العقد الاجتماعي الجديد بين حكومة الرزاز والشعب
د. سعد علي البشير
24-06-2018 01:28 AM
أعلن دولة الدكتور عمر الرزاز أن نهج حكومته الجديد سوف يسير نحو عقد اجتماعي جديد مبني على الحقوق والواجبات وصولاً إلى نهج وقف الجباية، وفي آخر تصريح للناطق الرسمي باسم حكومة الرزاز قالت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام جمانة غنيمات بأن الاردنيين أعطوا الحكومة 'عطوة' لـ 100 يوم وبإمكانهم محاسبتها بعد ذلك على تقصيرها وإنجازها، والأمر الذي يدعوا إلى بعض الاطمئنان في حكومة الرزاز أنها مدركة لطبيعة وحجم التحديات التي تواجهها سواءً من خلال كتاب التكليف السامي، أو من خلال المتطلبات الشعبية، والأمر الأول الذي أريد الإشارة إليه بأننا لا نريد استخدام العطوة بمعناها الحرفي وإنما بمعناها المجازي الذي يدل على أن الشعب قد أعطى حكومة الرزاز مائة يوم مهلة ليرى ماذا ستفعل هذه الوزارة.
وبالعودة إلى جون لوك فإن العقد الاجتماعي هو الاتفاق الذي يتم بين الأفراد، كي يقوموا بإنشاء مجتمع سياسي وبالتالي السلطة التي يديرون بها هذا الاجتماع، هنا يؤسس لوك مفهومه للعقد الاجتماعي من خلال بحثه في الحالة الطبيعية الأولى للإنسان، حيث قام فيها المجتمع على التعاقد الاختياري والرضا المتبادل بين الأفراد نظراً لحاجتهم للحماية المشتركة، بناءً على الحقوق الطبيعية التي يمتلكونها: وعلى رأسها حق الحياة، حق الحرية، حق التملك؛ ويُلاحظ أن هذا التعاقد لا يقوم على القوة ولا على الإكراه، ولكن ما يتم بمقتضاه هو تنازل كل فرد من الأفراد على جزء من حقوقه، وتحديداً عن سلطته في تنفيذ القانون الطبيعي بنفسه، وبالتالي القبول والخضوع لحكم الجماعة في وضعها الجديد، وطاعتها، والامتثال لقوانينها، وهذا يعني أن الدولة ما هي إلا تجمع انتقل فيه أمر تطبيق العقوبات من يد الفرد إلى يد الجماعة، فبعد أن كان كل فرد يعتبر نفسه قاضياً ورجل شرطة تحت ظل القانون الطبيعي؛ فإن هاتين السلطتين انتقلتا إلى المجتمع في ظل التنظيم السياسي.
وحول هذا الموضوع في الزمن المعاصر وفي الأردن تحديداً أكد جلالة الملك عبد الله الثاني مراراً على أهمية المواطنة الفاعلة كجزء لا يتجزأ من عملية التحول الديمقراطي. فقد شدد جلالته في الورقة النقاشية الرابعة "نحو تمكين ديمقراطي ومواطنة فاعلة" على أهمية التحلي بالمواطنة الفاعلة للمشاركة في الحياة السياسية وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار للوصول للحكومات البرلمانية، ولا تقف أهمية ممارسات المواطنة الفاعلة عند ذلك وحسب، فلقد أكد جلالته بأن المواطنة الفاعلة أهم مصادر منعة الأردن ووحدته الداخلية.
يُمكن أن نضيف إلى ماسبق أن الشارع الأردني رغم عدم تقبله للحكومة بشكلها الحالي إلا أنه منحها 100 يوم عطوة حسب تصريح وزيرة الدولة لشؤون الإعلام جمانة غنيمات؛ هنا يأتي السؤال الرئيس في امتحان المائة يوم: هل يستطيع دولة الرئيس الرزاز بدء عقد اجتماعي جديد ومتطور يناسب العصر ويناسب ما يمر به الأردن من أزمات وضغوط اقتصادية صعبة وميزانية مثقلة بالديون؟؟؟
وطالما أن الشعب الأردني قد امتثل لأمر السلطة وأوقف احتجاجاته، فهل تستطيع حكومة الرزاز الخروج من المشاكل الاقتصادية دون الاقتراب من جيوب أفراد الشعب؟ ودون الاعتماد على المنح والقروض؟؟؟
وطالما أن هذه الحكومة قد خطت الخطوة الأولى بمحاسبة الفاسدين، فهل تستطيع إكمال هذه المسيرة لتنهض بالبلاد من كبوتها الاقتصادية، التي سببها بعض الفاسدين؟؟؟
والسؤال الأهم هل يُمكنها البدء بالخطوات اللازمة نحو تمكين ديمقراطي ومواطنة فاعلة، يستطيع المواطن الأردني من خلالها الوصول إلى المشاركة السياسية الحقيقية في الحياة السياسية ليكون القاعدة الأساس أي قاعدة المشاركة في صنع القرار للوصول للحكومات البرلمانية؟؟؟ هنا السؤال؟؟؟
ورغم كل التساؤلات إلا أنه لا يُنكر أحد أن هناك مبشرات خير بدأتها الوزارة بسحب مشروع قانون الضريبة، ومعالجة موضوع مرضى السرطان من جذوره، إضافة إلى قرارها الجريء بتوفير النفقات بحوالي 150 مليون دينار من ميزانية العام الحالي.
المحامي الدكتور سعد علي البشير: عضو مجلس إدارة الاتحاد الدولي للحقوقيين