الأردن أمام أزمة لاجئين جديدة
ماهر ابو طير
24-06-2018 01:40 AM
وفقًا لبيان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس الذي صدر فجر البارحة، فإن آلاف السوريين في مناطق جنوب سوريا، يتجهون نحو الاردن، بسبب العمليات العسكرية من جانب قوات النظام.
هذه الاشارة التي وردت في بيان الامين العام، لم تكن مفاجئة، اذ ان كل التحليلات كانت تتحدث سابقا، عن موجات لجوء جديدة محتملة نحو الاردن، اذا حدثت عمليات جنوب سوريا، خصوصا، ان اتفاقية خفض التصعيد قد تنهار اي لحظة، بشكل كلي، مهما سعت قوى المنطقة لانقاذها.
لقد فشل الروس في التوصل الى اتفاق مع الثوار في تحالف الجبهة الجنوبية، وهو ائتلاف يضم نحو 15 مجموعة متواجدة حالياً في المناطق الجنوبية التي تسيطر عليها المعارضة، حيث اعلن ثوار الجبهة الجنوبية المنقسمون، والذين تم حل عدد منهم مؤخراً، عن نيتهم مقاتلة النظام السوري، وعدم الوصول الى تسوية، وقد تشتد محنة هؤلاء اذا قررت واشنطن ودول اخرى، وقف خطوط الامداد لهم، بحيث قد يدفعهم ذلك الى الاستسلام، بما يعنيه ذلك على مستويات اخرى.
في كل الاحوال فإن جبهة جنوب سوريا، تواجه تعقيدات كثيرة، ابرزها وجود الجماعات المسلحة، وثانيها وجود اي قوات ايرانية او ميليشيات تابعة لطهران، وثالثها احتمال تدخل اسرائيل بعمليات قصف في تلك المنطقة، وهذا امر محتمل، ورابعها وقف الامدادات عن الثوار بما يعيد خلط كل الاوراق، والخلاصة ان كل محاولات جدولة ازمة جنوب سوريا، لن تستمر حتى نهاية المطاف.
معنى الكلام، ان الاردن سيجد نفسه آجلا ام عاجلا، امام موجات لجوء جديدة، فما الذي سيفعله الاردن امام هذه الموجات، خصوصا، مع احتمال تخفي آلاف المقاتلين من الجماعات المتشددة، مع عائلاتهم، وتسللهم الى الاردن ضمن موجات اللجوء، وهو امر محتمل الى حد كبير، كما ان الاردن امام خارطة معقدة، سواء قبل بدخول هؤلاء، ام رفض واغلق الحدود في وجوههم؟.
قبل سنوات، وفي لقاء لسفيرة الاتحاد الاوروبي في عمان، مع مجموعة من الكتاب الصحفيين في عمان، قالت السفيرة ان على الاردن ان يتوقع ان يكون اللجوء السوري في الاردن طويل الامد، لمدة لا تقل عن خمسة عشر عاما، حتى لو توقفت الحرب، كون اللاجئين اشتبكوا بالحياة في الاردن اجتماعيا واقتصاديا، ولن يكون بإمكانهم العودة الى بيئة ثأرية ما بعد الحرب، وغير آمنة، وغير جاهزة اقتصاديا.
هذا الكلام ثبت صحته الى حد ما، لان اغلب السوريين في الاردن، لا رغبة لديهم بالعودة الى سوريا، حتى لو توقفت الحرب، لاعتبارات كثيرة، من بينها فقدانهم لمصالحهم الاقتصادية، او منازلهم، او حتى خوفهم من التصفيات الثأرية على خلفية الحرب.
اذا طابقنا هذه الخلاصات مع الاستنتاجات حول موجات هجرة جديدة، فإن الواضح ان الاردن يتحول الى حاضنة للسوريين السنة من جنوب سوريا، ومناطق اخرى فيها، وهو امر يأتي نتيجة طبيعية لما يحدث ميدانيا، هذا فوق الاجراءات التي يتخذها النظام ضد كل سوري غادر سوريا، وهي اجراءات لا تجعل العودة ممكنة، وفي احسن الحالات مؤجلة الى امد مفتوح.
ليس امام الاردن في هذه الازمة المقبلة، الا المراهنة على تسوية مع المقاتلين لضمان عدم حدوث مواجهة عسكرية، تدفع المدنيين الى اللجوء للاردن، وهذه التسوية ستكون في الاساس على حساب المعسكر الاقليمي المناوئ لنظام الاسد، وبهذا المعنى فإن لها كلفة ايضا على الاردن، لكنها اقل كلفة من انهيار جبهة جنوب سوريا، كليا، وحدوث مواجهة كبرى، فيما السيناريوهات الاخرى، من حدوث حرب مفتوحة، او مواجهة اميركية روسية في المنطقة، او تدخل الاسرائيليين، فهي كلها احتمالات مدفوعة الثمن اردنيا، وبهذا المعنى يمكن ان يقال ان الازمة السورية، باتت ازمة اردنية ايضا.
ما بين السياسي والانساني، يقف الاردن، امام توقيت حرج، وهو توقيت معقد جدا، ربما تتعمد فيه قوى كثيرة، من بينها النظام السوري، تحويل الاردن الى حاضنة للسوريين السنّة، من اجل تفريغ سوريا، واعادة رسمها ديموغرافيا، وتوزيع فاتورة الازمة ذاتها، على كل جوار سوريا.
الدستور