بهم والمحاكم الكنَسية.
والدولة تقوم بحماية ورعاية الأماكن المقدسة لدى المسيحيين ومؤسساتهم التعليمية التي تعمل ضمن إطار القانون واحتياجاتهم الأخرى - وقداستكم قد رأيتم هذا شخصياً في جامعة مادبا الكاثوليكية الجديدة وهو ما سترونه إن شاء الله في الكاتدرائية الكاثوليكية الجديدة وكنيسة الروم الكاثوليك الجديدة في موقع المغطس .
وهكذا فإن أحوال المسيحيين تزدهر اليوم في الأردن كما كان حالهم على مدى الألفَي سنة الأخيرة ويعيشون في سلام ووئام، وعلاقاتهم مع جيرانهم المسلمين علاقات أخوية حقيقية تتسم بالنوايا الطيبة.
وبالطبع يعود هذا جزئياً إلى أن المسيحيين كانوا يُشكّلون نسبة أكبر عدداً في الأردن ولكن تراجُع معدلات الولادة لدى المسيحيين وارتفاع مستويات التعليم والرخاء الاقتصادي (الأمرين اللذين يجعلانهم مطلوبين للعمل في الغرب) أدى إلى تراجع أعدادهم.
وتزدهر أحوال المسيحيين في الأردن اليوم أيضاً لأن الأردن يذكر بالتقدير أن المسيحيين كانوا موجودين على أرض الأردن قبل المسلمين بستمائة عام.
ولعل المسيحيين الأردنيين أقدم مجتمع مسيحي في العالم - ولطالما كانت الأغلبية من الأرثوذكس الذين يتبعون البطريركية الأرثوذكسية في القدس في الأراضي المقدسة - وكما تعرف قداستكم أنّها كنيسة القدّيس يعقوب والتي تأسست أثناء حياة المسيح عليه السلام .
كثير منهم ينحدرون من الغساسنة واللخميين وهما قبيلتان عربيتان قديمتان.
وعلى مرّ التاريخ شارك المسيحيون مصير وصعاب زملائهم المسلمين.
وفي عام 630 م، أثناء حياة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم انضم المسيحيون إلى جيش الرسول صلى الله عليه وسلم ، (بقيادة ابنه بالتبني زيد بن الحارثة رضي الله عنه وابن عمه جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه) ضدّ الجيش البيزنطي المكوّن من أخوانهم من المسيحيين الأرثوذكس في معركة مؤتة (وهو بسبب هذه المعركة حظوا باسمهم القَبَلي "العزيزات" ومعناها "التعزيزات") - وبطريرك اللاتين فؤاد الطوال ينحدر من هذه القبائل)؛ وفي 1099 م ذبحوا وهم واقفون مع رفاقهم المسلمين على يدّ الصليبيين الكاثوليك حين سقطت القدس؛ ومن 1916 - 1918 م أثناء الثورة العربية الكبرى وقف المسيحيون مع رفاقهم العرب المسلمين وحاربوا المسلمين الأتراك؛ وبعد ذلك شارك المسيحيون رفاقهم المسلمين فترة الوهن التي دامت عدة عقود تحت الانتداب البروتستنتي الاستعماري؛ وفي الحروب العربية الإسرائيلية في 1948، 1967 و1968 حارب المسيحيون إلى جانب رفاقهم العرب المسلمين ضد خصومهم اليهود.
لطالما دافع المسيحيون عن الأردن ولطالما ساعدوا في بنائه بروح وطنية وبلا كلل ولعبوا أدواراً قيادية في مجالات التعليم والصحة والتجارة والسياحة والزراعة والعلوم والثقافة والرياضة والكثير غيرها.
وكل هذا لنقول إنه في الوقت الذي تراهم فيه قداستكم على أنهم أخوانك المسيحيين فإننا نعرفهم على أنهم أخواننا الأردنيين وهم جزء لا يتجزأ من هذا الوطن تماماً مثل الأرض نفسها.
نأمل أن تكون هذه الروح الأردنية الفريدة للوئام والانسجام بين الدينَين المسلم والمسيحي وحبّ الخير والاحترام المتبادل مثالاً يحتذى للعالم أجمع وأن تأخذها قداستكم إلى أماكن مثل منداناو ومناطق جنوب الصحراء في أفريقيا حيث تعاني الأقليات المسلمة في ظل الأغلبية المسيحية، وإلى أماكن أخرى حيث العكس صحيح.
