قضايا في الإرشاد النفسي الإدارة الذاتية للضغط النفسي
رانيا اسماعيل
23-06-2018 06:14 PM
يقولون "كلٌ يرى الجمال بعينه" وكذلك الضغوطات النفسية فإنها تؤثر علينا بالكيفية التي ندركها بها "فكلٌ يدرك الضغوطات النفسية بفكره" ، وبالتالي فنحن مسؤولون عن سلوكاتنا وردود أفعالنا تجاهها .
إن أفكارنا ومشاعرنا لها دور هام جدا بطريقة تفاعلنا مع الضغوطات النفسية ، وهذا يعود لعدة ظروف منها أسلوب التنشئة ، السمات الشخصية والثقافية ، الظروف السياقية المحيطة ، وعدة أمور.
أحياناً قد تكون طريقة تفاعلنا مع الضغوطات سلبية، مما يزيد من شدة الضغط النفسي والتوتر، كالحالات التي نتجنب فيها المشكلات، كثرة الحديث عنها دونما حلول فعالة، أو البحث فقط عن إنقاذ أنفسنا بغض النظر عما تخلفه الضغوطات من نتائج سلبية ، وكذلك غياب مصارحة الذات ومواجهتها بأهمية المشكلة، وتضخيم الأمور أو تهوينها بحيث تخرج عن إطارها الطبيعي، و أحياناً نتعامل مع الضغوطات وكأننا ضحايا لها، ومن الممكن أن نقوم بتحميل الآخرين المسؤولية الكاملة عما يحدث لنا .كل هذه الطرق تبعدنا عن الحلول المنطقية والموضوعية للأحداث.
من المهم أن نسيطر على أنفسنا عند التعرض للتوتر، و أن نعي مهارات معينة لمساعدتنا على مواجهته والتكيف معه حتى نستطيع أن ننظم ردود أفعالنا، علينا أن نتعرف على المواقف الضاغطة في حياتنا وكيف تؤثر على مشاعرنا وسلوكاتنا، بما فيها من تأثيرات سايكولوجية كالغضب والحزن والإكتئاب والسوداوية. أو تأثيرات فسيولوجية كسرعة التنفس ، زيادة ضربات القلب ،احمرار الوجه أو الرجفة وغيرها . و من المفيد في هذه الحالة أن نميل للتفكير بطريقة إيجابية رغم صعوبة الموقف. واستبدال الأفكار السلبية والمزعجة بأخرى إيجابية ومريحة . إن الكثير من الناس يفكرون بهذه اللحظات بطريقة فيها تضخيم ومبالغة مما يزيد من شدة التوتر ، و علينا الإستعداد للمواقف المثيرة والضاغطة ومواجهتها بدل الهروب والتجنب ، والتعامل مع اللحظات المستفزة بمهارة عقلية وصلابة نفسية حتى نستطيع تجاوز هذه اللحظات الصعبة، ويتم ذلك بالتدرب على الإسترخاء العضلي وتنظيم التنفس، والإسترخاء العقلي كتحويل الإنتباه، وتشتيت الأفكار لأمور أخرى. ومن الضروري بهذه المواقف التركيز على الحديث الذاتي الإيجابي مع أنفسنا ، وأبعاد الحديث والأفكار الذاتية الهدامة التي تجعل لحظات التوتر تتغول علينا ، كأن يقول الفرد لنفسه "أستطيع تحدي هذه المواقف "أو "أنا قادر على السيطرة على هذه اللحظات المؤلمة ".
إن التنفيس والتعبير عن المشاعر للآخرين يساعدنا على تحقيق راحة نفسية ولو كانت مؤقتة، وعليه فمن الضروري وجود شبكات الدعم الإجتماعي في حياتنا كالأهل والأصدقاء، لأن هذا يعد إسناداًانفعالياً نحن بحاجة له .
هنالك أشخاص لا يستطيعون تحقيق التوازن بتعاملهم مع الضغوطات فالكثير من الشباب يستخدمون الكحول، المخدرات، التدخين والقهوة بشراهة كنوع من الهروب ، رغم أنها لن تزيد الأمور إلا سوءاً. وبالمقابل فإن تمارين الرياضة تحارب التوتر،و هي فرصة لاكتساب الأصدقاء وبناء شبكات تعارف، حيث أن تمارين التحمل تزيد إمداد الجسم بالأندرومينات التي تعالج الألم وترفع مستوى المزاج. إضافة للتأثير الإيجابي للسفر وتغيير المكان والاندماج بالأنشطة المختلفة.
كلٌ منا له أسلوب معين يستخدمه كوسيلة دفاعية للتخفيف من الضغط حيث أن الإنسان يسعى دائماً لتخفيف عبء الحياة عن كاهله. ويسعى وراء الراحة التي تعطيه الإتزان، و من الضروري عدم اسقاط التوتر على المحيطين بنا ، وتحويله الى عصبية وعنف وعدوان تجاه الآخرين كالأطفال أو الزوجة أو كبار السن ،لأن معدن الإنسان وقوته الداخلية تظهر بالطريقة التي يصمد بها تحت وطأة الضغوطات النفسية التي نفسرها كما نريد.