لو قدر لي أن أدخل في لعبة الأمثال لأجريت تغييرا طفيفا على المثل القائل أشبعتهم شتما، وفازوا بالإبل» ولقلت أشبعونا شتما وفازوا بالإبل !.
لكن لماذا سأجري هذا التغيير ؟, هو واقع الحال , خذ مثلا إسرائيل تشتمنا ليل نهار ونحن كذلك لكنها دائما تفوز بالإبل , حسنا دعك من إسرائيل , لنعد الى سياقنا , , ونحن نرى أن أصحاب الصوت العالي دائما يفوزون بالإبل , وطلاب الشعبية تأتيهم الإبل الى عقر دارهم , ماذا قد نفعل أو نغير من هكذا واقع , طبعا محال لأن الناس بطبعهم يحبون الشعبية التي تدغدغ مشاعرهم وتلبي آمالهم حتى لو لم يروا منها شيئا على أرض الواقع وحتى لو أن الوعود كانت بحجم الجبال وحتى لو كانت كل الغيوم سرابا .
مثلا لن يستطيع العرب محوا أثار نكسة حزيران , ليس لأن ذاكرتهم متيقظة بل لأن الوعود كانت بحجم الجبال ولأنهم دائما كانوا يصدقونها وحتى لو أنهم ينتصرون في حرب أو في سلام .
أنا على سبيل المثل قررت أن أشطب حرفا واحدا في اللغة العربية الجميل مع أنه من الأحرف الجميلة وهو حرف السين , لطالما كانت كل خطبنا تبدأ به فهو عنوان الوعود الجميل , هو عنوان لكثرة ما أستخدمناه أصبح عنوانا للاشيء .
لو قيض للنصائح أن ترى النور أفعالا و لأسديتها للمسؤولين في بلدنا وفي دولنا العربية، «أشطبوا حرف السين» من خطاباتكم , تحدثوا فقط عن الأفعال حتى لا تصبح خطاباتكم وعودا لا تفضي الى شيء , فبين الكذب والصدق «سين».
المثل يقول « أن أعرابيا هجم عليه لصوص وسلبوه إبلا كان يرعاها، فهرول إلى قومه يروي لهم الواقعة، وحاول ختاما أن يوحي لهم بقوته وسطوته، وبالتوازن مع اللصوص بقوله: «أشبعتهم شتما، وفازوا بالإبل !».
التغيير سنة الحياة نصفق له ونغتنمه ومعه نشبع الماضي باللعنات وفي كلا الحالتين هناك من يفوز بالإبل ويمضي بها وهكذا .. إذ سرعان ما تتحول هذه الحالة الى سنة للحياة وننسى السنة الأصلية وهي التغيير , فيصبح بلا معنى ولا سبب .
هكذا ، سارت الأمور لعقود كثيرة، وما زالت الحناجر تنجب المزيد من الأصوات في الميادين والإحتجاجات وهناك دائما من يختبئ بعيدا ويفوز دائما بالإبل , لكن حسنا لنتجاوز قليلا لغة الإيحاء , ما ذكرني بهذا المثل هو المخاض الذي لم يخرج منه بلدنا بعد ولا أدري ما إذا كان قد أنجب أم بإنتظار ولادة عسيرة أو هو حمل كاذب على أننا لا نملك سوى الإنتظار على أعتاب الحواف لنرى من سيفوز بالإبل .
لو أن من يفوز إنما يكفيه بالإبل فهذا أهون الشرور على أن لا يأخذ مع الإبل الأبقار والاغنام والشياة والدوجن حتى بيض المائدة .
سنبقى نشتم ونوسعهم حتى تمتلئ الدنيا وسيبقى هناك دائما من يفوز ويسوق الإبل.
الرأي