ومثلما نرحب بقداستكم بأربع طرق فإننا نستقبلكم بأربع صفات: أولاً، نستقبل قداستكم بصفتكم الزعيم الروحي والحَبر الأعظم وخليفة القدّيس بطرس لـ 1،1 مليار كاثوليكي هم جيران للمسلمين في كل مكان في العالم والذين نحييهم من خلال استقبالنا لكم.
وثانياً، نستقبل قداستكم بصفتكم البابا بندكت السادس عشر بشكل خاص الذي اتسم عهده بالشجاعة الأخلاقية لفعل وقول ما يمليه عليه ضميره بصرف النظر عمّا هو شائع في العالم، هذا بالإضافة إلى أن قداستكم عالِم لاهوتي مسيحي فذّ أصدر منشورات بابوية تاريخية عن فضيلتين كبريين جميلتين هما الرحمة والرجاء ، وقد سهّلْت قداستك مرة أخرى القدّاس اللاتيني التقليدي لأولئك الذين اختاروه لصلاتهم.
وفي الوقت نفسه فقد جعلت قداستك الحوار الديني الداخلي والحوار بين الأديان من أولويات حكمكم وذلك من أجل نشر التفاهم والنوايا الحسنة بين الناس في العالم أجمع.
وثالثاً، فإننا نستقبل قداستكم كرئيس دولة هو في الوقت ذاته قائد عالمي رائد في قضايا الأخلاق والقيم والبيئة والسلام والكرامة الإنسانية وتخفيف حدّة الفقر والمعاناة وحتى الأزمة المالية العالمية.
ورابعاً وأخيراً، فإننا نستقبل قداستكم كحاج بسيط من أجل السلام، يأتي بتواضع ورقّة ليصلّي حيث صلّى السيد المسيح عليه السلام، وعُمّد وبدأ رسالته قبل ألفَي عام.
فأهلاً بكم في الأردن، قداسة البابا بندكت السادس عشر.
يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم :" سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180)وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" (182) (سورة الصافات، 37: 180-182).
*************
من جهته خاطب بندكتس السادس عشر الحاضرين من قادة دينيين وسلك ادبلوماسي ورؤساء جامعات قائلا:
صاحب السمو الملكي،
سعادة السفراء،
أيها السيدات والسادة،
إنه لفرح كبير لي أن ألتقي بكم اليوم في هذا المكان الرائع. أود أن أشكر الأمير غازي بن محمد بن طلال على كلمته الترحيبية اللطيفة. إن مبادراتكم العديدة، يا صاحب السمو الملكي، الهادفة إلى تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات تحظى بتقدير مواطني المملكة الهاشمية واحترام الجماعة الدولية. أعلم أن هذه الجهود تلقى دعم باقي أفراد العائلة الملكية وحكومة الوطن وتترك أصداء كبيرة من خلال مبادرات التعاون العديدة بين الأردنيين ولهذا أريد التعبير عن إعجابي الصادق.
إن أماكن عبادة شأن مسجد الحسين بن طلال الذي يحمل اسم العاهل الراحل تنتصب كدرر على سطح الأرض. من المبنى القديم إلى الحديث، من المبنى الرائع إلى مبنى متواضع ينسبه الكل إلى الإله المتسامي الكلي القدرة. لقد اجتذبت هذه المعابد عبر القرون رجالا ونساء توقفوا فيها للصلاة ولتكريم الكلي القدرة وكذلك أيضا للإقرار بكوننا جميعا خلائقه.
ولهذا السبب لا يمكننا ألا نعبر عن قلقنا أمام من يدعي اليوم أن الدين فشل في أن يكون بدافع طبيعته باني الوحدة والتجانس وتعبيرا عن الاتحاد بين الأشخاص والله. في الواقع يرى البعض أن الدين بالضرورة دافع انشقاق في عالمنا ولهذا السبب فإن التقليل من أهميته يزيد من أهمية الحياة العامة. لا يسعنا رفض وجود توترات وانشقاقات وللأسف بين أتباع التقاليد الدينية المختلفة وبالأحرى ألا يمكن الإقرار بأن التلاعب الإيديولوجي في الدين، وغالبا لأهداف سياسية، يشكل حافزا للتوترات والانشقاقات وفي بعض الأحيان للعنف في المجتمع؟ أمام هذا الوضع حيث يحاول معارضو الدين إسكات صوته وبالأحرى استبداله بصوتهم تظهر بقوة ضرورة أن يكون المؤمنون أمناء بشكل عميق لمبادئهم ومعتقداتهم. إن المسلمين والمسيحيين، بدافع تاريخهم المشترك الذي تميز في غالب الأحيان بعدم التفاهم، مدعوون اليوم إلى السجود لله ليكونوا أمناء للصلاة وراغبين في التصرف والعيش حسب توجيه الكلي القدرة تغذيهم الرحمة والرغبة في أداء شهادة لكل ما هو حق ومستحب مستذكرين دائما بالأصول المشتركة وبكرامة جميع الكائنات البشرية التي تبقى في طليعة تصميم الله الخالق للعالم والتاريخ.
