اعتذر وزير المياه، منير عويس، لسكان جنوب وغرب جرش، عن المعاناة التي لحقت بهم نتيجة ما وصفه "سوء توزيع المياه"، خلال الفترة الماضية، جاء ذلك في زيارة مفاجئة قام بها إلى تلك المنطقة، واعداً إيّاهم بإيجاد حلول فورية لذلك.
قبله كان وزير الزراعة، خالد حنيفات، يقوم بالاعتذار لعاملة نظافة في الوزارة منعتها مديرة من ركوب المصعد معها، فقام الوزير بزيارتها في العمل وتقديم "بوكيه ورد" لها.
بين هذا وذاك، قام وزير التعليم العالي، د. عادل الطويسي، بنشر توضيح (على موقع الزميلة عمّون) ردّاً على مقالة د. ناهد عميش حول نسبة النساء في مجالس الأمناء، مبيّناً أنّها 14 %، مقارنةً بنسبة الأكاديميات التي تصل في الجامعات إلى 10 %.
هذه التوضيحات والاعتذارات لا تنفكّ عن الأفكار التي أتت بها حكومة د. عمر الرزاز، وأوضحها بصورة جليّة، خلال الفترة الماضية، وتتمثّل في ضرورة تعزيز قنوات التواصل والحوار مع المجتمع والانفتاح مع المواطنين، وتحسين نوعية الخدمات المقدّمة إليهم، وتفعيل مفهوم "الوزير الميداني".
اعتذارات وتوضيحات، بين هذا وذاك، يأتي الوزير الشاب، مثنى غرايبة، إلى ندوة في سيارة أجرة، ليقدّم "رسالة نوايا أخرى" من قبل الحكومة بأنّ هنالك فرقاً حدث عن السياسات السابقة.
رئيس الوزراء نفسه، قدّم في المؤتمر الصحفي "بياناً مبدئياً" بنوايا الحكومة، فيما يختص بتوزيع العبء الضريبي وتحسين الخدمات وبتفكيك ألغاز سعر المحروقات، وبالحوار المستمر مع القوى المجتمعية والمدنية والسياسية حول السياسات والقرارات الحكومية.
ذلك كلّه جيّد، وجميل، وأحسب أنّه يلقى ارتياحاً مبدئياً لدى نسبة كبيرة من المواطنين. لكنّه فقط مجرّد "بداية" بسيطة، وتغيير طفيف، لن يعني شيئاً في المرحلة المقبلة، إذا لم يتبعه تغييرٌ نوعيٌّ جوهري في "نظرية عمل" الحكومة!
ما هو أهمّ من ذلك هو نوعية الخدمات المقدّمة، على أكثر من صعيد؛ الأول وهو الاستراتيجي، فعلاً، المرتبط بالتعليم والصحّة والنقل، ونحن نعلم أنّ ذلك لن يأتي بـ"كبسة زر". لكن من الضروري أن ندخل في عملية تؤدي إلى نتائج ملموسة مع مرور الوقت، وهنالك للأمانة عمل بدأ يأخذ مسارات منهجية جديّة في التربية والتعليم.
والصعيد الثاني يرتبط بالعلاقة اليومية بين المسؤولين والبيروقراطية والمواطنين، وهي تحتاج إلى قرارات وسياسات وتوجّهات من المسؤولين في الطبقات العليا من الإدارة، ما يحقّق مفهوم "المسؤول الميداني"، كي يشعر المواطن بالفعل أنّ هنالك تطوّراً ملموساً في الاشتباك اليومي مع المؤسسات الخدماتية، وبتعامل يقوم على قيم الاحترام والمواطنة والمساواة أمام القانون.
بكلمتين؛ الاعتذار والاعتراف بالخطأ والإعلان عن النوايا الطيبة، كل ذلك جميل، لكن الأجمل ألا يظن بعض الوزراء أنّ التغير المقصود يقف هنا (الاعتذارات والأمور الشكلية، ما يذكّرنا بإحدى المسرحيات: أحسّس وأعتذر..!).
يحتاج الأردن اليوم فعلاً إلى عقلية رسمية جديدة مختلفة عن تلك التي أوصلتنا إلى هذه المرحلة من الأزمات المتراكمة والمتتالية، وكانت تعيش حالة إنكار كاملة.
الغد