الانتخابات الرئاسية والتشريعية التركية
اللواء المتقاعد مروان العمد
25-06-2018 03:06 AM
منذ صباح اليوم الباكر الموافق ٢٤ حزيران عام ٢٠١٨ بدأ ٥٦ مليون تركي التوجه الى صناديق الاقتراع لانتخابات رئاسية وتشريعة
متزامنة ومبكرة حيث كان من المفروض ان تجري في الثالث من تشرين الثاني عام ٢٠١٩ حسبما تم الاتفاق عليه في الاستفتاء الدستوري الذي جرى في شهر نيسان عام ٢٠١٧ وفاز به اردوغان وحزبه التنمية والعدالة بأغلبية واحد وخمسين في المائه من اصوات من شاركوا بالتصويت . وكان اردوغان والذي تولى رئاسة الحكومة التركية اثر فوز حزبه الجديد التنمية والعدالة المنشق عن حزب الفضيلة الذي كان يقوده نجم الدين اربكان منذ عام ٢٠٠٣ . واستمر في هذا المنصب حتى عام ٢٠١٤ حيث ترشح لرئاسه الجمهورية في اول انتخابات مباشره وفاز بأغلبيه كبيرة . وكان النظام الدستوري في تركيا حتى هذا التاريخ يعطي الصلاحيات الكاملة لرئيس الوزراء فيما رئيس الجمهورية سلطاتة فخرية .
ومنذ ان اصبح اردوغان رئيساً للجمهوريه وضع نصب عينيه الانتقال الى النظام الرئاسي والذي يجعل كل السلطات بما فيها اصدار مراسيم تشريعية بيد رئيس الجمهورية والغاء منصب رئيس الوزراء والسماح لرئيس الجمهورية ان يحتفظ برئاسه حزبه بعد ان كان النظام السابق يتطلب من رئيس الجمهورية
الاستقاله من حزبه . ولذلك سعى لادخال تعديل دستوري يتح له ذلك ولكن الانتخابات التشريعية التي جرت في شهر حزيران عام ٢٠١٥ لم تعطي حزبه اغلبيه نيابية تجعله يمرر هذا التعديل ، لذا دعى الى انتخابات مبكرة في شهر تشرين الثاني من نفس العام حقق فيها الاغلبية ولكنها كانت اقل من الاصوات التي تسمح بأقرار اجراء استفتاء لتعديل الدستور . لذا سعى اردوغان الى عمل تحالف مع حزب الحركه القومية اليميني الذي يرأسه دولت بهجلي مكنه من الحصول على الاصوات اللازمه لأجراء الاستفتاء واقراره في شهر نيسان عام ٢٠١٧ على ان يتم تطبيق هذا التعديل بعد الانتخابات التشريعية عام ٢٠١٩ وان ترافقها انتخابات رئاسية . ورغم انه من المفروض في الفتره الانتقالية ان تكون صلاحيات اردوغان شكلية الا انه مارس صلاحيات مطلقة دون سند دستوري .
وبطريقه مفاجئة اعلن دولت بهجلي حليف اردوغان انه سوف يقترح اجراء هذه الانتخابات قبل موعدها بسنه ونصف . وفي اليوم التالي اقر اردوغان وحزبه هذا الاقتراح على ان تجري هذه الانتخابات بتاريخ هذا اليوم والذي يصادف الذكرى السنوية لمعركه ملاذ كرد عام ١٠٧١ وهي التي هزمت فيها القبائل التي بنت الدوله العثمانية البيزنطيين
.
ولكن لماذا هذا التغيير المفاجئ وفي ظني ان هذا يعود لعده اسباب واهمها
١ - الاستفادة من حالة الرخاء الاقتصادي التي كانت سائدة في تركيا تلك الايام مع ظهور بداية حركه انكماش اقتصادي سببها التدخل التركي في سوريه والعراق وازمتها المالية مع دول الاتحاد الاوروبي ومحاولة استباق حدوث هذا الانكماش .
٢ - الاستفادة من الانتصارات التي حققتها تركيا في كل من سوريه والعراق والضربات التي وجهتها القوات التركية للتنظيمات الكردية . والاستفادة من حاله العداء لهذه التنظيمات في تركيا لضمان التفاف الشعب التركي حوله ولمحاولة افشال حزب الشعوب الديمقراطي الكردي من الوصول الى البرلمان بعدم حصوله على نسبه الحسم وهي عشره بالمائه .
٣ - محاولة الاستفاده من الازمه السوريه قبل ان يتم التوصل الى حل لها مما قد يضعف الدور التركي فيها ويفقد اردوغان الاوراق التي يلعب عليها في هذه الأزمة .
٤ : - محاولة مفاجئة المعارضة التركية قبل لملمه اوراقها والتي هي في الاساس منقسمة على نفسها وقبل استعدادها للانتخابات .
الا ان الرياح لم تجري كما يشتهي اردوغان وان لم يكن ذلك يشكل ضربة قاضية له . فقد شهد الاقتصاد التركي مرحله تراجع كبيره وارتفع التضخم الى عشرة بالمئة كما شهدت الليرة التركية انخفاضاً كبيراً في قيمتها مع وجود مؤشرات بزياده ارتفاع معدل التضخم وانخفاض قيمه الليرة التركية خلال الفترة القادمة مما كان وسيكون له تأثير على دخل المواطن التركي ومستوى معيشتة .
