كثيرٌ من الاردنيين يبدون مُتفائلين بإمكانية صلاح الحكومة. ولذلك تراهم يقفون في طوابير، تحت أشعة الشمس او المطر للمباركة لكل رئيس حكومة جديد، وللوزراء المُجَدَدِين، بعد أن يكونوا قد نهشوا لحم الرئيس الراحل حتى العظم. ورغم أن مُعظم الاردنيين قد عاصروا العشرات من الوزارات التي أعيد دهانها فوق الصدأ لتبدو جديدة رغم شدة إهترائها، وبغض النظر عن الاحباطات الخاصة التي اضافها كل رئيس للاحباطات المتراكمة، فإن بعض الاردنيين مُدمنون على الامل أن يكون القادمُ أفضل لمجرد أن الرئيس الجديد، أيُ رئيسٍ جديد قد غير لون بدلته عن تلك التي لبسها في الوزراة السابقة، أو، لان خمس شيبات غزت سوالفه. لقد إعتاد الاردنيون على قَدرِهم أن يبذروا حقولهم كل عام رغم معاناتهم من القحط شبه المتواصل. لقد تعايشوا مع معاناة الترنح التي تزداد مع كل كأس يتجرعونها من مزيج الامل وضعف الذاكره.
في المقابل فإن هناك من يرى أن معظم الاردنيين يقفون تحت لافتة اليائسين من صلاح الحكومة، والسبب هو غياب شرط واحد مقنع لاصحاب الحجة والعقل لان يتفائلوا. أنهم يؤمنون بالمثل الذي يقول فاقد الشئ لا يعطيه. فالحكومات فاقدة لاسباب النجاح لتنجح. الانتقاداتُ على تشكيل حكومة د. عمر الرزار لا تختلفُ عن الانتقادات لحكومات مَن سَبقه. والانتقاداتُ كثيرةٌ ومتنوعةٌ ولمعظمها وجاهةٌ لا يُنكرها الا منافق. أبسطُ هذه الانتقادات أن الوزراء الذين تم التجديدُ لهم هم من النوع "المعثث" أي الذي أصابه العث فأتلفه. لا حدود لحيرة الناس في سبب الاصرار على إعادة الوزراء والمسؤوليين مرة تلو الاخرى والانتقال بهم من موقع الى مواقع على الرغم من أن ليس لأي منهم إنجازٌ واحد يُشكرُ عليه، وبالتالي يُبررُ التجديد له أو الاتيان به أصلا، اللهم الا اذا كان الفشلُ والخيبة هي كلمةُ السر. ولعل ما فعله د. الملقي عندما جاء في أول تشكيلٍ له بثمانيني نائباً له، كان قد أمضى اكثر من 45 عاما وهو يتنقل بين المناصب الحكومية العليا بمختلف مسمياتها، وبعد تلك السنين قرر أن يعترف اذ قال في محاضرة له: " عندما أنظر الى الوراء، الى ما قمنا به "هو والفريق الاقتصادي" نكتشف اننا كنا سذج". لله درك، خمسة واربعون عاما وأنت وفريقك تتبجحون بانكم علماء الاقتصاد والمعرفة ومالكي الحكمة، وبعد أن خربتم بيت الاردن، قررت أن تكشف عن المُكتشف من زمان. الفضيحةُ أن يؤتى بذلك الشخص نائباً للملقي مباشرة بعد ذلك الاعتراف الفاضح. وللعلم فإن ذلك الشخص هو من شعراء الحقوق المنقوصةِ رغم أنه تولى من المناصب العليا أكثر مما تولاه ابناء الطفيلة والمفرق ومعان مجتمعين في عشرين سنه. حاول المتفائلون والمنافقون أن يبرئوا ساحة الرئيس الرزاز، فالقوا بتهمة سوء اختيار الوزراء على عدة جهات من بينها الديوان الملكي والمخابرات العامة وقيادة الجيش وبقية مراكز القوى، وأن الرئيس المُكلف كان مجبرا. لو جاز لنا ان نضحك على انفسنا وأن نُصدق أنه مُجبرٌ ولا يستطيعُ الرفضَ ولا الاعتذار، فماذا تقولون أيها المتفائلون والمدافعون، في تشكيلة مجالس امناء الجامعات الاردنية؟ أليست مجالس مُعثثة ايضا، بل واكثر صدءا واهتراءا من الحكومة؟ هل أصبحت البالة ومحلات الخردة هي المصدر الوحيد المناسب للاتيان بقادة الاردن في كافة المجالات؟ الهذه الدرجة هزلت الامور؟ الهذه الدرجة إنحط مستوى وأهمية ودور المناصب القيادية الحكومية؟ لماذا التجديد وإعادة التشكيل أصلا، طالما أن الاشخاص ثابتون؟ لماذا لا يتمُ تغيير نص المادة التي تحدد الفترة الزمنية لاي مجلس ووظيفة حكومية واستبدالها بكلمتي: مدى الحياة او الى ان يزهق. جميع رؤساء واعضاء مجالس امناء الجامعات هم رؤساء حكومات، ووزراء واعيان سابقون او محاسيب. وجميعهم يتولون حاليا اعمالا حكومية هامة ومع ذلك أُضيفت عضوية مجالس الامناء الى مهامهم. والادهى أن كثيرا منهم لا يحملون شهادة الدكتوراه أو لا علاقة لهم بالعلم والتعليم. هل وصلت الجرأة الى أن تُلحق إدارة التعليم العالي بفساد التنفيع وتوزيع المكاسب؟ السؤال المحير: لماذا يجبُ أن يكون رؤساء واعضاء مجالس امناء الجامعات من رؤساء الحكومات والوزراء والاعيان السابقين وربما الحاليين وبهواة المناصب الحكومية الباحثين عن ألقاب حتى وان كان الواحد منهم لا يتجاوز حجم شوكة حَطت كسائر الغبار على كرسي؟ ما علاقة عضو مجلس أمناء جامعة اكاديمية بكون الشخص وزيرا سابقا؟ هل الوزرنةُ على اهميتها مُؤهلٌ اكاديمي؟ هل الخبرة في الوزرنة هي ذاتها المطلوبة لعضوية مجلس الامناء؟ لماذا يُتوقع من وزراء واعيان، أن يكونوا قادرين على رسم السياسات التعليمية للجامعات والاشراف على حسن سير العملية التعليمية والبحثية والتنافس مع الجامعات العالمية على صناعة التقدم والمستقبل والاسهام في بناء هرم الانجازات العلمية العالمي؟ هل يستطيعُ من فشل في ادارة وزارة أو مؤسسة بيروقراطية جُل عمله فيها "شؤون موظفين" أن يُسهم في تطوير التعليم الجامعي والبحث العلمي؟ أم أن المطلوب منهم ضمان إستمرار إنحدارِ مستوى التعليم الجامعي الذي بدأ منذ سنين الى أن يصل الى القاع؟ الم يسمع اصحابُ القرار بانتقادات وشفقة وتندر الخليجيين على ما وصل اليه التعليم الجامعي في الاردن بعد أن لقي التعليم ابتداءا من الابتدائي وحتى الثانوي مصرعه؟ لقد أصبح عدد الوزراء والاعيان والنواب السابقين كبيرا ويكفي أن يوزعوا مدراء على المدارس الابتدائية والاعدادية. لماذا لا توزعوهم؟ واذا بقي زيادة، أطردوا مدراء الشركات الخاصة والبقالات والمطاعم وعينوهم مكانهم كما فعلت الانظمة الاشتركية في مصر وسوريا عندما أممت كل شيء. كيف يكونُ هُناك أملٌ ومبعثٌ على التفائلِ، والمواطنون يُشاهدون ما يجري داخل الدائرة الحديدية المغلقة وكانهم يشاهدون مسلسلا تاريخيا أو أحد افلام هوليود؟ هل هذه أمور لا شأن للاردنيين بهأ؟ واخيرا، أنبه الى أن المهزلة لن تقتصر على تشكيل الحكومة وتشكيلة مجالس الامناء، بل سنشاهدُ ما هو أسوأ بكثيرٍ في التغييرات القادمة على مستوى رؤساء الجامعات والامناء العامين واعضاء المفوضيات. وإن غداً لناظره قريب. لم أكن اتوقع من وزير التعليم العالي الدكتور عادل الطويسي أن يرتكب أو أن يُشارك في خطيئة تشكيل مجالس الامناء وارجو أن يصحو ضميره عند تشكيلة رؤساء الجامعات التي تُطبخ على نارٍ مُنطفأة.