تأملات في النهج الاعلامي الجديد
د. محمد كامل القرعان
23-06-2018 12:38 PM
يستطيع الاعلام الوطني بشقيه الرسمي والاهلي ان يتوافق بخطابه الاعلامي مع نهج الحكومة الجديد في مجال تعاملها مع الملفات الاقتصادية والسياسية كما تعهدت هي امام منصات الاعلام بشفافية ومكاشفة .
ويمكن للمؤسسات الاعلامية خلال هذه المرحلة الدقيقة بالذات ان توظف اداواتها بالتأثير والاقناع على صانعي القرار السياسي وصياغة الرأي العام من اجل تحقيق توافقات وتعميق مبادئها وممارسة مبدأ حق المساءلة .
وهنا تحديدا وبما ان الحكومة جادة تماما في تبني نهجا جديدا فذلك يتطلب منها بالضرورة تطوير عمل مؤسساتنا الاعلامية القائمة لتحقيق اهدافها الاستراتيجية واحداث تأثيرات واقعية محتملة سواء كان ذلك على المستوى الداخلي او المستوى الدولي فضلا عن اعتماد المجتمع عليها في اعتقاده واتجاهاته ومواقفه المختلفة نحو تلك التحديات الاقتصادية الداخلية الصعبة في الواقع الذي نعيش او الاحداث والسياسات التي تقع في محيطنا العربي .
وللاعلام ادوار باعتباره همزة الوصل ما بين الحكومة وما بين المجتمع كونه يعبر عن فكر الدولة وفلسفتها ونشاطها وبرامجها وتاثيرها على الجتمع ودوره ايضا في قدرته على الترويج لتلك الغايات ، وكما له دور ايضا لا يقل اهمية عن تلك في تلقي ردورد افعال المجتمع وقادة الرأي والنخب نحو سياسات الحكومة وقراراتها ومواقفها ، ما يساعد في كل العمليات على صنع القرار السياسي واتخاذ القرار الاقتصادي بتوافق وتطابق واحد بمهنية عالية ومسؤولية وطنية.
فتادية وظيفة سياسية مهمة جدا لا يستهان فيها للاعلام ، لا سيما انه يتعامل مع مجتمع ثلاثيه شباب واع مثقف متعلم مدرك ، ويجب ان يطوع الاعلام رسالته الصحفية بعيدا عن التذاكي على الجمهور ومحاولة تضليله بل بشكل يتجاوب ومعطيات المرحلة الحالية وبما يوفر المعلومة الصحيحة للمجتمع الذي يرنو لها ، و يتبنى الاعلام نهجا جديدا يتوافق مع ظروف المرحلة الحالية الموسومة بالتحديات الصعبة الى جانب القيام بدوره في بث روح الامل والتفاءل لدى المجتمع والتركيز على الجوانب الايجابية والمشرقة للمستقبل و التطلع نحو تحقيق المنشودة من تلك الامال والتي يترقبها الاردنيون بفارغ الصبر.
وبحكم ان الاعلام هو الرقيب و السلطة الرابعة فانه الاقدر وبما يتوافر له من ادوات ووسائط تمكنه من قراءة المشهد بشيء من التفاصيل والتأني والتحليل والتفسير ، فالجو العام المفعم بالحيوية والنشاط والايجابية يمكن صانع القرار وصاحب الولاية اتخاذ قراره الصحيح الذي يخدم الصالح العام و المبني على المعلومة الدقيقة وهذا دور مناط بالاعلام الوطني المسؤول الساعي للحقيقة بالاقناع والابتعاد عن التضليل والاشاعة واثارة الفوضى.
اذا فإن للاعلام دورا اساسيا في تبني المواقف وصناعة الرموز الوطنية واحيانا هدمها واشاعة السلبية والاحباط حولها والذي بدوره يدفع صاحب القرار الى السرعة و التخبط في اتخاذ قرارات بغية ارضاء الافراد وتهدئة الغضب الشعبي على حساب بعض المصالح العليا ، وان تطور وسائط الاعلام وادواته وفنياته يحتاج الى ادارات تتمتع بالكفاءة والاقتدار للتعامل معه وادارته بانفتاح سيما نعيش بعصر ظهرت فيه وسائل اعلام حديثة و شبكات التواصل الاجتماعي ومنصات اعلامية شعبية تميزت بالسرعة في نقل الخبر والفيديو والصورة والصوت قبل بثه بوسائل الاعلام المعروفة لدينا والتي غابت عن المشهد الاحتجاجي الاخير على الرابع ؟؟؟
ومن الاهمية هنا البحث عن مفهوم اعلامنا ودوره واهم المشكلات التي تواجهه ومحاولة تفعيل مسؤوليته الايجابية ازاء النهج الجديد ! وينبغي للاعلام تفعيل العلاقة بين الدولة والمجتمع من خلال فتح منصاتها بحرية وامانة وتوسيع المجال امام الراي العام ليعبر عن طرحه وعدم تغيبه خاصة في الاعلام الحكومي لتعزيز الثقة فيه وبالتالي لتبادل الحوار السياسي بين الدولة والمجتمع والمعارضة. امام تلك الاحتمالات والتوقعات ينبغي ايجاد ادارات اعلامية تتمتع بكفاءة واقتدار وقادرة على التعامل مع الاعلام الحديث وتطلعات جيل الشباب الواعي المدرك لاحتياجاته ومتطلبات الوطن. وما طرأ على الاعلام والمعلومات جعلته يخترق الحواجز والحدود والاهم العقول والتلاقي والتواصل والتواحد حول الهموم والبرامج .
لذا ادارات اعلامية قادرة على استيعاب معطيات النهج الجديد وقادرة على التعامل مع الاعلام الرقمي كونها اصبحت امام استحقاق كبير فيما يتعلق باستخدام الاعلام الحديث والالكتروني لايصال مضمونها بشكل تستطيع مخاطبة العقول والافكار وتستطيع منافسة شبكات ووكالات والصحف العالمية التي يمكنها ان تستحوذ على عقول الناشطين ومستخدمي الانترنت لمجرد ان ولوجها سهل او مجاني .
لا بد من ادارات اعلامية واعلاميين تستوعب هذه المساءل بالاضافة الى سرعة المعلومة وتناقل الاخبار وانتشار الرواية والذي اثر ببعض الاحيان وادى الى اختراق سيادة الدول خاصة ان "اعلام العولمة" بخطورة بمكان ان تبعيتها لشركات اعلامية كبرى وخاضع لمنظومة تكنولوجيه معقدة لا تلتزم بالحدود الوطنية ولا بالاعراف والتقاليد المجتمعية.