تشهد عمان نشاطا دبلماسيا عال المستوى ضمن اطار التوجهات والجهود الدولية بتفيل العملية التفاوضية حول القضية الفلسطيية , حيث ادركت الاوساط الامريكية والاسرائيلية والدولية أن التعامل مع القضية الفلسطينية دون دور اساسي للاردن مسالة غير منطقية , وان أي وسائل ضغط اوتهديد للاردن لا يمكن ان يكون ذا جدوى , و في جو عام يدرك فيه العالم وسطية النظام السياسي الاردني ورؤياه المعتدلة القائمة على الحوار والاعتدال , ومواقفه الانسانية التي نابت عن العالم في تحمل أعباء الحروب والدمار والصراع في المنطقة . حيث استطاع ان يحصل على ثقة وتقدير الاوساط السياسية في مدارس الممالك السياسية العالمية .
الادارة الامريكية وبعد ان تعمقت شيئا ما في واقع القضية الفلسطينة , ادركت ان اسلوب (العنترية ) والفرض والتهديد والانحياز المكشوف لا يمكن أن يصنع سلاما , أو يحقق أمنا للطراف كافة , وان التحشيد ومحاولة الحصار السياسي والاقتصادي , وخاصة للسلطة الفلسطينية ومن يقف معها كالاردن لن يغير من المعادلة ولا مكوناتها بل على العكس سيزيد من تشبث شعوب هذه المنطقة ومن خلفهم في الامتين العرية والاسلامية وشعوب العالم المعتدلة , خاصة وأن الامة العربية مؤمنة ومتمسكة بثوابت العملية السلمية, والمبادرة العربية التي طرحتها القمة العربية لعام 2002 في بيروت.
زيارة نتنياهو وبعهده كشنير وكبير مساعدي الرئيس للشرق الاوسط ومن ثم الرئيسة ميركل وغيرهم من الوفود والمبعوثين , لم ولن يجدوا في الاردن إلا جوابا واحدا راسخا وثابتا حول حل القضية الفلسطينية والوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس . وهذا هو لسان حال الاردن في الماضي والحاضر والمستقبل.
ادارة ترامب فقدت اهليتها كوسيط لحل القضية الفلسطينية لانحيازها المطلق مع اسرائيل ’ وإقفال آذانها للناصحين في منطقتنا واكتفت بما تقوله اسرائيل متحدية الامتين العربية والاسلامية والعالم اجمع بنقل السفارة للقدس , مما وضعها هذا الموقف المنفرد في حالة عزلة سياسية خاصة بعد التهديدات الكبيرة الموجهة لإروبا والصين والشركات العالمية الكبيرة ضمن اطار الاتفاق النووي مع ايران وقرار ترامب بالتوقف عن الاتفاقية وانسحاب امريكيا منها .
امريكيا تحاول كسر هذا الجمود من خلال تحريك عملية السلام في الشرق الاوسط ولكن ضمن استراتيجيتها وتحاول مع الاردن ولكن من باب آخر غير الذي حاولت به في البداية وبأسلوب العصا والجزرة , ليسمعوا من الملك نفس الموقف الذي سمعه نتنياهو وستسمعه ميركل , وغيرهم من المسؤولين الدوليين الذين بحثوا وسيبحثوا مع الملك القضية الفلسطينية , فالقدس تنطوي تحت الحل النهائي وهي عاصمة السلام وللأديان جميعها , وسياسيا ستبقى القدس الشرقية عاصمة دولةفلسطين ولا كنفدرالية بدون دولة مستقلة على تراب فلسطين , وستبقى الوصاية الهاشمية على المقدسات هي قوة تمسك الاردن بالدفاع عن المقدسات الاسلامية والمسيحية بالقدس نهايكم عن الشرعية الدولية والمبادرة العربية. التنسيق الاردني الفلسطيني في درجته المتكاملة , وقوة هذا الموقف برز في التوحد الكامل آبان نقل السفارة الامريكية, والاحتجاجات العالمية على ذلك حيث كان الموقف الشعبي والحكومي ,السياسي والاجتماعي موحدا وذا قوة صارخة خاصة مع تراجع واضح في مستويات التعبير لدى الكثير من الدول العربية .
الدور الأردني موجود ولغز حل القضية الفلسطينية على أساس الشرعية الدولية سيبقى متوافقا ما بين الاردن والسلطة الفلسطينية ولا بديل هنا عن حل الدولتين هذا لمن يريد حلا عادلا وشاملا ترضى به الاطراف جميعا.
الادارة الامريكية الحالية بدأت تتفهم أكثر واقع الحال وصعوبة فرض الحلول واصبحت تدرك انه لا بد من الوصول لمنطقة المنتصف رغم وقوفها الدائم والمعلن مع الدولة الاسرائيلية , وانحيازها التام لها . فاعادة دورها كوسيط يحتاج الى تعديل المواقف واثبات حسن النوايا , خاصة بعدما طرحت السلطة الفلسطينة بدائل الاروبيين وروسيا والصين واللجوء الدائم للامم المتحدة التي سببت حالة من العزلة السياسية لادارة ترامب . وشكلت بذلك حالة من الانتقاد الشديد في الشارع الامريكي لسياسة ترامب ومغامراته غير المدروسة . فتقارب واشنطن مع بيونغ يانغ هي جزء من استراتيجية كبيرة للسيطرة كليا على منطقة الشرق الاوسط بعد الامتداد الروسي في سوريا ومحاولة الاحاطة بايران التي تشكل البعبع الاكبر لاسرائيل . من هنا فان استراتيجية تقويض ايران واضعافها يحتاج الى التعامل مع قضايا الشرق الاوسط وخاصة الفلسطينية بطريقة اكثر عمليا ومنطقيا .
نتطلع لهذا النشاط الدبلماسي وهذا الزخم لاعادة احياء القضية لفلسطينية غير أن المطلوب موقف عربي موحد وقوة دبلماسية موحدة تفرض رأيها وتقايض وفق اطار المصالح المشتركة , فإدارة ترامب والاتحاد الاروربي حريصة بأولوياتها الكبرى على مصلحها الاقتصادية ؛ افلا ندخل من هذا الجانب دون ان نكون مغالين بغير مطالبنا الشرعية . الايام القادمة ملأى بالمفاجآت والاحداث .