جامعاتنا إذ تحصد ما زرعنا
عريب الرنتاوي
30-04-2007 03:00 AM
تحصد جامعاتنا اليوم، ما زرعناه بأيدينا بالأمس ، فعنف الجامعات وشغبها ليس سوى تعبير عن تلاقي جملة من العوامل والسياسات التي انتهت بنا إلى ما انتهينا إليه...
(1) تراجع مستوى التعليم العالي ، وبالأخص في العلوم الإنسانية إلى درجة تدعو للأسف والحزن الشديد...
(2) نظام القبول في الجامعات والقائم أساسا على الاستثناء والمحاصصة ، ما أفقد الجامعات قطاعا واسعا من الطلبة الواعدين...
(3) معايير التعيين والترفيع في الهيئات التدريسية والإدارية التي تراعي كل شيء (الواسطة ، التوازنات الجهوية والعشائرية ، وغيرها) على حساب المؤهل والكفاءة والاختصاص....
(4) وسائل التدريس والتعليم القائمة على التلقين بدل التفكير والإتّباع بدل الإبداع...
(5) إغلاق الجامعات في وجه العمل السياسي بغير وجه حق وبحجج وذرائع واهية...
(6) تعطل تجربة الحياة الطلابية النقابية الديمقراطية ، وبحجج وذرائع واهية ، واتباع سياسة اللعب على "الهويات الثانوية" في مواجهة تيارات سياسية بعينها ، وتذكية الولاءات الثانوية بإعمال قانون الصوت الواحد.
غيض من فيض سياسات التفريغ المنظم لجامعاتنا ، انتهت بها إلى وضعيتها الراهنة ، فلا يلومن أحد الطلاب أو الجامعات على هذه الوضعية.
لن تنفع المناشدات ولا "مواثيق الشرف" في تغيير الحال القائم إلى حال أفضل ، بل ولن تجدي نفعا في الحيلولة دون اجتياز "الخطوط الحمراء" التي حذر منها الملك قبل أيام ، فما تشهده الجامعات ليس عائدا إلى "قلة شرف" عند الطلبة ، ولا إلى رغبة خبيئة أو خبيثة تعتمل في صدورهم ، بل هو النتاج المنطقي لتفاعل جميع الديناميكات والعوامل المذكورة ، والتي حالت دون تحويل جامعات إلى "أوانْ للانصهار والتوحد الوطني" أو إلى ورش لإنتاج المواطنين المبدعين والمدججين بروح المسؤولية والشخصية القيادية المتوثبة للمشاركة والقادرة على الإنجاز والبذل والعطاء.
ولمن تساوره الشكوك فيما نقول ، عليه أن يسأل نفسه السؤال: هل كانت جامعاتنا كذلك قبل عقدين أو ثلاثة عقود من الزمان؟...ما الذي تغير؟...ومن الذي تغير؟...وكيف نخرج جامعاتنا مما آلت إليه؟ أسئلة وتساؤلات لا تنحصر مسؤولية الإجابة عنها برؤساء الجامعات محدودي الصلاحية والمطاردين دائما - كرؤساء الحكومات - باشاعات التعديل والتغيير ، بل بمختلف مؤسسات صنع القرار أيضا ، فأزمة الجامعات "سياسية" بامتياز ، على أن للسياسة هنا مفهوما أوسع من استعمالاتها الدارجة.