مثلي مثل غيري من أبناء بلدي على امتداد القرى والمدن، ممن نشأنا بين صخورها و وديانها، وزرعنا أرضها، و عشنا حلوها ومرها من الأيام، نعتبر بلدنا كجسمنا نتألم له إذا اشتكى، ونغار عليه إذا أصابه مكروه.
الأردنيون جزء من الأمة العربية، عاشوا آلامها وأمالها، ولهم دور في نهضتها، وساهموا بعقولهم وسواعدهم في
هذه النهضة، الأردنيون هتفوا للجزائر، وقلبهم مع مصر، واستشهدوا في فلسطين، وعمروا في الخليج، وقفوا مع العراق، لم يقصروا في واجبهم القومي، الان الأردن في أزمة، في نظري هي الأخطر في تاريخه، كادت أن تعصف به، صحيح ان جزءاً كبيراً منها من صنع ايدينا، ونحن الأولى بمواجهتها ليس بعقلية الفرد، ولا بالاقصاء، بل بالتلاحم الوطني، إعادة الاعتبار لمفهوم المؤسسات، و الرأي المشترك، وتحمل المسؤولية الجماعية، بشرط أن يؤسس لذلك، الحديث عن عقد جديد، بين الدولة والمواطن، ليس جديداً، فالأردن في نشأته السياسية الحديثة قام على هذا العقد، المواطن حجر الزاوية، وعي المواطن اليوم، و بفعل التطور الحديث، أصبح أكبر، و فهمه للامور أعمق، وتقييمه للأحداث أدق و أصوب، نحن بحاجة إلى حراثه جديدة للأرض، وزراعتها، لا أقصد المفهوم المادي للزراعة، وإنما أقصد منهج جديد للمشاركة الإيجابية، الأردني يقول الوطن أغلى واهم من الأشخاص، والتضحيه بالأشخاص اهم واجدى من التضحية بالوطن، لا نكتفي بالحلول التقليدية التي لم تعد ترضي المواطن، الاردن ليس سوبر ماركت، ناخذ من رفوفه وهي ملأى بالمواد، و نتركه عندما تفرغ رفوفه منها، انه وطن، بكل ما فيه بعجره و بجره.
عندما هاجم نابليون روسيا، وبدأت الجيوش تتقدم، مرت الجيوش على راعي غنم، سأله الجنود أسئلة عن مواقع الجيش، قال لهم، لا استطيع القول، وبجانبي شخص يمكن أن يدل علي، ماذا نعمل بهم، اقتلوه، كان الشخص هو ابنه، حتى لا يضعف إذا اصابه مكروه، فقتلوه، حاولوا جاهدين اخذ معلوماتهم رفض، علموا يده، أخذها و قطعها، فقال الجنود، من هنا تبدأ الهزيمة، هذه حال الأردنيين تقطع ايديهم ولا يصيب وطنهم مكروه.
الأردنيون على استعداد للتضحية إذا تمت مكاشفتهم و عرفوا أين تنفق ضرائبهم، وكيف جارت مديونيتهم، وما هي وسائل حلها، الأردنيون يعرفون بعضهم البعض، حاضراً وماضياً، ولا يقبلون أن يكون تقييمهم بصورة لا تعكس تاريخهم، الأزمة ليست سهلة ولا زالت قائمة، ولا بد من إعادة النظر في اسلوب حلها، ليس بالترقيع ولا بالتسويغ والتمرير، وأنما بالحقيقة التي وإن كانت مرة، ولكنها العلاج، قيل إذا سودت الأمر لغير أهله كانت كارثة، الاردن ليس سيارة سياحية، تقودها ثم ترجعها إلى صاحبها، أنها سيارة ملك لكل الأردنيين، الاردن فيها رجال ونساء كالدر المكنون، لم نحاول ان نغوص عليهم لنقدمهم، وتساهلنا في أخذ المعروف لدينا، الذي ليس بالضروره أنه الأصوب ولم نقدم أهل الكفاية على أهل الولاء مع اننا كان بإمكاننا الجمع بينهما.
الرأي