لم يكن التصعيد في درعا وليدة الشهر او لاجتماع قريب , فدرعا هي الهاجس الاكبر بالنسبة للنظام السوري والطمع الاكبر للإيرانيين , والمرحلة الاخيرة بالنسبة للروس الذين يرغبون بسط النام سيطرته على سوريا وبالتالي تهيئة المناخات كافة لأعادة تشكيله تمهيدا لتخفيض االتوجد الروسي الى مستويات محددة حسب الاتفاق الروسي الامريكي بالتعامل مع الازمة السورية حسب الطرق التفاوضية والكف عن دعم الفصائل والقضاء على الارهاب وإعادة الاستقرار للمنطقة . وتعزيز دور الامم المتحدة بالحوار مع الاطراف وفق قرارات جنيف واوستانا , والتوافق على دستور يحكم العملية السياسية في سوريا .وبالتالي تشكيل انتخابات رئاسية ونيابية .
التصعيد الذي تشهده منطقة درعا كان واضحا منذة فترة طويلة . حيث اعلن النظام السوري وروسيا وايران ان درعا هي المحطة الاهم والاكثر حساسية وان تحرير الجبهات في مناطق سوريا كافة وحصر الفصائل المختلف في مناطق محددة كادلب اعطى التحالف الروسي الايراني السوري الفرصة والنفس والارتياح في التوجه بقوة نحوة درعا والسويداء والقنيطرة بهدف انهاء بؤر المعارضة بشتى انواعها وفصائلها فلدرعا رمزية خاصة لدى النظام السوري فمنها انطلقت الثورة السورية في الاساس ومنها كانت الشرارة التي لم يفلح احد في التعامل معها فدولت واصبحت سوريا مسرح الصراع الدولي , وملتقى الارهاب العالمي الذين شوهوا مفهوم الثورة ومطالب الشعب السلمية .
قلناها سابقا ان لدرعا واقع آخر لدى التحالف الروسي الايراني السوري , فدرعا غمد السيف وكنانة السهام , وان الفرحة لهذا التحالف لا تتولد الا بقلب درعا على اهلها وجعلها عبرة , لهذا فان القصف والدمار الجوي والبري الذي تشارك به روسيا انما هو بداية المخطط المنوى لدرعا , وما تفاقية خفض التصعيد او التوتر الا حجة لكسب الوقت وليتمكن هذا التحالف من التفرد بهذه المنطقة وليكون الحساب عسيرا .
فحجج تواجد الفصائل لا يمكن ان تكون الذريعة بعد ان وافق عدد كبير من الفصائل المتواجدة بإتفاق تسليم السلاح والنقل الى ادلب في حين يتوزع ابناء المنطقة من الجيش الحر على مناطقهم في محافظات درعا والقنيطرة , والسويداء , أما داعش التي تدرك انه لا حل الا بتسليم السلاح والانتقال الى ادلب أو مواجهة مصير الموت المحتوم في هذه المنطقة.
لعبة اتفاقية تخفيض التوتر , التي لعبها الروس وصدقها الجميع فقد هدفت الى كسب الوقت وتمكين النظام من انهاء الاوضاع القائمة في مناطق سوريا المختلفة والقضاء على اي بؤر للمقاومة وبالتالي التفرد على الجبهة الجنوبية الغربية , خاصة وان النظام السوري يرى خطورة هذه المنطقة, التي تشترك فيها الاردن واسرائيل وهما بوابتان تحتاج سوريا للسيطرة عليها تخوفا من تصعيد المواقف وتغير الظروف السياسية , فروسيا تريد حماية الحدود مع اسرائيل وعدم توتير الاسرائيليين لدرجة الاشتباك والدخول في ازمة مباشرة وبشكل عسكري وتطميناتها كثيرة لاسرائيل , غير ان الاسرائيليين يتوجسون كثير من تواجد مليشيات ايرانية في المناطق المتآخمة مع اسرائيل وبالتالي تأهبها الكامل للحيلولة دون تواجد اي عسكري ايراني في هذه المنطقة متوافقة مع الاردن الذي يرفض اي تواجد لاي مليشيات ايرانية على حدودها .
جاء اتفاق خفض التصعيد ليعكس المنطقة الغربية من درعا في حين لم تشر الى ما المناطق التي يدور فيها القصف والدمار في درعا حاليا والمناطق الشرقية ودليلنا ما نشهده من قصف سوري روسي في هذه المنطقة رغم التفاق مع امريكيا والاردن وتطميناتها لإسرائيل ., فكل ما يريده الروس من هذه الحملة تهيئة المناخات السياسية والعسكرية لتثبيت دعائم النظام الحالي ليتمكن من فرض وجوده وبالتالي تحقيق المصالح الروسية قبل تخفيض عدد القوات والطائرات الروسية خاصة بعد الاتفاق المعقود مع امريكيا بإنهاء الأزمة السورية بالتوقف عن دعم المعارضة .
اما الايرانيين فما يهدفون اليه وبكل صراحة معلنة هو التواجد الايراني في هذه المناطق الحدودية واللعب على ذلك كورقة ضغط في العملية التفاوضية الامريكية الايرانية حول موضع الاتفاق النووي , هذا اضافة لأهداف اقليمية واضحة كات ضمن اولويات النظام الايراني . فارواح القتلى من الجيش الايراني والمليارات التي تدفعها لا يمكن تكون لمجرد مواقف سياسية أو تحالفات يمكن ان تتغير باي لحظة .
السوريون مصرون على انهاء المنطقة الشرقية من ذرعا والسيطرة عليها بالكامل وكما قلنا سابقا لن يخوضوا معركة في المنطقة الغربية والحدود المتآخمة مع الجولان ونهر اليرموك, لصعوبت تضاريسها اولا ولتآخمها مع الحدود الاسرائيلة , التي لا تقبل على الاطلاق تواجد قوات ايرانية , فحالت التأهب القصوى للجيش الاسرائيل يشير الى أننا مقبلين على تصعيد آخر ألا اذا التزم التحالف الروسي الايراني السوري بالبقاء في المناطق الشرقية واستعادة معبر نصيب مع الاردن , وبعدها التفاوض مع المعارضة في درعا حيث طالب الاردن بعدم دخول اي قوات او مليشيات غير سورية ولا بد من ايجاد منطقة آمنة يأوى اليها الباحثون على النجاه.
لن تفتح الحدود الاردنية قرار صائب للدولة الاردنية ,ولن نكرر ما جرى سابقا , وسيصر الاردن على منطقة آمنه وبالتالي ممارسة دوره وفق هذا النهج الانساني فكفى ما جرى ويكفي ما قدمنا, وجاء الدور على دول الامة ودول العالم ليدركوا كم عانينا وكم تحملنا . وسيبقى دورنا مشرفا في الدعم والمساندة والدعوة لحماية الانفس وتقديم ما بإستطاعتنا ؟!