ويستحق كل تقدير قرار المربين الأردنيين وكذلك أيضا القادة الدينيين والمدنيين بأن تعكس الناحية العامة للدين طبيعته الحقيقية. ويظهر إسهام الدين الإيجابي في قطاعات التربية والثقافة والحياة الاجتماعية وقطاعات خيرية أخرى في المجتمع المدني في المثال الذي يقدمه أفراد وجماعات وكذلك أيضا في برمجة دورات التهيئة. ولقد تسنى لي أن ألاحظ شخصيا هذا الروح من خلال النشاط التربوي والتأهيلي لدى مركز سيدة السلام حيث يعمل مسيحيون ومسلمون على تغيير حياة عائلات برمتها عبر تقديم العناية للأبناء المعوقين كي يكون لهم مكانهم في المجتمع. صباح اليوم باركت حجر الأساس لجامعة مادبا حيث يستفيد شباب مسلمون ومسيحيون من التهيئة العليا ليساهموا بشكل فاعل في النمو الاجتماعي والاقتصادي لأمتهم. جديرة بالاستحقاق أيضا المبادرات العديدة للحوار الديني المشترك بدعم من العائلة المالكة والسلك الدبلوماسي بالاتصال في بعض الأحيان مع المجلس البابوي للحوار ما بين الأديان. إن هذه المبادرات تشمل أيضا عمل المؤسسات الملكية للدراسات الدينية المشتركة والفكر الإسلامي. رسالة عمان لعام 2004، رسالة عمان لعام 2005، والرسالة الأخيرة كلمة سواء? التي شكلت صدى لموضوع مشابه لما جاء في أول رسالة عامة لي: الرابط العميق بين محبة الله ومحبة القريب وكذلك أيضا التضارب الأساسي الكامن في اللجوء إلى العنف والتهميش باسم الله. (الله محبة، 16).
واضح أن هذه المبادرات تقود إلى تفاهم متبادل أعمق وتنمي الاحترام تجاه ما لدينا من قواسم مشتركة وما نفهمه بطريقة مختلفة ولذا ينبغي أن تحمل المسيحيين والمسلمين على الغوص في مفهوم العلاقة الأساسية بين الله وعالمه وهكذا نعمل سويا كيما يسير المجتمع بتناغم مع تدبير الله. في هذا الصدد يشكل التعاون الذي تم هنا في الأردن مثالا مشجعا، في المنطقة والعالم بأسره، للإسهام الإيجابي والخلاق الذي يمكن ويجب أن يقدمه الدين للمجتمع المدني.
أيها الأصدقاء الموقرون، أود الإشارة إلى مهمة تحدثت عنها في مناسبات مختلفة وكلي ثقة بأن المسيحيين والمسلمين قادرون على القيام بها وخصوصا من خلال إسهامهم المشترك في حقلي التربية والبحث العلمي وفي خدمة المجتمع. إن هذه المهمة تشكل تحديا للعمل من أجل الخير في إطار الإيمان والحقيقة على إنماء طاقات العقل البشري. في الواقع يصف المسيحيون الله كعقل خلاق، ينظم ويقود العالم. الله يعطينا القدرة على المشاركة في عقله والتصرف وفقا لما هو صالح. يعبد المسلمون الله، خالق السماء والأرض، الذي خاطب البشرية. إننا كمؤمنين بالله الواحد نعلم أن العقل البشري هو بحد ذاته عطية من عند الله يسمو إلى العلاء عندما يستنير بحقيقة الله. في الواقع، إن العقل البشري حينما ينقيه الإيمان لا يضعف أبدا، لا بل يزداد قوة في مقاومة الرغبة في تخطي حدوده. وبهذه الطريقة ينتعش العقل البشري في التزامه من أجل تحقيق هدفه النبيل في خدمة الإنسانية إذ إنه يعطي تطلعاتنا المشتركة تعبيرا ليوسع الحوار العام بدل تضييقه وتشويهه. إن معانقة صافية للدين تحول دون انكماش العقل وتوسع أفق التفاهم بين البشر وهذا ما يحمي المجتمع المدني من الأنانية الطائشة التي تميل إلى إعطاء النهاية طابع المطلق وتقليص اللانهاية بشكل تمارس فيه الحرية بتناغم مع الحقيقة وتغتني الثقافة بكل ما هو صادق، خيّر وجميل.
