في بلادنا من السهل أن تصبح وزيرا ، فالوزراء يأتون ويذهبون ولا نعلم لماذا أتوا ولماذا ذهبوا ، لذا فطموح أي أردني أن يلعب الحظ معه فيصبح من أصحاب المعالي ، الكفاءة ليس شرطا أساسيا فالحظ هنا ربما يكون جغرافيا أو علاقة صداقة أو مصاهرة أو نسب ، أو ربما زمالة دراسة ، أو ربما لا شيء ...!!
يطمح الناس أن يصبحوا وزراء لأن لا أحد يحاسب ، فالخطأ منسي ، والغلط مجبور ،حتى لو كلف الخزينة مئات الملايين ، فحكومتنا عطوفة حنونة على الوزراء وتقصيرهم ، وربما تأخذ كتاب شكر وربما ينساك الإعلام عند إستقالة الحكومات قليلا ، ثم تتوارى بمنصب إنتقالي ثم تعود من جديد .
يا ترى هل يعرف الوزراء وجع القرى والناس ، هل يعرفون مكاور والطافح والعالوك وكفيراز وبير خداد وحوشا ودير الكهف ، القرى التي خرج منها الأردنيين للدراسة أو العمل ثم إبتلعتهم عمان فعادوا ضيوفا إليها أو جنازات للدفن في مقبرة العائلة .
نحتاج وزراء يشبهون البلاد ، ليس مهما أن تحمل شهادة من هارفرد أو لندن سكول ، المهم أن تستطيع أن تحاور مزارعا يخسر كل يوم من أرضه ورزقه ويرمي بمحصول البندورة في منتصف الشارع في الغور أو يسكب الحليب عندما لا يجد سوقا أو سعرا لمنتجه ،..
نحتاج وزراء لا يخاطبوننا من وراء زجاج سياراتهم ٤x٤ مخافة أن يهرب هواء الكوندشن البارد ، يتحررون من ربطات العنق ، ويتحررون من مدراء المكاتب وعطر سكرتيراتهم الذين يمنعون صوت الناس ليصل إليهم .
فليس مهما أن تعرف لغات أجنبية ، المهم أن تتكلم مع الناس بلغة يفهموها وتسمع شكواهم وتحلها وقد منحك القانون سلطة لتكون على قدرها .
لكل مسؤول يدفع الناس راتبه من الضرائب يمتلك الآن الفرصة ليعمل وينجز ، سنغمض أعيننا كيف أتى فهذا شأن لهم ، الأردن يحتاج الأفضل ومستقبله هو مستقبل أطفالنا الذين سيكبرون ويسألوننا ، وليتذكر معالي الوزير أنه محاسب من الله ومن ضميره ومن الناس ، وأن بلادنا لا تنسى ولا تغفر ، والتاريخ وذاكرة الأردنيين ملأى بالقصص والعبر .