عادت حليمة لعادتها القديمة
المحامي د. أحمد محمد العثمان
24-06-2018 11:57 AM
بعد أن خرج الشعب بمنتهى التحضر والتمـدْيـُن الى الشارع مطالباً بتغيير النهج الحكومي وسحب مشروع قانون ضريبة الدخل ، فقد تم سحب مشروع قانون ضريبة الدخل، وتم تغيير الحكومة وتشكيل حكومة جديدة .
من قراءة الأحداث والوقائع فإن تغيير النهج لم يحدث ، بل إستمر النهج الحكومي على ما كان عليه في زمن الحكومات السابقة ، إذ أن الحكومة الحالية لم تحدث اي تغيير يذكر في منهجية التعامل مع الأمور والأحداث والوقائع ، بل أن ظاهر الأمور يشي بأن هذه الحكومة لن تأت بجديد بل هي أقرب الى حكومة تصريف أعمال ، إذ لا يمكنها إستحداث شيء يؤدي الى تغيير الواقع وهذا يمكن إستظهاره مما يلي :
1- قيل قبل تشكيل الحكومة بأنها ستكون حكومة شباب ، لنجد أن عديداً من الوزراء قد تجاوزوا مرحلة الشيخوخة ، بل تجاوزوا العمر الإفتراضي للإنسان العربي بشكل عام والأردني بشكل خاص .
2- قيل في معرض تشكيل الحكومة الحالية بأنها لن تضم وزراء من الحكومة السابقة ، لنجد أنها ضمت ما يقرب من خمسة عشر وزيراً من الحكومة السابقة .
3- تذرعت الحكومة وبررت فشلها المتوقع سلفاً بأن سبب الأوضاع الإقتصادية الصعبة هو إغلاق الحدود مع العراق وسوريا والإقليم الملتهب ، لنجد أنها لم تفعل شيئاً لفتح هذه الحدود كما ام تفعل شيئاً لإيجاد أسواق بديلة لهذين السوقين . أما إلتهاب الإقليم فهو إسطوانة مشروخة لأن في الإقليم دول في عين اللهب ومع ذلك فهي تحقق تقدماً ونمواً.
4- بعد أن وردت المساعدات والودائع الخليجية إسترخت الحكومة ولم تضع برامج للتنمية ، مع أن المساعدات تحل المشكلة أنياً ، وأما القروض التي لا تصاحبها خطط ومشاريع تنمـوية تشكل عبئاً على الدولة ، وأحرى بالحكومة أن تجنح الى المبدأ التربوي الذي يقول : أن تعلمه كيف يصطاد السمك أفضل من أن تعطيه في كل يوم سمكة .
قد يقال بأن ما مضى من عمر الحكومة لا يزال قصيراً ، فنقول : أن عمر الحكومة لا يقاس بالزمن بل بالإنجاز والقدرة على الإنجاز ، وإن ما مر من وقت على تشكيل الحكومة كان يكفي لإظهار بوادر الإنجاز المستقبلي من خلال وضع خطة تنبيء عما سيكون عليه إنجازها .
وقد يقال بأن الحكومة غيرت قواعد علاج السرطان ، فقول هذا لا يعتبر إنجازاً ، أنما هو إظهار لعجز وتقصير الحكومات السابقة في هذا المجال ، فالتأمين الصحي يجب أن يكون حقاً لكل مواطن لأنه من وظائف الدولة الأساس .
وأخيراً لا بد من بيان أن الدولة تكون شابة عندما تكون حكومتها شابة وقادرة على إنجاز برامج تطوير المجتمع وإلا فهي في مرحلة الشيخوخة ولنا مثل في ذلك كل من بريطانيا وأمريكا إذ حافظتا على شباب الدولة بالنظر لتجديد الإدارة وشبابية قيادتها ، في حين إنهار الإتحاد السوفياتي بالنظر لشيخوخة قيادته ، ومن ثم عادت روسيا الى مصاف الدول العظمى بالنظر لشبابية قيادتها .
كل ذلك يدعونا الى تجديد دماء الحكومة والمحافظة على شبابية وزرائها هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإنه لا بد من تجديد المنهج حتى ولو كان الوزير فريد زمانه وعصره ، فهنري كسنجر رسم سياسة أمريكا منذ عام (1975) ونفذها ترامب في عام (2018) وبتغيير الحكومة تم تغييره ، وكذلك كونداليزا رايس رسمت خريطة جديدة للعالم لكن عندما تغيرت الحكومة غادرت الإدارة الى غير رجعة فلماذا نصر نحن العرب على أن يبقى الشخص في منصبه الحكومي مــن المهد الى اللحد رغم فشله ؟! ففي هذه الحكومة وزراء اشغلوا مناصب وزارية في حكومات سابقة ومواقع قيادية أخرى ولم نر لهم إبداعاً من اي نوع فلماذا جئنا بهم لفيفاً ؟!.
قد يقال أن هذه النظرة يسودها التشاؤم ، فأقول أن الدول لا تدار بالتفاؤل أو التشاؤم وإنما بالخطط التي تؤدي للتنمية ، وإلا تكون حليمة قد عادت لعادتها القديمة !! .