حكومة الذهبي بعد تقليم الاقاليم
ماهر ابو طير
05-05-2009 04:10 AM
كلام الملك ، حول ان مشروع الاقاليم ، سيكون على مستوى المحافظة ، يعني ببساطة ووضوح ان الملك بدد كل المخاوف ، حول مشروع الاقاليم ، بصورته الاساس ، من تكريس للهويات الثانوية ، واستنبات للزعامات المحلية ، وغير ذلك من اخطار ، وان الملك تجاوب مع نبض مواطنيه المتشككين حول جدوى المشروع.
حاكم الفايز ، الشخصية السياسية المعروفة ، كتب مقالا قبل ايام ، رفض عبره مشروع الاقاليم ، باعتباره سيؤدي الى تقسيم الاردن ، الى اتجاهات جهوية ثلاثة ، وطاهر المصري رئيس الوزراء الاسبق ، احتج على استثناء عمان ، من المشروع ، وشاركه ذات الرأي رئيس الوزراء الاسبق عبدالرؤوف الروابدة ، وافتى كثيرون حول المشروع برمته ، حتى ان البعض خرج ليتحدث عن "الاقليم الغائب" اي الضفة الغربية ، وان مشروع الاقاليم ، يمهد لعودة الاقليم الرابع ، ودمج عمان بهذا الاقليم ، وتعددت الاراء ، وكان واضحا ، ان الخوف هو المسيطر من هكذا مشروع.
رئيس الحكومة ، اضطر الى ان يحمل المشروع ويسوقه ويدافع عنه ، باعتباره ، مطلوبا ، والمفارقة اليوم ، ان التحول في مشروع الاقاليم ، يؤثر على عمر الحكومة ، التي كان يرى محللون ، انه سيطيل في عمر الحكومة ، حتى يمر المشروع ، في اطلالته ، وفي نهاياته التشريعية ، التي كانت سوف تستغرق وقتا ، واذا قرأنا الحديث عن التحول في فكرة الاقاليم ، من اقاليم ، الى انعاش لدور المحافظات ، نعود الى وصفة المجلس التنفيذي والمجلس الاستشاري في كل محافظة ، بصيغة جديدة مطورة ، لكنها لا تعني بأي حال من الاحوال ، بقاء مشروع الاقاليم ، وتعني من جهة اخرى ، ان وجود الحكومة قد يتأثر ولو جزئيا ، بعد هذا التحول ، لان جزءا من اجندتها ومهماتها ، قد تبدد ، وتغير ، ومن هنا يمكن قراءة احد تأثيرات هذا التغيير على المشروع.
لا يمكن تسويق اي مشروع ، دون ان يقتنع الناس به ، والمخاوف التي اثيرت ، مشروعة ، حتى ان كان بعضها غير منطقي ، فمن حق الناس ان تبدي رأيها بخصوص وطنها ، وبخصوص اي مشاريع ، فلا الموافق اعمى ولا المعترض خارجا عن الصف ، والقصة برمتها لا تعدو كونها عصفا ذهنيا محليا مثيرا استفاد صاحب القرار منه كثيرا ، لمعرفة اراء الناس ، وحين تسمع عن وجهاء محليين ، تنشطوا فجأة وقرروا الاستعداد لانتخابات الاقاليم قبل اسابيع ، وانشاء روابط اجتماعية ، وعشائرية جديدة ، تعرف ان ترجمة المشروع على ارض الواقع ، كانت مجرد انتاج للواجهات الاجتماعية ، على الاقل من جانب من استعدوا للمشروع بهذه الطريقة.
مشروع الاقاليم ، الذي تم انتاجه قبل سنوات ، وتم وضعه في الثلاجة ، وخرج مؤخرا ، جوبه ايضا بعاصفة من الرفض ، ومن الواضح ، ان كل مشروع جديد يجابه بالرفض ، من حيث المبدأ ، وهذا يعكس وجود قلق شعبي من المستقبل ، ومن اهم القراءات ، التي يخرج بها المراقب ، القاسم المشترك للقلق ، تجاه مختلف المشاريع التي خرجت خلال السنوات الماضية ، فهناك ثقافة شعبية ، تغذيها النخبة قائمة على الشك ، وهنا نستنتج ببساطة مدى الصعوبة التي ستبرز ايضا تجاه اي افكار ومشاريع قد يأتي بها المستقبل ، وهذا يوجب تجديد آليات الخطاب والمخاطبة وايصال الافكار ، وحالة الثقة بين الحكومات والناس ، لان هناك فجوة واضحة ، تتعلق بكون الناس يصدقون الرافضين ، لاي مشروع ويشكون دوما في المصفقين.
ما بعد اعادة انتاج مشروع الاقاليم ، وتحويله الى انعاش للمحافظة ، وهو تحول ناعم ، يعكس تراجعا شبه كامل عن المشروع ، هو الاهم ، ولعل السؤال: هل ستتأثر استمرارية حكومة المهندس نادر الذهبي ، سلبا ، بهذا التحول ، الذي يعتبر بمثابة تقليم لاظافر مشروع الاقاليم. وهو سؤال لمن يعرف الجواب؟.
بعضنا كان يخاف من "الاقليم الغائب" فاذا بالمشروع كله يصح وصفه اليوم بـ"المشروع الغائب".
m.tair@addustour.com.jo