ان الحكومة الجديدة والتي جاءت على إيقاع مطالب جماهيرية واحتجاجات غير مسبوقة في الاردن رافضةً اداء الحكومة المستقيلة كحلقةٍ من حلقات اداءٍ حكوميٍّ متصل غير مرضيٍّ عنه و غير موثوقٍ او مقنع مدعّوةٌ اليوم و بصفةٍ ملحّة ان تجْسُرَ الهوّةَ العميقة مع الشارع الذي يفيضُ بالقضايا والشؤون التي ولّدت لديه حالةً من الغضب والرفض والشك والريبة . وما اكثرَ ما يشكو منه الناس وما اقلَّ ما عودتنا الحكوماتُ واجهزةُ الدولة المعنية على فعله لتلبية بعضاً من مطالب الناس وطموحهم ، حتى وصل الاحتقانُ والكراهية وفقدان الثقة مبلغاً خطيراً انعكس سلباً على ثقافة المجتمع وسلوكيات كثير من الناس و صار ما يتداوله الناس من معلومات و اخبار عبارةً عن مفرقعات و متفجرات و مواد سامة تؤسس لحالة نشعر حيالها بالخوف والريبة ، علماً بأن ما يتم تداوله ليس بالضرورة ان يحوز على درجة كبيرة من الوثوق والمصداقية و بعضه كذبٌ صراح و اشاعاتٌ مغرضة ولكن بعضه ينبغي الوقوف عنده و معالجة اختلاله ولا يجدي نفعاً استمرارية الضرب صفحاً وإهمالا عن كل الأمور والتشكيك في صحتها كلها .
الفسادُ عنوان كبير من عناوين الازمة التي تتفاعل دوما اما تحت الغطاء او فوقه والتي تستدعي الاهتمام و تسترعي النظر .
والفساد اشكالٌ وألوان واحجامٌ و أوزانٌ و كثافات و مستويات وخلاف ذلك وقد اصبح بكل تنوعاته تحت مجهر المجتمع والذي اصبح بعدساتٍ مُكبّرةٍ جداً واصبح لدينا في الاردن رغبةٌ جامحة وقوّةٌ خارقة في البثِّ و التوصيل والمناولة ، والاهم من ذلك ان اجهزة وحواس الاستقبال في اعلى درجات الفاعلية والتفعيل مع تشغيل وحدات للمعالجة و المعلومة المُضافة .
و لعلّ هيئة مكافحة الفساد التي زارها دولةُ الرئيس الجديد وهي زيارةٌ لازمة ولكن اللازم أيضاً ان تكون زيارةً مغايرةً لما اعتدنا عليه من زيارات ٍ شكلية لتكون خبرا فارغاً في نشرة الأخبار التي لم تعد موضع اهتمام الناس او اعتبارهم .
ذلك ان هذه الهيئة بعنوانها و مسؤوليتها الوطنية معنية اكثر من ايِّ مؤسسةٍ اخرى بإعطاء جرعات من الثقة التي تلاشت لدى المواطن من خلال اجراءاتٍ ملموسة وجديّة في ممارسة الصلاحيات و مصداقية في التعامل مع الفساد أياً كانت مصادره او دوافعه او ممارسيه و مرتكبيه وان لا تبقى بعض الملفات رهينة الادراج والخزائن مع إصلاحاتٍ تشريعية لازمة ومستحقة لهذه المرحلة توسّع من الصلاحيات وترفع سقف المرجعيات و تحصّن الإجراءات و متخذيها و تعزز العمل والعاملين بما يعطي الهيبة والكفاءة والثقة بالهيئة و مفوضيها وكوادرها التي يجب ان تكون بعيدةً منزهةً عن الشبهات او الضعف او التبعية غير الإدارية او الوظيفية القانونية .
مطلوبٌ من هيئة مكافحة الفساد بأن تُعطي القدوة والمثل في عدم الوقوع في الضلالة او الشبهات وان من الشبهات التي يتحدث بها الناس والتي تستدعي من الهيئة جلاءها و توضيحها و دحضها ان كانت غير صحيحة ان رئيس الهيئة متهمٌ بأنه وقع في الاثم والخطيئة الوطنية والشرعية ايضا الذي وقع به للأسف بعض رجالات الدولة من مدنيين وعسكريين والذي يعبر عن جشعٍ و طمعٍ و فسادٍ بيِّنْ وهو ثغرة الجسيم والاعتلال غير الصحيح والذي لم يمنع الحصول عليه من العودة الى الوظيفة والمسؤولية و المزايا الإضافية وصار حديث الناس ودليلٌ آخر على انتهاك حرمة المال العام من قبل المتنفّذين مما يستوجب محاسبتهم و محاسبة اللجان الطبية المطية و المنفّذة لهذا الفساد والإفسادْ .
و هناك من يقول كيف لهيئة مكافحة الفساد ملاحقة هذا الخلل و رئيسها يتقاضى علاوة اعتلال تتجاوز الأربعمائة دينار وان فاقد الشيء لا يُعطيه ، مما يجعل اجابة الهيئة واجباً بالنفي او الاثبات ، ولا اعتقد ان الثقة بالحكومة واجهزة الدولة سيتحقق بغير عربون نزاهة وشفافية مقنع .