تحديات أمام الحكومة ما بعد ازمة التشكيل
عمر الرداد
20-06-2018 04:15 PM
يتابع الشارع الأردني متابعة "مجهريه" ليس لقرارات الدكتور الرزاز وفريقه الوزاري، خاصة الاقتصادية المرتبطة بحزمة الضرائب والأسعار ،بل لترجمة تلك القرارات، في ظل إدراك عميق للنوايا الطيبة لشخصية رئيس الحكومة ،وان النوايا الطيبة وحدها لا تكفي لتحقيق الانجاز، خاصة بعد الإحباط الذي تسببت به التشكيلة الحكومية،رغم عدم وجاهة بعض التحفظات على بعض الوزراء والمرتبطة بأسباب شخصية لا علاقة لها بالبرامج والعمل، والقناعات التي تتردد بان جزءا من الفريق الوزاري تم فرضه على الرئيس،من قبل مراكز قوى وضغط نافذة، رغم نفيه لذلك في مؤتمره الصحفي الأول.
الدكتور الرزاز شخصية إصلاحية ،اقرب للتيار الليبرالي الديمقراطي، حصل على فرصة دعم ربما لم يحصل عليها أي رئيس وزراء أردني سابق(دعم من فوق ممثلا بالتكليف الملكي وخارطة طريق لاختيار الوزراء والنهج العام للحكومة،ودعم من تحت ممثلا بردود فعل المتظاهرين على الدوار الرابع بأنه خيار مناسب لقيادة المرحلة)، فقد أسهم تكليف الرزاز بإشاعة أجواء من الارتياح ،سرعان ما انقلبت إلى مخاوف وشكوك بعد الإعلان عن تشكيلة فريقه الوزاري، وبدأت مقولة ان النوايا الطيبة التي يتمتع بها الرئيس لا تكفي وحدها لتحقيق الانجازات و"حلحلة" الأزمة الاقتصادية تتردد في أوساط عديدة.
ستتجاوز الحكومة قضية التشكيل عما قريب، الا ان ثلاثة تحديات رئيسية ستبقى تؤرق الفريق الحكومي ورئيسه في المدى المنظور وتحدد الموقف منه وهي الأول:ضغوطات من الرأي العام باستعجال استصدار قرارات اقتصادية وترجمتها بشكل فوري على الأرض،والثاني:قوى بيروقراطية ومن الحرس القديم غير راضية عن تشكيلة الحكومة ،لن تعدم الوسيلة لبذل قصارى جهدها للعمل على إفشالها ،والثالث: مجلس نواب متحفز بكتله وأعضائه لإرضاء الشارع، في ظل شكوك وقناعات هذا الشارع بان المجلس تواطئ مع الحكومة السابقة في تمرير قرارات اقتصادية غير شعبية.
القوى المشكلة للتحديات المذكورة،لديها فرصة للتوحد في حال إبطاء الحكومة باتخاذ قرارات ،مرتبطة بالسياقات والأسباب التي جاءت خلالها ومن اجلها ،في ظل شارع يطالب الجزء الأكبر بحل كافة المشاكل والمعيقات المرتبطة بالإصلاح الاقتصادي والسياسي دفعة واحدة،واحتمالات إعادة إنتاج حراك تكتمل أسباب إعادة انطلاقه،تسهم فيه قوى ترى أنها أضاعت الفرصة في حراك الدوار الرابع، بدءا من حراك المحافظات، وقوى بيروقراطية تعتقد أنها خسرت معركة التشكيل ،ولاحقا التشكيلات في الديوان الملكي، إضافة لمجلس النواب، بما فيه جماعة الإخوان المسلمين، التي قد تكون مشاركتها القادمة في إطار مجلس النواب ومن خلال الشارع، هذا الشارع الذي يرجح ان تغيب عنه في اي حراك قادم التقسيمات التي برزت على هامش اعتصام الدوار الرابع بين حراك المركز وحراك الإطراف.
لا شك في ان هناك نسبة من المصداقية في مقولة ان حكومة الرئيس الرزاز بلا حلفاء حقيقيين،فلا الشارع الذي أنتجها بإسقاط الحكومة السابقة راض عنها ولا قوى تقليدية محافظة ، تريد أن تبقى أية إصلاحات مرهونة بتطلعاتها والحفاظ على مكاسبها ،وهو ما يتطلب من الفريق الحكومي دراسة عميقة للشارع ومطالبه، انطلاقا من عدم الاستخفاف به، كما تطرح أوساط من قوى الشد العكسي،وإدراك أن هناك وعيا جمعيا،يتجاوز كثيرا من ثوابت كانت قائمة،بما فيها الأصول والمنابت والكتل الاجتماعية،وان أقصى ما يمكن أن يقدمه الشارع مهلة محدودة جدا للحكومة لترجمة ما تقوله،لا ما تعد بتنفيذه.