إن إدراكا مماثلا للمنطق، يدفع باستمرار العقل البشري إلى البحث عن المطلق، يطرح تحديا ويتضمن معنى الرجاء والحذر على السواء. على المسيحيين والمسلمين أن يبحثوا معا عما هو عادل ومستقيم. وعلينا أن نلتزم بتخطي مصالحنا الخاصة وتشجيع الآخرين وخصوصا المسؤولين والقادة المدنيين على هذا البحث بهدف خدمة الخير المشترك حتى عبر التضحيات الشخصية. وبما أن كرامتنا البشرية تشكل أصل الحقوق الإنسانية الجامعة فإن هذه الحقوق تصلح لكل رجل وامرأة بدون أي تمييز ديني، اجتماعي أو عرقي. وفي هذا المنظار نلاحظ أن الحق في الحرية الدينية يذهب أبعد من مسألة العبادة ويتضمن حق الجميع ـ وخصوصا بالنسبة للأقليات ـ في دخول عالم العمل والحياة المدنية.
قبل أن أغادركم هذا الصباح أريد أن أشير بشكل خاص إلى حضور غبطة البطريرك عمانوئيل الثالث دلي، بطريرك بغداد، بيننا والذي أحييه بمودة كبيرة. إن حضوره يذكرنا بمواطني العراق الذين وجد كثيرون منهم ضيافة ودية في الأردن. على جهود المجتمع الدولي لتعزيز السلام والمصالحة، إلى جانب جهود القادة المحليين، أن تواصل إعطاء ثمار في حياة العراقيين. أعبر عن تقديري جميع الذين يدعمون الجهود الرامية لزرع الثقة وإعادة تعمير المؤسسات والبنيات التحية اللازمة لرفاهية المجتمع العراقي. مرة أخرى أطلب وبإصرار من الدبلوماسيين ومن الجماعة الدولية التي يمثلونها وكذلك أيضا من القادة السياسيين والدينيين المحليين بذل كل الجهود الممكنة لضمان حق تلك الجماعة المسيحية العريقة وتلك الأرض النبيلة في التعايش السلمي بين جميع المواطنين.
أيها الأصدقاء الموقرون، آمل بأن تترك المشاعر التي عبرت عنها اليوم رجاء متجددا بالمستقبل. فالمحبة والواجب أمام الكلي القدرة لا ينعكسان فقط في العبادة إنما أيضا في المحبة والاهتمام بالأطفال والشباب والعائلات وجميع المواطنين في الأردن. أنتم تعملون من أجلهم وهم بمثابة دافع لكم كي تضعوا خير كل شخص بشري في محور اهتمام المؤسسات والقوانين ووظائف المجتمع. لا بد لحياة الأمة ومؤسساتها أن تتميز بمفعول العقل، الذي أضحى نبيلا ومتواضعا بعظمة حقيقة الله، كيما تنمو العائلات ويعيش الجميع بسلام مساهمين في الثقافة التي توحد هذه المملكة العظيمة.
*****
البابا في مأدبا :
وكان قد زار البابا بندكتوس السادس عشر السبت 9-5-2009 جبل نبو (40 كلم جنوب-غرب عمان) حاجّا على خطى النبي موسى الذي شاهد من على هذا الجبل أرض الميعاد، داعيا إلى المصالحة بين المسيحيين واليهود.
واستقبل البابا -في اليوم الثاني من رحلته إلى الأراضي المقدسة، وفي أول زيارة له لدولة عربية- رجال دين مسيحيين، إضافة إلى نحو 300 شخص تجمعوا قرب الموقع للترحيب بالحبر الأعظم.
ورحب الأب خوسيه كابيلون -المسؤول عن الكنيسة في جبل نبو- بالبابا واصطحبه لرؤية الفسيفساء في كنيسة بنيت بين القرنين الرابع والسادس، وسط رسومات على الجدران غطتها الفسيفساء وعشرات الشموع المضاءة.
وتوقف البابا (82 عاما) في زاوية الكنيسة القديمة، ونظر من على نفس المكان الذي يعتقد بوجود قبر النبي موسى فيه إلى الأرض المقدسة قبل أن يحيي الضيوف ويجلس على كرسي مخملي لونه وردي ليستمع إلى كلمة الأب كابيلو مرحبا.
