خلال الاسبوع الماضي اقرّ مجلس النواب قانون الحصول على المعلومات وكان قد اقرّ في الدورة الماضية التعديلات على قانون المطبوعات, ابرزها (منع توقيف وحبس الصحافي). ومن المفترض ان ينعكس ذلك ايجابيا على حرية الصحف ولصالح رفع السقوف عند التعبير عن الرأي الآخر وايضاً على صورتها من الخارجلا اجد ما يشير الى ان واقع الصحافة بالامس سيختلف عن اليوم بعد اقرار التشريعات الجديدة. مع ان منع التوقيف والحبس واقرار الحق بالحصول على المعلومات هي محفزات من الدرجة الاولى من اجل رفع السقوف وممارسة العمل الصحافي باحتراف اكثر من خلال البحث عن المعلومة واستخدامها في المقالة او الخبر والتحقيق.
يقيني ان مزيداً من الحرية سيكتسب في المرحلة المقبلة من خلال وضع هذه التشريعات امام الاختبار, غير ان المسؤولية تقع على عاتق الصحافيين والحكومة معاً. من ناحية: الصحافيون مطالبون باقناع كل من عارض الغاء عقوبة الحبس بانهم لن يستغلوا ذلك من اجل التشهير والقدح والذم في الآخرين.
وانا هنا اناشد (الناشرين) واصحاب الصحف, قبل الصحافيين والكتاب, بالابتعاد عن التشهير او (استغلال العمل الصحافي) بعيداً عن ميثاق الشرف وادبيات واخلاقيات المهنة. والا فان احداً لن يقف في صف الدفاع عن حرية الصحافي في المستقبل.
ويقع على الحكومة والسلطة التنفيذية بكل اجنحتها ومؤسساتها ان تضع قانون الحصول على المعلومات فوق الطاولة وليس على الرف وذلك بالاستجابة الى كل طلب للحصول على المعلومات التي يبيحها القانون. ويقيني ايضاً, ان تيسير هذا الحق سيحد تدريجياً من خطأ الوقوع بالتشهير, اضافة الى انه سيساهم في الارتقاء بالمهنية والاداء الصحافي.
اما عن صورة صحافتنا من الخارج, او في عيون الآخرين, بعد اقرار هذين القانونين وغيرهما, اقول للاسف, بانها صورة سلبية, هناك سوء فهم لحال الصحافة الاردنية ونقص كبير في المعلومات عنها.
خلال حوار جانبي على هامش (منتدى الصحافة العربية) في دبي الاسبوع الماضي, كنت وبعض زملائي رؤساء التحرير ونقيب الصحافيين في موقع الدفاع عن مستوى الحريات في الاردن, بما في ذلك الحرية الصحافية. فالنقاشات حول مشاريع قوانين الحريات التي تطرح في البرلمان بالاضافة الى بعض الاحداث (مثل القصة الاخيرة مع الجزيرة) تصدّر انطباعات للآخرين بان حرية التعبير في الاردن تتعرض للقمع والمصادرة, وهكذا تقاس الصحافة الاردنية بمقاييس تصلح للدول ذات الحزب الواحد وفي ذلك اجحاف كبير.
قلنا, بان الصحافة الاردنية, تمول من اعلاناتها, ولا تملكها الدولة واداراتها مستقلة, وهذا كله يمثل البنية التحتية للصحافة الحرة, فيما معظم الصحافة العربية تمول من الحكومات او من دول غير دولها, وهي ليست مستقلة في جميع الاحوال. وقلنا ايضاً, بان تعدد التقارير الصادرة عن الاردن التي تشير الى انتهاكات وتجاوزات على الحريات يرجع الى كثرة عدد المكاتب (الممولة من الخارج) التي تكتب ما تشاء وتصدر ما تريد من التقارير وهذا امر غير مسموح به في معظم العالم العربي, اذاً فصورة الصحافة وصورة الحريات من الخارج هي (ضحية) حرية العمل الممنوحة لجهات رقابة محلية ودولية وهو ما يفترض ان يسجل لصالح حرية التعبير وليس العكس.
في الخلاصة, هناك فشل وتقصير في ترويج الصورة الحقيقية للصحافة ومستوى الحريات في البلاد وهذه مسألة اخرى يطول الحديث عنها.