انسوا الشرق الأوسط "لأن المجتمعات المتأخرة ينبغي تركها وشأنها"، هذه خلاصة أطروحة لكبير مستشاري "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" المؤرخ والباحث الأميركي إدوارد لوتفاك القريب من وسط المحافظين الجدد، وقد علق عليها الزميل حازم صاغية في "الحياة" طالبا قراءتها لأنها قد تصبح أهم ما كتب قبل تولي ادارة جديدة السلطة في الولايات المتحدة.
وحسب لوتفاك فهناك مدرسة أبرزُ رموزها الملك الراحل الحسين ومن بعده الملك عبدلله الثاني لا تني تطالب الولايات المتحدّة بالتدخل لإنهاء النزاع الفلسطيني والعربي– الإسرائيلي، وهو يحشد في المقال حججا ضدّ هذه المدرسة، منها ان ضحايا الصراع في فلسطين منذ بدايته لا تساوي دفعة موسم من ضحايا دارفور (أقرب كثيرا لو ذكر ضحايا العراق!) وان النفط ليس سلاحا قابلا للاستخدام، وان القوّة العسكرية لإيران تبدو ظاهريا ضخمة لكنها تتكشف عن ضعف وانعدام فعالية مثل جيش ناصر في الـ67، وان الصراع في فلسطين لا يملك أدنى تأثير على مجريات الحروب والصراعات الأخرى.
هل يندرج انسحاب الولايات المتحدّة من العراق في اطار اقتراح ترك هذه "المجتمعات المتخلفة" وشأنها؟! المقال لا يقول كلمة واحدة عن ذلك مع ان الوجود الأميركي في العراق هو ذروة التورط في المنطقة! والحقيقة أن المقال ليس رؤية استراتيجية انسحابية بل لديه قضية واحدة فقط هي عدم الضغط على اسرائيل بشأن تسوية النزاع في فلسطين.
صدف أنني كتبت مقالا (في هذه الزاوية في 21/2/2007) تحت عنوان "انسوا أميركا ورتّبوا نضالكم" وفكرته ان اميركا وهي تستنكف عن دورها كقوّة عظمى في الصراع على ارض فلسطين تضعف نفسها في المنطقة وتضعف مبررات التعاون معها في ملفات غارقة فيها حتى ذقنها. وهي تستحق ان ننساها ونعمل على ترتيب نضال طويل النفس في فلسطين يركّز على العمل الشعبي والسياسي (حتى لا يبرر لإسرائيل البطش بالشعب الفلسطيني) الى ان تفهم الولايات المتحدة انها لا تدير مصالحها بهذه السياسة بل تجعل من نفسها طرفا منبوذا فقط.
تحت ضغط "المدرسة" التي مثلها خطاب الملك في الكونجرس، وضغط المبادرة العربية في قمّة الرياض عادت الولايات المتحدّة للتحرك -ولو بتثاقل- بشأن الملف الفلسطيني، ومقالة لوتفاك مصممة حرفيا لقبر التحرك الأميركي -على تواضعه- وهو في المهد.
jamil.nimri@alghad.jo