عباس ومشعل, كلاهما, يحذران من انفجار الاوضاع في الضفة الغربية. وهذا توقع في مكانه, فالغليان الشعبي يتصاعد, وقد عودنا الشعب الفلسطيني على النهوض والامساك بقضيته عند المفاصل, فإلى اين يشير الانفجار؟ في فلسطين, يمكن للسلاح, بل ربما يتوجب عليه الان ان يتنحى جانبا...-1- فليس لدى المقاومة الفلسطينية, القدرة على ايقاع خسائر جدية في صفوف جيش الاحتلال - كما في العراق - في حين ان نهج الانتقام من المدنيين الاسرائيليين, يؤدي الى نتائج سياسية واعلامية عكسية, ويوقع - بالمقابل - خسائر باهظة في صفوف المدنيين الفلسطينيين الذين يسددون فاتورة الدم.
-2- وليس لدى المنظمات في غزة, القدرة على صدّ عدوان اسرائيلي بصورة ناجحة - كما في لبنان - حيث لدى حزب الله قوات مدربة موحدة سياسيا ومجهزة بأسلحة حديثة وكافية.
لكن تنحية السلام جانبا, لا تعني الاستسلام او التعايش مع الصيغة الاجرامية اللاعقلانية القائمة من الاحتلال الى الحصارات والمطاردات والقتل والتجويع وانسداد آفاق الحل السياسي. واحسب ان هناك بديلا هو انتفاضة ثالثة, جماهيرية وسلمية, لها شعار واحد: انهاء الاحتلال الآن.
هكذا »انتفاضة« سوف تؤدي الى تغييرات سياسية ايجابية, محليا واسرائيليا, عربيا ودوليا.
-1- المشاركة الكثيفة المستمرة للجماهير في انتفاضة شعبية مثابرة, سوف ترفع من مكانة ودور الفعاليات الاجتماعية, وتخفف من وطأة الاستقطاب الفتحاوي - الحماسي, وتعيد لحمة الوطنية الفلسطينية, وتجدد, مرة اخرى , تعريف المطالب الفلسطينية العادلة, والثوابت التي يمثل التنازل عنها كارثة فلسطينية وعربية جديدة. وهذه الثوابت هي: حدود الـ ,67 والقدس, وعودة اللاجئين. ولم نضع بينها شعار »الدولة« لأنه مضلل. فقد تقوم دولة فلسطينية من دون الثوابت, بل ربما يكون قيامها ثمنا للتنازل عن الحقوق في الارض والمقدسات والعودة.
-2- الانتفاضة الجماهيرية السلمية - وليس تسويق »المبادرة العربية للسلام«, او, بالمقابل, اطلاق الصواريخ على المستوطنات - هي التي ستعطي دفعة قوية للتيارات الاسرائيلية المؤيدة للسلام.
-3- بينما يمكن عزل »حماس« واخضاعها, فانه لا يمكن عزل الانتفاضة الجماهيرية الفلسطينية, عربيا. وسوف يصبح صوتها وتصبح شعاراتها, الحد الادنى للحراك السياسي العربي, خصوصا وانها سوف تجتذب الجماهير العربية الى تجديد تضامنها مع الفلسطينيين, واعادة بناء الصورة الفلسطينية التي شوهها الصراع الفتحاوي - الحماسي المسلح ...
ومن نافل القول ان انتفاضة جديدة للمجتمع الفلسطيني, سوف تعزز مقاطعة اسرائيل, وتوجه ضربة جديدة للتطبيع .
-4- بذلك, يمكن ان يوجه الفلسطينيون, لطمة قاتلة للادارة الامريكية الغارقة في وحول العراق, تضع حدا لـ »التعاون« العربي - الامريكي, القائم والمحتمل, في الشأن العراقي, تحت يافطة تجديد »العملية السلمية« على المسار الفلسطيني. عندها سوف يتم تمزيق هذه اليافطة ومواجهة الحقيقة القائلة بأنه لا استقرار في المنطقة من دون زوال الاحتلالات.
-5- وسط هدير انتفاضة جماهيرية في الاراضي المحتلة, لن يكون بوسع اي طرف عربي, تغطية عدوان امريكي محتمل على ايران او لبنان او سورية.
-6- سوف تحظى القضية الفلسطينية , بالمزيد من الانصار في اوروبا والعالم, وتفرض نفسها على الخطاب الاعلامي الدولي مثلما حدث سنة .87