عندما تذكر الدولة العميقة غالبا ما يشار الى العسكر والمثال التركي دائما كان جاهزا.
أول ما يتبادر الى ذهن أي رئيس وزراء عقب تشكيل الحكومة هو التصريح بأن فريقه الوزاري من اختياره هو، ومسؤوليته هو، ولا يغفل أن ينوه بعدها بأن حكومته ذات ولاية عامة حقيقية.
لماذا يحتاج رئيس الوزراء الى بث مثل هذه الرسائل ؟.
مواجهة انتقادات التشكيل هي السبب , فإن لم تنل التشكيلة الرضا أو كانت ضعيفة أو اقل من المستوى المأمول أو أنها لم تعكس ما هو متوقع من رئيسها يسوق محبو الرئيس تبريرات مثل التدخلات والضغوط وهناك من يذهب الى ما هو أبعد فيرد ضعف التشكيل الى قوائم جاهزة مفروضة وإن لبت التشكيلة الطموح فيرد ذلك الى الرئيس وقوته التي منعت التدخلات , أي أن قوة الحكومة ترد الى شخصية الرئيس وضعفها يرد الى التدخلات !.
بين هذا وذاك يبرز مصطلح الدولة العميقة بمعنى دولة في داخل دولة ودورها في تشكيل الحكومات , فهل لدينا دولة عميقة ؟.
ولا مرة أطاحت المؤسسة العسكرية بكل أشكالها – جيش ومخابرات وأمن عام- بحكومة أو فرضتها أو
ساهمت في تشكيلها أو تمثلت في عضويتها فهذه المؤسسة أفرادا وقيادات ممنوعون من التدخل
بالسياسة ومحظور عليهم الإنتماء الى الأحزاب ولا ينتخبون أو ينتخبون , فأين توجد الدولة العميقة إذا؟
في الأردن دولة عميقة لا تتمثل فقط في جهاز الدولة البيروقراطي بل تتعمق في النقابات المهنية و الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني ، والهيئات والمؤسسات الاقتصادية ، من غرف تجارة وصناعة وجمعيات بنوك ومقاولين واتحادات المزارعين والإعلام وأخيرا الحراكات.
هذه هي الدولة العميقة في الأردن وهي التي تتحرك بقوة , تحتج على القوانين وتنظم المسيرات والمؤتمرات والإعتصامات وتضغط على الحكومات تدفعها الى الإستقالة أحيانا وتهيئ الأجواء لإقالتها أحيانا أخرى , وتدفع بالوزراء الى الحكومة وترحب برؤوساء الوزراء وترفضهم وتفرض شروطها أيضا.
على فرض أن دولة عميقة تجلس في مكان ما هي التي تشكل الحكومات أو تقيلها , فإن رئيس الوزراء الذي قبل ورافق فريقه الى القسم هو المسؤول الأول والأخير عن هذا الفريق , وإلا فعليه أن لا يقبل أو يستقيل ويتبرأ من التشكيلة أو ليصمت ويعترف بفشل خياراته
الراي