وحيا البابا 50 رجل دين في الموقع قائلا: "السلام عليكم".
ودعا في كلمة ألقاها إلى مصالحة بين المسيحيين واليهود.
وعبر البابا عن أمله بأن يكون لقاء اليوم "إلهاما للمحبة المتجددة لكتابات العهد القديم والرغبة في التغلب على كل العقبات التي تواجه المصالحة بين المسيحيين واليهود بالاحترام المتبادل والتعاون في خدمة السلام الذي تأمرنا به كلمة الله".
وتوقف البابا لبضع لحظات على قمة جبل نبو (840 م عن سطح البحر) أمام عدسات المصورين؛ حيث ألقى نظرة على القدس في الأفق، كما فعل النبي موسى قديما، حينما نظر إلى أرض الميعاد وفقا للإنجيل المقدس.
وقالت وزيرة السياحة الأردنية مها الخطيب: إن "زيارة البابا مهمة جدّا بالنسبة للأردن، بلد التعايش الإسلامي المسيحي، وهي فرصة لنا ليرى العالم الأماكن الدينية في المملكة".
وأكدت الوزيرة التي رافقت البابا في زيارته لجبل نبو: إن الحرية الدينية في الأردن يكفلها دستور المملكة.
وقالت ريما سويلم (24 عاما) -وهي مسلمة -: "أنا سعيدة جدّا للحضور إلى هنا وأن أستقبل البابا". وأضافت: "لا فرق هنا بين مسلم ومسيحي، نحن نشترك في أعيادنا ومناسباتنا".
من جانبه اعتبر أنطون حتر -رجل أعمال أردني (مسيحي)- أن "زيارة البابا هي رسالة سلام ومحبة للعالم أجمع ولجميع الديانات، وأنا سعيد جدّا للمشاركة في استقباله".
أما بتول محمود موسى (30 عاما) -معلمة مسلمة في مدرسة خاصة- فقالت: "أنا مسرورة جدّا للمشاركة في استقبال قداسة البابا، ليس هناك فرق بين مسلم ومسيحي في الأردن والبابا ضيف كل الأردنيين".
وغادر البابا جبل نبو بمركبته الخاصة متجها إلى مدينة مادبا -على بعد 12 كم من الجبل- دون التوقف في المدينة، وسط ترحيب مئات الأشخاص حاملين أعلاما أردنية وأعلام الفاتيكان هاتفين "ليعيش البابا".
وبارك البابا حجر الأساس لجامعة مادبا التي بنتها البطريركية اللاتينية.
وقال هناك: "أحيي راعيي المؤسسة الجديدة لشجاعتهم وثقتهم بأن التعليم الجيد هو أساس لتطوير الأشخاص وللسلام والتطور في المنطقة".
وأضاف في كلمة ألقاها أن "ناتج هذه العملية جامعة ليست فقط مكانا لتعزيز الالتزام بالحقيقة وقيم منحتها الحضارة، بل مكان للتفاهم والحوار".
ووصل البابا بندكتوس السادس عشر الجمعة إلى الأردن، المحطة الأولى في رحلته إلى الأرض المقدسة التي تستغرق أسبوعا وتقوده أيضا إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية.
وتلقي كلمة البابا بندكت -في ريجينزبورج في عام 2006، والتي نقل فيها عن إمبراطور بيزنطي قوله: إن الإسلام يتسم بالعنف وعدم العقلانية- بظلالها على زيارة البابا. وقد زار البابا مسجدا في تركيا عام 2006.
وما زالت كلمة البابا تثير غضبا في العالم الإسلامي. وقد ندد زعماء مسلمون في الأردن بالزيارة، قائلين إنه يجب أن يعتذر أولا عن الكلمة التي ألقاها في ريجينزبورج.
ويحاول البابا إزالة آثار هذه الكلمة التي يقول إنه قد أسيء تفسيرها. وستعطيه زيارة المسجد فرصة أخرى.
وقال البابا بندكت -في كلمته لدى وصوله-: "زيارتي للأردن تعطيني فرصة موضع ترحيب، للتحدث عن احترامي الشديد للمجتمع الإسلامي" مشيدا بالملك عبد الله الذي يعمل "من أجل الترويج لتفاهم أفضل للفضائل التي ينادي بها الإسلام".
وقال نهاد عوض -المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير"، الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقرا له-: "نرحب بإعراب بندكت عن الاحترام، ونأمل أن يرد الزعماء والناس العاديون عبر المنطقة على بيانه الإيجابي بالمثل".