كما ان المعارضة اظهرت حركه ونشاطاً واستقطاباً لها فاق توقعات اردوغان . وكانت النية في البداية لدى المعارضه تتجه الى ان يترشح رفيق اردوغان وشريكه بتأسيس حزب العدالة والتنمية ورئيس الجمهورية الاسبق عبدالله غل ( قبل ان تقع الخلافات بينهما ) لرئاسة الجمهورية في مواجهة اردوغان وخاصة انه اكثر واحد في تركيا كلها من الممكن ان يكون منافساً حقيقياً لاردوغان . الا ان الحملة الشرسة التي قام بها حزب التنمية والعدالة على غل وعدم اتفاق جميع احزاب المعارضة على تمثيله لهم جعله يتراجع عن فكره ترشحه للانتخابات ، فيما طرحت احزاب المعارضه ستة مرشحين لرئاسه الجمهورية ولكسب بعض المقاعد في البرلمان .
وسوف اتحدث الآن عن الخارطة الانتخابي للرئاسة ومجلس النواب والاحتمالات المتوقعة .
سوف يتنافس على الرئاسة سبعة مرشحين يمثلون سبعةاحزاب وهم : -
ا : - رجب طيب اردوغان رئيس حزب التنمية والعدالة وصاحب الحظ الاوفر بالفوز
٢ : - محرم إينجه / رئيس حزب الشعب الجمهوري الاشتراكي الديمقراطي وهو الحزب الذي يمثل الحركه الاتاتوركية والذي بسط سيطرتة على تركيا فترة طوية من الزمن بعد الحرب العالمية الاولى . وكان محرم اينجه فاز برئاسه حزبه منذ فتره قصيره .
٣ : - ميرال اكشيتار / والمذكورة كانت سابقاً عضوة في حزب التنمية والعدالة ثم اصبحت عضوة في حزب الحركة القوميةاليميني . ولما تحالف رئيس هذا الحزب دولت بهجلي مع اردوغان بخصوص الاستفتاء الدستوري قامت المذكورة ومعها بعض اعضاء الحزب بالانفصال عنه وقاموا بتشكيل حزب الخير برئاسة المذكورة .
٤ : - بتميل كرم الله اوغلو / رئيس حزب السعاده الاسلامي المحافظ وهو الحزب الذي شكله نجم الدين اربكان بعد حل حزبه الفضيلة . وتولى المذكور رئاستك بعد وفاه اربكان .
٥ : - صلاح الدين ديمرطاش / رئيس حزب الشعوب الديمقراطي الكردي والمتهم من قبل اردوغان بأنه يمثل الجناح السياسي لحزب العمال الديمقراطي الكردستاني والذي يقبع في زنزانته هو ومجموعه من قيادات هذا الحزب وبعض ممثلي هذا الحزب في البرلمان بتهمه ممارسة اعمال ارهابية .
٦ : - ودوغو بارينتشاك / رئيس حزب الوطن وهو حزب يميني محافظ لم يسبق وان كان له ممثلين في مجلس البرلمان
٧ : - نجدت اوز رئيس حزب العداله
هذا وبالرغم من الحملة الشرسة التي تخوضها المعارضة على اردوغان وحزبه واتهامه بالتسلط والعصبية ومعارضتها جميعها للنظام الرئاسي واتهامه باعمال قمع وخاصه بعد فشل المحاولة الانقلابية
التي وقعت عام ٢٠١٦ والتي استغلها اردوغان للتخلص من كل خصومه في الجيش والاجهزة الأمنية وفي القضاء والاعلام ومن جماعة عبدالله جولن . فأنني اتوقع ان يفوز اردوغان من الجولة الاولى بالرغم من ارتفاع شعبيه منافسه محرم اينجه بشكل ملحوظ . ولو ان البعض يتوقع ان يخوض اردوغان جولة ثانيه مع اينجه يتوقع ان يفوز بها اردوغان بنسبه ستين في المائه ، الا ان المعارضة قد تقدم في هذه الحالة على انسحاب اينجه من الصراع على ان تحل محله المرشحه ميرال اكشيتار كون الناخبين القوميين واليمينيين لا يمكن ان يعطوا اصواتهم لزعيم الحزب الاتاتوركي . وهم يتوقعون ان تمثل المذكورة تهديداً حقيقياً لفرص اردوغان بالفوز وخاصة مع اعطاء الاكراد اصواتهم لها . الا انني استبعد حصول ذلك ولكن نجاح اردوغان في هذه الحالة لن يكون كاسحاً .
اما بالنسبه لعضوية البرلمان التركي فأن شروط المشاركة فيه ان يحصل الحزب على اصوات عشرة في المائه على الاقل من اصوات الناخبين . علماً ان المجلس الحالي يضم أربعة احزاب هي حزب التنمية والعدالة بأغلبيه عالية والحزب القومي اليميني الذي تحالف مع اردوغان والحزب الاتاتوركي حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي الكردي . وهذه هي الاحزاب المرجح ان يتكون منها المجلس القادم مع تراجع سيطره حزب العدالة والتنمية بعض الشيئ الا اذا لم يحصل الحزب الكردي على نسبه الحسم فأن ذلك سوف يزيد من عدد اعضاء حزب التنمية والعدالة . وحتى لو انخفض اعضاء الحزب في البرلمان القادم فأنه لن يكون له تأثير كبير على اردوغان حيث اعطاه التعديل الدستوري صلاحيه الموافقة او الرفض على اي قانون او تشريع يصدر من البرلمان بالاضافة الى حقه باصدار اعلانات دستورية .
وعلى هذا اتوقع فتره رئاسية ثانيه لأردوغان بصلاحيات واسعه الا ان هذه الفترة لن تكون سهلة وقد لا تمر بأمان . وبنفس الوقت قد تتيح له فترة رئاسية ثالثة بعد هذه الثانية . حيث ان الفترة الرئاسية الاولى لم تحسب عليه من ضمن الفترتين الرئاسيتين لرئيس الجمهورية التركي بموجب التعديل الدستوري .